إسماعيل عزام، الرباط (CNN)— يشهد المغرب هذه الأيام تساقطات مطرية هامة مصحوبة بعواصف في مجموعة من المدن تسبّب اختناقًا في مجاري الصرف الصحي كما وقع أكثر من مرة، إذ يستقبل المغرب تقريبًا في بداية كل موسم خريف، باستثناء سنوات الجفاف، أمطارًا قوية تسبّبت قبل سنتين في حصار عدد من المدن وإعلان بعضها منكوبة وقطع الكثير من الطرق.
وفي غمرة الأمطار، يتذكر المغاربة شخصية اشتهرت على المواقع الإخبارية والاجتماعية وهي تواجه الزخات المطرية القوية وتدلف إلى داخل حفرة للصرف الصحي بحي شعبي في مدينة الرباط حتى تساعد في تدفق المياه بما ينهي اختناق هذه الحفرة. يتعلّق الأمر بشخصية علال القادوس، الرجل الذي تلّقى إشادة واسعة في المغرب قبل سنتين وهو يقوم بعمل من المفروض أن يكون من مهام السلطات المحلية.
واشتهر علال بشكل كبير في تلك الفترة، واستضافته ميكروفونات الكثير من وسائل الإعلام المغربية، وانتشرت قصته في الشبكات الاجتماعية بشكل مطرد، فلقب بأوصاف كثيرة منها "المنقذ" و"ولد الدرب"، واستخدم هواة الفوتوشوب صورته في أماكن عديدة منها البرلمان كدلالة على رغبتهم بأن ينقذ هذه المؤسسة، غير أن الرجل، وبعد أسابيع من نمو سهمه، لم يعد يظهر سوى في بعض الصور التذكارية التي يلتقطها معه بعض مستخدمي المواقع الاجتماعية من حين لآخر، أو منشورات يذكّر فيسبوك أصحابها بها.
علال القادوس، واسمه الحقيقي هو مصطفى السملالي، كان يعمل في أحد الحمامات الشعبية بالرباط، واليوم يكابد لإيجاد لقمة الحياة. من حين لآخر يتجوّل في شوارع العاصمة الرباط دون أن يثير الأصابع ذاتها التي كانت تشير إليه بكثير من الافتخار قبل سنتين، في واحد من أكبر الأدلة على أن الاحتفاء بشخصيات المواقع الاجتماعية لا يعني أنها ستستمر في تلّقي هذا الاحتفاء على الواقع المادي، كأن فيسبوك يخلق أحيانا أبطالا افتراضيين بتوقيت صلاحية جد قصير.
وُصفت شخصية علال القادوس بـ"المهزوزة"، وينطلق من يستخدمون هذا الوصف من حلقة لم تبث بالكامل من برنامج "في قفص الاتهام" لإذاعة ميد راديو، فقد أبدى الرجل تصرفات جد غريبة وعرّى عن بطنه وكان يجيب بشكل غريب على أسئلة الصحفي كما قام بحركات لا تليق بضيف في برنامج إعلامي، ممّا أدى إلى إلغاء بث الحلقة.
ورغم خفوت نجمه الإعلامي وتقهقر هيبته الافتراضية، فإن علال القادوس، منقذ مجاري حي شعبي بالرباط من الاختناق، سيبقى دليلا على سوء البنى التحتية بعدد من المدن المغربية، عندما تفضح الأمطار واقعها وواقع غياب نجاعة في التدبير المحلي للخدمات الأساسية، وسيبقى دليلا على استعداد شريحة من المواطنين المغاربة للقيام بدور السلطات في اللحظات الصعبة، فهو "ابن الدرب" الذي لم يتخلّ عن دربه، رغم ما يمكن أن يقاسيه صحيًا جراء هذا الالتزام، ورغم ما قد يقال عنه بكونه مهزوز نفسيا.