هذا المقال بقلم سامية عايش، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
قبل نحو عام ونصف، أقام فريق فيلم "بركة يقابل بركة" للمخرج السعودي محمود صباغ عرضا خاصا للفيلم في دبي، وهو فيلم أجده شخصيا واحدا من أفضل الأفلام العربية في سوق سينمائية ناشئة. بعد الفيلم، تساءلت في نفسي: "أيعقل أن نراه نحن في الدول العربية ومهرجانات العالم، ولا يراه السعوديون أنفسهم داخل بلدهم؟"
هذا العام، ارتاح بالي بعد الإعلان عن منح رخص افتتاح صالات للسينما في أرجاء المملكة، وأمس سمعنا جميعا خبر منح شركة AMC الأمريكية رخصة افتتاح صالات العرض هذه.
وفجأة، بدأت التكهنات تدور حول هوية الفيلم الأول الذي سيشهد افتتاح عصر جديد في السعودية، وكما أعلنت عدة جهات إعلامية الفيلم الأول هو "النمر الأسود"، من سلسلة مارفيل، والذي حقق إيرادات خيالية حول العالم.
كثيرون هللوا، وصفقوا وسعدوا بهذا الاختيار، فيما أثار اختيار "النمر الأسود" حفيظة البعض، ولكن ولأي سبب، لا يجب أن يكون هذا موضع اهتمامنا، ففي النهاية، الفيلم الأول ليس هو المهم، ولكن الرؤية التي ستعتمدها السعودية في جعل هذا التحول انعكاسا لإبداع شبابها وبناتها، وتجسيدا لتاريخ عريق من الثقافة، التي آن الأوان لها أن تتركز في المجال البصري والسينمائي، هو ما يجب أن يهمنا.
أول نقطة ترد في أذهان الكثيرين هي مدى تدخل الرقابة على الأفلام بصورة عامة، وهل سيؤثر ذلك على توزيع أفلام معينة دون الأخرى؟ الخوف كل الخوف أن تصبح صالات العرض السينمائي في السعودية شاشات لعرض أفلام الخيال العلمي التجارية، والتي لو حذفت أي مشاهد حميمية فيها فلن تؤثر على السير الدرامي للفيلم.
وبالعودة إلى فيلم "بركة يقابل بركة"، هل ستجد مثل هذه الإنتاجات مكانا لها على شاشات عرض AMC؟ فسوق الأفلام العربية بالكاد يغطي تكاليفه، فكيف إذا بسوق ناشئة لا زالت تتلمس خطاها؟
إن تم عقد أي نوع من الاتفاق حول ضرورة عرض أفلام سعودية بين وقت لآخر، وتشجيع السعوديين على مشاهدتها، فأعتقد أن هذا لن يشجع في إنتاج الأفلام المحلية، وإنما ستقوم صناعة أوسع في المنطقة، يليها إقبال على مشاهدة هذه الإنتاجات.
وإن استخدمت صالات العرض السينمائية فقط لجلب أفلام هوليوود، فلن تقدم أي جديد للشباب أو المتعطشين لتجارب سينمائية جديدة، فالخدمات الرقمية مثل "نتفليكس" و "غوغل بلاي" و "آي تونز" تزخر بمثل هذه الأفلام وبأسعار قد تكون أقل من الذهاب إلى السينما.
صالة السينما أداة مفيدة في يد الدولة لتحفيز المبدعين وتشجيعهم على تقديم الفن الذي يعكس ثقافتهم وحضارتهم، وكل ما نتمناه هو ألا تنجرف هذه الخطوة وراء تسليع السينما وحصرها في إطار تجاري، بل على العكس، أن تعكس ثقافة غابت عن الحضارات لنحو 40 عاما، وعادت لتشرق من جديد.