مقال رأي للزميلة سامية عايش، المتخصصة في التغطية السينمائية والفنية على موقع CNNArabic. المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتبة ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.
في كل عام، وبالتحديد في شهر رمضان، بدأت أتساءل إن أصبح مسلسل "الهيبة" الضيف الدائم الذي يطرق شاشاتنا، ليصبح حديث الناس، وتشعر بأن عليك أن تتابع عملا بدأ جيدا، ولكنه أصبح لاحقا يبني نجاحه على جزئه الأول.
خمس حلقات عرضت حتى الآن، قد لا تكون كافية لتحكم عليه، ولكنها تعطيك مؤشرا على توجه العمل وقصته. ومن هذه الحلقات، لم يكن هناك الجديد سوى ظهور سيرين عبد النور بشخصية الإعلامية نور، إضافة إلى شخصية علي، الذي يبدو أنه صديق الطفولة لأبناء عائلة شيخ الجبل.
الأنظار دائما ما تتوجه إلى "جبل"، فنجم مثل تيم حسن بكل وسامته والكاريزما التي قدمها في هذه الشخصية، تجعله يستحق هذا الاهتمام، ولكن وبالنظر إلى بداية "الهيبة الحصاد" هذا العام، يبدو أن "جبل" لن يقدم الجديد، بل قد يقدم أداء يمكن أن أصفه بـ"المسرحي" نوعا ما، كما في المشهد داخل السوبر ماركت في الحلقة الثانية، حين أشار للبائع بأن يعطيه القبعة على رأسه.. كان المشهد مسرحيا خالصا من دون أي داع.
وبالحديث عن الشخصيات، باعتقادي ستكون لدى النجم أويس مخللاتي فرصة ذهبية للظهور بشكل مختلف ومميز في هذا الجزء، خصوصا وأنه يقدم شخصية الضرير، وبالتالي عليه التعامل مع محيطه الآن بشكل مختلف... مسار يغير من شكل الشخصية، ويجعل فيها تحديات أكبر.
لا تزال إحدى شخصياتي المفضلة هي شخصية "أم شاهين" التي تقدمها الممثلة ختام اللحام. هذه الأم بكل ملامح وجهها، والتحدي داخلها لفرض سلطتها لتتجاوز سلطة أم جبل وجبل وغيرهم. مشهد وقوفها على البوابة وهي تحاول الدخول لزيارة قبر ابنها واحد من أفضل المشاهد وأكثر تأثيرا في المسلسل هذا العام.
الشخصية الجديدة الأبرز في المسلسل هذا العام هي "نور"، التي تقدمها سيرين عبد النور. تلعب سيرين دور إعلامية في إحدى القنوات التلفزيونية، وهي جارة جبل في الوقت ذاته في العمارة التي يسكن فيها ببيروت. القالب الذي تقدم فيه شخصية نور يجعل الأحداث شبه متوقعة.. (سأحتفظ بتوقعاتي لنفسي الآن.)
تابعت "الهيبة" في جزئيه الأول والثاني طمعا في الاستمتاع بالمساحات الخضراء التي تزين لبنان في بقاعه وسهله، فكان ذلك التناقض في الألوان بين الطبيعة وملابس شخصيات العمل، وبين السهل والجبل عنصرا أخذ المسلسل بعيدا عن الإضاءات المصطنعة وزوايا الاستوديوهات. الآن، العمل انتقل في أحداثه إلى بيروت.. إلى شوارع ضيقة، وساحات مظلمة، ومبان عالية. قد لا يكون ذلك بالأمر السيء، إذ أنه ينقل المشاهد إلى مستوى آخر من القصة والأحداث، ولكنه أيضا في الوقت ذاته، لا يسرد القصة في سياق المدينة الحقيقية، بل أصبحت بيروت مدينة كسائر المدن.
أتمنى أن يفاجئنا "الهيبة" بخط مختلف في الحلقات المقبلة.. خط يفاجئنا بأحداث لا نتوقعها، وتغيرات لا ترتكز فقط على هيبة جبل، وجمال نور، بل على البعد الإنساني للشخصيات الرئيسية منها والثانوية.