رأي: التلفزيون في رمضان.. هل فقد مكانته في صدر المنزل؟

منوعات
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير سامية عايش
سعوديات يشاهدن مسلسلا على شاشة التلفزيون في منزلهن في الرياض
Credit: FAYEZ NURELDINE/AFP via Getty Images

هذا المقال بقلم سامية عايش، صحفية مستقلة تكتب عن السينما العربية المستقلة، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

حين تدخل أي منزل في العالم، تجد مكانه محفوظا في صدر المنزل، موضوعا في خزانة كبيرة، أو على طاولة ملوكية المظهر. أذكر أن والدتي كانت تضع عليه غطاء مطرزا أو منسوجا بعناية، حتى يحميه من الغبار المتطاير، وكانت تضع فوقه في بعض الأحيان تحفة أو قطعة عزيزة على قلبها (طبعا عندما كان صندوقا عريضا وليس شاشة رقيقة). فقد كان التلفاز في يوم من الأيام الضيف العزيز الذي أصبح من أهل المنزل.

فهل لا زال الحال كما هو عليه؟

أشياء كثيرة تغيرت خلال السنوات الأخيرة، منها أدوات استهلاك المحتوى، ونوع المحتوى وشكله، بل وحتى كميته. حتى أن حياتنا وشكل يومنا اختلف، ومعه تبدلت كل علاقتنا بهذا الجهاز.

بعيدا عن شهر رمضان، لا أجد نفسي متعلقة بالتلفاز أو منكبة على الجلوس أمامه لمتابعة أي شيء. فأنا لا أجلس أمامه إلا إذا كان هناك خبر عاجل لحدث ما، أو أستعمله فقط كشاشة لمشاهدة ما يبث على منصات الفيديو حسب الطلب أو VOD مثل نتفليكس وشاهد وغيرها.

ولكن أرى أيضا أن علاقتي بهذا الجهاز في شهر رمضان تعود قوية، وكأني آخذ استراحة من كل الأخبار ومنصات الفيديو حسب الطلب، لأعود وأجالس هذا الصديق القديم، غير أن شكل العلاقة ومواعيدها هي التي تغيرت.

سابقا، لم يكن هناك كم كبير من البرامج والمسلسلات التي تبث في رمضان، وأذكر أن ساعة الذروة كانت تلك الساعة قبل الإفطار، وكان يعرض فيها مسلسل نجلس جميعنا لمشاهدته. حتى أن والدتي كانت تتمنى في بعض الأحيان أن يكون لديها جهاز تلفاز في المطبخ حتى تتمكن من مشاهدة مسلسلها المفضل، أما بعد الإفطار فكانت هناك الفوازير والبرامج الكوميدية الخفيفة، التي تستمر إلى أن تنتهي الدورة البرامجية باكرا، فلا تكون متأخرة كثيرا في الليل.

02:37
هل سنتخلص من شاشات التلفاز قريباً؟ إليكم لمحة من المستقبل!

الحال تغير، ولم تعد الأمور كما كانت في السابق، فمسلسل ما قبل الإفطار اختفى، وأصبحت المسلسلات تعرض بدءا من الساعة 9 مساء لتمتد إلى ساعات الفجر الأولى. كما أصبح الكم على حساب النوع، فأصبح لدينا برامج ومسلسلات بالعشرات في رمضان، إضافة إلى كم هائل من الإعلانات التجارية، صبغت على هذا الشهر شكلا تجاريا مختلفا، ولكن ورغم ذلك، لا يزال التلفاز هو الجزء الأهم في المنزل في كل هذه الأوقات.

لا أتخيل أبدا أننا سنستغني عن التلفاز في منازلنا، فهو سيبقى الشاشة التي نبث عليها ما نشاهده على هواتفنا وأجهزتنا اللوحية والقنوات الفضائية. ولعل أهمية هذا الجهاز وتحديدا في رمضان أنه خلق فترات محددة لكل برنامج أو مسلسل يشاهده الناس في نفس الوقت للحديث سوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فتجد مسلسلا يصبح "ترند" في ساعة معينة لأن الجميع يتابعه في نفس الوقت ويتبادل التغريدات والأحاديث حوله.

التلفاز لن يفقد بريقه داخل أو خارج رمضان، فهو في النهاية سيبقى الشاشة التي تبهرنا بكل ما عليها. المحطات الفضائية هي التي قد تجد طريقها إلى الاندثار في حال لم تستفد من التغيرات الرقمية التي تقدمها وسائل التواصل الاجتماعي لتجعل من تفاعل الجمهور جزءا مهما من برامجها.

وربما جزء من ذكرياتنا وحنيننا إلى الماضي يشتاق دائما إلى الوقت الذي تتحلق فيه العائلة بأكملها أمام التلفاز للضحك مها والتعليق والنقاش معا، بعيدا عن الآفاق الافتراضية.