رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN عن الفيلم السعودي "شمس المعارف": نجاح جماهيري ولكن هل فقد فرصة ذهبية في التوجه لجمهور مختلف؟

منوعات
نشر
6 دقائق قراءة
رأي سامية عايش
صورة مأخوذة من المقطع الترويجي للفيلم السعودي "شمس المعارف
Credit: Godus2008 / YouTube

هذا المقال بقلم سامية عايش، صحفية مستقلة تكتب عن السينما العربية المستقلة، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

كان من المفترض أن يفتتح الفيلم السعودي "شمس المعارف" للأخوين قدس فعاليات النسخة الأولى من مهرجان البحر الأحمر السينمائي لهذا العام، إلا أن ظروف جائحة كورونا حالت دون ذلك، خصوصا بعد تأجيل دورة المهرجان. الفيلم عرض تجاريا في دور السينما السعودية، إضافة إلى دور السينما الإماراتية، ومؤخرا أصبح متاحا عبر منصة نتفليكس للمشاهدة.

يحكي الفيلم قصة طالب في الثانوية العامة، لا يهتم بدراسته كثيرا، بل يركز على كتابة وتصوير فيلم روائي طويل مع مجموعة من أصدقائه، مما يسبب أزمة في العلاقة بينه وبين والديه من جهة، إضافة إلى تطور علاقة متوترة بينه وبين إدارة المدرسة، التي ترفض هذا النوع من المشاريع.

الانفراجة الوحيدة أمام بطل الفيلم حسام في تصوير واتمام فيلمه هي انضمام الأستاذ عرابي، أستاذ الفيزياء، إلى طاقم التمثيل، وهو الذي ظهر سابقا ككومبارس في مسلسل "طاش ما طاش" (ضمن مجريات الفيلم). بوجود الأستاذ عرابي ومجموعة أخرى من الطلاب، وفي مواجهة الصعوبات والعقبات المختلفة تنجح المجموعة في تصوير الفيلم. (لن نحرق النهاية هنا إن كنتم لم تشاهدوه بعد).

بعد أن انتهيت من مشاهدة الفيلم، تضاربت مشاعري بشأنه، فمن جهة أحببت بعض الجوانب فيه وخصوصا تلك المتعلقة بوضوح الطابع السعودي في قصة الفيلم وشخوصه، ولكن من جهة أخرى، أعتقد أن الفيلم أضاع فرصة ذهبية في أن يكون واحدا من تلك الأفلام التي تخدم شريحة محددة من الجمهور تفتقر إلى الأفلام التي تناسبها، وسنتحدث تباعا عن كل هذه النقاط.

الطابع السعودي… واضح جدا

بدءا من بيت حسام، وانتهاء بالمدرسة والمضافة، إن أنت شاهدت هذا الفيلم، تستطيع التمييز مباشرة أنه فيلم سعودي. فشكل المدرسة، ولباس الطلاب، والتعامل مع الجنس الآخر في تلك الفترة الزمنية، إضافة إلى الحارة الشعبية، والإضاءات على أعمال درامية لمعت في فترة معينة (طاش ما طاش في هذه الحالة)، جميعها عوامل جعلت الفيلم سعوديا بجدارة. باعتقادي رغم طبيعته المحلية، إلا أنه لا زال قادرا على أن يلقى اهتماما خارج حدود المملكة.

الأستاذ عرابي… فاكهة الفيلم

كم فوجئت بأداء صهيب قدس في هذا العمل.. كان طبيعيا إلى حد كبير، لم يصطنع الدور أو الحركات أو الجمل التمثيلية. برأيي كان فاكهة العمل، خصوصا وأن معظم الأعمال السعودية التي شاهدناها مؤخرا تلمع من الناحية الإخراجية وطريقة التصوير، ولكن لا زال هناك بحاجة إلى تطوير جهود الممثلين بشكل كبير.

تاريخ من الأعمال الدرامية السعودية والعربية والعالمية… تحية من الفيلم

أعجبتني أيضا الإشارة المستمرة إلى أعمال سعودية مثل "طاش ما طاش"، إضافة إلى التباين في وجهات النظر بين جيلين بشأن هذا العمل: فبالنسبة لشخص مثل الأستاذ عرابي، هذا المسلسل يعتبر قمة في التميز، بينما بالنسبة لحسام ورفاقه، هذا المسلسل لا يعني لهم شيئا لأنه متواضع في إمكانياته وأداء الممثلين فيه، ولم يضحكهم أبدا.

الأخوين قدس.. مستقبل مشابه للأخوين كوين؟

أعتقد أن أمام الأخوين قدس فرصة ذهبية ليكونا من رواد السينما السعودية الشبابية، فقد أظهرا في هذا الفيلم جوانب جمالية كثيرة تتعلق بالتصوير والإخراج لعمل روائي كهذا. في بداية الفيلم على سبيل المثال، مشهد الدخول إلى المدرسة صُوّر بلقطة واحدة. اللقطة كانت طويلة بعض الشيء، وأظهرت البيئة المدرسية بشكلها الطبيعي، والمزدحم، والفوضوي في بعض الأحيان. النهاية كانت مرضية ولن نخوض في تفاصيلها حتى لا نتسبب بأي حرق لأحداث الفيلم.

على الجانب الآخر، كانت هناك بعض النقاط التي لم تعجبني، فمدة الفيلم على سبيل المثال كانت طويلة بعض الشيء، وكان من الممكن أن يختصر حتى لا يتجاوز التسعين دقيقة، إذ كانت هناك بعض التفاصيل والأحداث التي شعرت بأنها مكررة، وكان من الأفضل لو تم اختصارها.

برأيي الشخصي كان هذا الفيلم سيكون مناسبا للفئة العمرية الشابة (Young Adults) أي الأعمار بين 12-16 عاما، فهو يتحدث عن شباب من نفس تلك المرحلة العمرية. إلا أن السباب والشتائم والكلمات البذيئة في الفيلم والمستخدمة بكثرة جعلت منه غير مناسب للمشاهدة من قبلهم، وقد كان استخدامها مبالغا فيه بشكل غير مبرر. ففي النهاية، لم يرتق الفيلم ليكون مستساغا من قبل الكبار، ولم يكن أيضا مناسبا للمشاهدة من قبل الصغار، فضاع بين الفئتين.

أركز على هذه النقطة بالتحديد، لأن السينما العربية بشكل عام تفتقر إلى تقديم أفلام تناسب هذه الفئة العمرية بالتحديد، ولا وجود لأفلام تحاكي حياة هؤلاء الشباب والشابات في المدارس وبين أصدقائهم وتعاملهم مع ذويهم، وهي برأيي الأفلام الأنسب لأن تبقى ملازمة لهم خلال سنوات عمرهم اللاحقة.

ولكن، جماهيريا، أعتقد أن "شمس المعارف" حقق النجاح الذي يستحق، وأنا شخصيا على شوق لمعرفة المشروع المقبل للأخوين قدس، وأكيدة أن موهبتهما ستقودهما إلى إبداعات أخرى نراها قريبا.