هذا المقال بقلم سامية عايش، صحفية مستقلة تكتب عن السينما العربية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
*قد يحتوي هذا المقال على بعض التفاصيل التي قد تعتبر حرقا لأحداث الفيلم، ويفضل قراءته بعد أن تكون/ ي قد شاهدته/ تيه.*
لم يكن لدي أي شك أن ما سيقدمه مالك نجر وعبد العزيز المزيني في عملهما الجديد سيكون متميزا، وسيحظى بردود أفعال إيجابية سعودية وعربية. لكني فوجئت بإنتاج مختلف ليس من ناحية القصة أو الأداء فحسب، وإنما من ناحية الإنتاج الفني والشكل العام الذي خرج به الفيلم. ولأننا ذكرنا "بذيخة" في عنوان هذا المقال، لنبدأ منها.
لا أعتقد أنني بعد أن شاهدت هذا الفيلم سأنسى مكانا مثل "بذيخة". فالموقع الذي تجري فيه جل أحداث الفيلم يحمل تفاصيل صغيرة جعلت من المكان شبيها بمدينة "غوثام" في سلسلة أفلام "باتمان". موقع مظلم، سكانه أشرار، فيه الكثير من الفوضى والقلق، ولا يمكن أن تأمن جانب أي شخص تقابله في الشارع. شوارعه ينتشر فيها الركام، وجدران منازله ودكاكينه وفنادقه متسخة لكأن سيارة القمامة أفرغت محتواها عليها آلاف المرات.
والمكان بساكنيه. حتى سكان "بذيخة" مختلفون في لبسهم، وطريقة كلامهم، وحياتهم التي يعرفون كيف يمكن أن تكون خارج بذيخة. أعجبني سؤال طرحته إحدى الشخصيات في الفيلم: "يعني في الرياض، يمكنك أن تمشي في الشارع، وتحمل محفظتك التي تحتوي على آلاف الدراهم، ولا يهددك لص بسكين في وجهك؟" لعل ما أعجبني حقيقة أن "بذيخة" ورغم أنها مدينة خيالية، لا تزال تقاس وتقارن بمدن حقيقية كالرياض مثلا.
وهنا تأتي قوة الفيلم…
فيلم "راس براس" يحوي الكثير من الأحداث الخيالية، والشخصيات التي تقدم أداء مبالغا فيه بعض الأحيان لضرورة سياق الفيلم، ولكن ذلك لم يمنع صناع الفيلم أبدا من زرع روح هويتهم السعودية فيه، فهو لم يقع في فخ "اللازمان واللامكان"، رغم أنه قادر على القيام بذلك، ويحق له لأن القصة بنيت هكذا.
في بداية الفيلم، وعلى رأس الجبل، وبينما يلتقط العروسان صورتهما، وينتظرهما درويش في السيارة، نرى الرياض من بعيد، ونقرأ كلمة الرياض مطبوعة على الشاشة. إذا، فالأحداث سعودية، والشخصيات سعودية.