لندن، المملكة المتحدة(CNN)-- قبل ثلاثين عاما ونيّف، كان حي "دالستون" يعرف بأنه أحد أحياء الطبقة العاملة، والذي يقع إلى الشمال الشرقي من وسط لندن، وأما اليوم، فتنتشر فيه المقاهي، فضلاً عن الأبنية الحديثة ذات الارتفاع الشاهق، والتي يسكنها حالياً طبقة وسطى تسمى بـ "هيبسترز" وهم فئة من البشرة البيضاء يعيشون في المناطق الحضرية.
وتقول فتاة فرنسية تعيش بالقرب من حي دالستون، وتدرس تصميم الأزياء بأن "هذا الحي رائع وفيه الكثير من المبدعين."
ويعتبر حي "شورديتش" المركز العصبي في شرق لندن والمزدهر بالتكنولوجيا، والذي طور حديثا ليصبح مركز لـ "دوار السيليكون". وحاله مثل حال حي دالستون، قامت المجالس المحلية بإطلاق مبادرات وسياسات، وحوافز تجارية من أجل تشجيع فئة الشباب للانتقال والبدء بمشاريع ريادية في حقل التكنولجيا داخل المنطقة.
ويقول عضو في المجلس المحلي، غاي نيكلسون، بأنّه "منذ الثمانينات والمنطقة تتطور في جميع أشكال الفنون،" وأوضح بأن "هذا المجتمع تكون بشكل تدريجي ليصبح ما هو عليه الآن."
وأفاد تحليل التعداد السكاني الذي أجرته وكالة "سالفيس" للعقارات بأن منطقة "هاكني" الإدارية في لندن، والتي تشمل كل من دالستون وشورديتش، استطاعت أن تجذب أكبر قدر من الأشخاص العاملين في مجال الثقافة والإعلام والرياضة في أنحاء لندن في الآونة الأخيرة.
وعلى الرغم من أن أحياء دالستون وشورديتش أصبحت مأهولة بالفئة الشابة من سكان المدينة، إلا أنها ما زلت تحتفظ بطرازها القديم. ومن أبرز الملامح القديمة التي ما زالت موجودة: محلات المساومة التجارية، تجارة المراهنات والمراهنين.
وتحول شارع "ميل القتل"، الذي سمي كذلك لانه اشتهر بجرائم المخدرات والقتل، إلى شارع يمتئ بالحانات، ومتاجر الجينز، فضلاً عن محلات البقالة العضوية.
وكتب مرشح سياسي محلي، ومقيم في بولين بيرس، في صحيفة تلغراف البريطانية مؤخراً "لقد تطور المكان بحيث أن الذين ولدوا وترعرعوا هنا لم يعد بإمكانهم تحمل تكاليف المعيشة،" وأضاف بأن "هذا التطور سبب أزمة لمجتمع الشباب."
وترى أستاذة الجغرافيا البشرية في جامعة ليستر، لوريتا ليس بأنّ ما تقدمه المجالس المحلية من إغراءات للشباب للانتقال والعيش في هذه الأحياء، إنما يمثل نموذج تنمية حضرية سيء.
جانب من هذا التطور يجلب الأفراد ذوي الدخل العالي ويزيد الضرائب المحلية التي يمكن أن تؤدي إلى تحسين الخدمات العامة، وأما الجانب الآخر، فهو أن الذين يعيشون في المنطقة على مدى أجيال سوف يعانون من ارتفاع الأسعار.
وسلّط مخرج الأفلام، سبايك لي، الضوء على هذه القضايا في ظهور له في معهد برات في بروكلين، نيويورك هذا العام. وقال بأن "الناس لا يستطيعون تحمل تكاليف المعيشة في كلينتون هيل أو وليامزبيرغ بسبب طبقة المبدعين المعروفين باسم "هيبسترز"." والذين يلقبهم لي بالمستعمرين.
وأشارت الأستاذة ليس إلى أن هذه التطورات والتحسينات تختبئ وراء مسميات، مثل "إطلاق العنان للاقتصاد الإبداعي"، أو "التجديد الحضري"، الأمر الذي يؤدي إلى تغيير ديموغرافي بحت.
بينما يرى غاي بأنّ هدف المجلس المحلي من هذه التحسينات وجلب الفئة المبدعة للمنطقة هو إعادة إحياء الوجه التاريخي القديم لحي دالستون، الأمر الذي سيعود بالفائدة للمصلحة الاجتماعية.
وتنعكس هذه الجهود في المدن التي تشهد تغييرات متسارعة على نحو مماثل في جميع أنحاء العالم.
وقامت الفنانة، والأستاذة في جامعة برينسيتون، سو فريدريك بإنتاج فيلم وثائقي عن حي بروكلين في وليامزبيرغ، والذي كان موطناً لعدة ثقافات من عدة أصول. وتقول فريدريك بأن الحي أصبح مأهولاً بفئة "هيبسترز" من الشباب في منتصف العشرينات من العمر، ووصفت هذا التحول الديموغرافي بالسخيف والمروع، وأضافت بأنه "يبدو مثل حرم جامعي."
وذكرت فريدريك بأن هذه الفئة من الشباب والتي تصف نفسها بالمبدعين، إنما هم مجرد أشخاص يعملون في التصميم الغرافيكي والإعلانات وهو أمر بعيد كل البعد عن الفن الإبداعي.