الحياة السرية لمدمني الهيرويين

علوم وصحة
نشر
5 دقائق قراءة
الحياة السرية لمدمني الهيرويين
Credit: india hayes.com

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا يتواجدوا في الأروقة بجانب حفنةٍ من الإبر المستخدمة بجانبهم، إذ ما زالو يحتفظون ببعض الكرامة، من الخارج على الأقل. وهم لم يخسروا كل شيء خلال سعيهم وراء النشوة.

هؤلاء مدمنو هيرويين يتمتعون بقدرات وظيفية، يدفعون الإيجار، ويعيشون حياة شبه طبيعية، ويخدعون عائلاتهم وأصدقائهم في الوقت ذاته.

ومن نقاط التشابه بين مدمني الهيرويين هو أن الإدمان مرض يرتبط بأدمغتهم، ولا يرتبط بالمواد التي يستهلكونها، فباستطاعة نسبة 85 في المائة من الأشخاص تناول مسكنات الألم، وعدم الشعور بالرغبة لتناولها مجدداً.

هذه قصةٌ عن الآخرين، أي الأشخاص الذين يجتازون الطريق الخطر للإدمان ويتمكنون في الوقت ذاته من المحافظة على قدراتهم الوظيفية. ورغم أن لديهم القدرة للظهور كأي شخص طبيعي، إلّا أنه يمكنهم الخروج عن ذلك المسار بشكل صادم وقاتل.

وقد يتواجد المدمنون في بيئك القريبة جداً، بلا أن يخطر ذلك على بالك أبداً، مثل: زملائك، وجيرانك، وأحبائك، والمعلمين. 

وهذا هو الجانب الآخر من مشكلة الإدمان على الهيرويين، التي تختلف عن الصورة النمطية للمدمنين التي نتخيلها.

بالنسبة إلى تود، الذي لم يرغب في التصريح عن اسمه الحقيقي، لم يكن هناك أي سبب يدفعه إلى تعاطي المخدرات، إذ كان طالباً نموذجياً محاطاً بوالدين محبين. ولكنه تعاطى الماريغوانا خلال مرحلة الثانوية، وعندما بلغ الخامسة عشرة من العمر، تناول حبة "بيركوسيت" كانت والدته قد تركتها جانباً بعد معافاتها من عمليةٍ جراحية.

وقال تود: "كان هناك إحساساً ما في رأسي يقول: أريد أن أشعر بهذه الطريقة طوال حياتي."

ومضى على نزاع تود مع المواد الأفيونية فترة 11 عاماً تمكن خلالها من التخرج من الجامعة والمباشرة في مهنةٍ ناجحة في مجال الإدارة. ويبلغ تود الآن 26 عاماً.

ولتجنب الشكوك، يعيش تود أكذوبة، فهو "يبتسم بشكل دائم بين زملائه في العمل،" ويستمر بقول الأكاذيب لكتم سره، إذ قد تكون تلك الرحلة إلى مطعم "ماكدونالدز" فرصة لقاء مع تاجر يبيعه المخدرات في "برغر كينغ."

وفي كل مرة بعد أن ينتهي من التعاطي، يباشر في خلق أعذار للكدمات على ذراعه قائلاً إنه مصاب بالسكري أو بعض الأمراض معدية.

وأما ليسا، فبدأت رحلتها المؤلمة مع الإدمان، عندما بدأت بإلحاق الأذية بنفسها، فكانت تجرح نفسها عمداً، سعياً وراء موجة الدوبامين في دماغها الذي يشعرها بالنشوة في منزلها المليء بالصراخ.

وتقول الشابة البالغة من العمر 23 عاماً إنها تتعاطى الهيرويين بالإضافة إلى مواد أفيونية أخرى، وتسببت هذه المواد برأيها، إلى تراجعها عن أذية نفسها بشكل مستمر.

وتصرّ ليسا أنها تتعاطى ما يكفي "لتبقى بصحة جيدة" خلال اليوم، وتتجنب الآلام الجسدية.

وتقول إن اكتشافها للهيرويين ليس قصةٍ مميزة، فلطالما عانت من التهاب الوتر في ركبتيها وانزلاقٍ غضروفي في عمودها الفقري. ووجدت ملاذها عبر تناول المواد الأفيونية القانونية. ولكن تغير كل شيء خلال الحملة ضد أزمة المواد الأفيونية في الولايات المتحدة.

ومن هناك، أصبحت تترّدد بشكل دائم إلى الشوارع للحصول على حبوب تتعاطاها، حتى قام صديق بتقديم الهيرويين لها، إذ قالت: "لم أجد حبوبي، أنا أعاني من الألم، وهو رخيصٌ حقاً."  

ويعرف القليل من الأشخاص فقط عن إدمان ليسا، ويعتقد الآخرون أنها مهووسة بـ"تناول الحبوب الأفيونية فقط".

وتفضل ليسا ذلك، إذ لا يتسبب الإدمان على تناول الحبوب الأفيونية، بإصدار الحكم ذاته، فيما يرتبط بالإدمان على بالمخدرات، إذ قالت ليسا: "عندما يُصاب الناس بحالات السكر، لا أحد يحكم عليهم، ولكن عندما يتعاطون الهيروين، يُصبحون حثالة الارض. ويطردهم الأشخاص من حياتهم." 

 وأوضحت ليسا أن الفضل لقدرتها على التحكم بإدمانها يعود إلى وجود زوجها بالقرب منها، ولكن ماذا إذا غادر؟ وماذا إذا رمتها الحياة في متاهةً أخرى؟ ما كمية الهيروين التي ستحتاج إليها لتخفيف آلامها بعد ذلك؟

وشرح الرئيس السابق للجمعية الأمريكية لطب الإدمان، الطبيب ستيوارت غيتلو، أن قدرة الجسم لتحمل الجرعات غالباً ما تتغير. وهي تتأثر بمجريات الحياة ومسببات الضغوط، فقال: "يتمكن الجميع من المحافظة على قدراتهم الوظيفية في المرحلة الأولى.. ولكن في النهاية، قد يصلوا إلى مرحلةٍ مدمرة.. ويترنحوا في زقاقٍ ما، على بعد خطوات قليلة من الموت."