تقرير يحذر من تأثير التغير المناخي على الصحة..هذه الأمراض التي يسببها

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة
دراسة: التغير المناخي يهدّد صحة الإنسان بعدما وصل إلى مستوى "الرمز الأحمر"
Credit: Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- حذّر تقرير جديد نُشر الأربعاء من التأثير الشديد للتغيّر المناخي على صحة الإنسان، مشيرًا إلى أنّ هذه التوقعات ستزداد سوءًا.

ويؤثر الجفاف على إنتاج الأغذية، بينما يُساهم ارتفاع درجات الحرارة في نشر أمراض خطيرة مثل الملاريا والكوليرا. أما الاتجاهات المناخية الراهنة، فتشير إلى أنّ الكوكب دقّ ناقوس خطر مع بلوغه مستوى "الرمز الأحمر"، وتداعياته على الصحة المستقبلية، وذلك وفقًا للنتائج التي توصّل إليها تقرير جديد نُشر في مجلة "لانست" الطبية.

وتتبّع تقرير العد التنازلي لمجلة "لانست" السنوي، 44 مقياسًا للتأثيرات الصحية للتغير المناخي، بينها تأثيره على انتقال الأمراض المعدية وإنتاج الأغذية، وفقًا لما أظهرته الأبحاث التي قام بها خبراء تابعين لأكثر من 40 مجموعة للأمم المتحدة ومعاهد تربوية.

وجاء في التقرير أنه خلال ستة أشهر من العام 2020، تأثر 51،6 ملايين إنسان بـ84 كارثة تسبّبت بها الفيضانات، والجفاف، والعواصف. وقد طالت هذه الكوارث دولًا تعاني من جائحة فيروس كورونا.

وكتب مؤلفو الدراسة أنّ نتائج تقرير 2021 الصادر عن "لانست"، يُظهر أن العالم ينوء تحت الازمات الصحية العالمية المستمرة، ولم يُوجد أي تقدم يُذكر لحماية سكانه من الآثار الصحية المتفاقمة لتغير المناخ في الوقت نفسه.

وهذه الكوارث وضعت أعباءً على النظام الصحي، وأدّت إلى ارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي ساعد في انتقال الأمراض المعدية.

ولفت التقرير إلى أنّ التغير المناخي سجّل معدل حرارة قياسي عندما ضربت موجة الحر مناطق شمال غرب الولايات المتحدة الأمريكية المطلة على المحيط الهادئ، وتسبّبت بوفاة أكثر من ألف شخص.

وأشار مؤلفو الدراسة إلى أنّه "في حال ألقينا نظرة على عام 2021، نجد أنّ الأشخاص الأكثر تأثرًا بتجاوز الحرارة حاجز الـ40 درجة مئوية في المناطق المطلّة على المحيط الهادئ الواقعة على الساحل الشمالي الغربي للولايات المتحدة الأمريكية وكندا في حزيران/يونيو 2021، هم من تخطت أعمارهم الـ65 عامًا، أو قلّت عن سنة، بالإضافة إلى الأشخاص الذي يعانون من ظروف اجتماعية متردّية. هذا حدث كان من غير الممكن وقوعه لولا تغير المناخ الذي يسببه الإنسان".

وقال الدكتور جيريمي هيس، أستاذ طب الطوارئ والصحة العالمية في جامعة واشنطن، ومؤلف مشارك في التقرير، في لقاء إعلامي، إنه شهد مباشرة على بعض هذه التداعيات الصحية.

التغير المناخي يساهم في نشر الأمراض

وأدّت نتائج ارتفاع الحرارة إلى زيادة عدد الأشهر التي تنتشر فيها الملاريا منذ الخمسينيّات، وتوسّع عدد المناطق التي تؤمّن بيئة حاضنة لانتقال الكوليرا. كما ازدادت قدرة انتشار الفيروسات على الانتشار، وبينها الفيروسات المسببة لحمّى الضنك وزيكا، على مستوى العالم.

وجاء في التقرير أنّ "نتيجة حركة التنقل العالمية والتوسّع الحضري، يعتبر التغير المناخي سببًا أساسيًا لزيادة عدد الإصابات بحمّى الضنك، التي تضاعفت كل عشر سنوات، منذ العام 1990".

وأضاف التقرير أنّ هناك "نشوء أو إعادة ظهور كبيرة للأربوفيروسات المتناقلة عبر الحشرات، والتي لديها استجابة مشابهة مع التغير المناخي".

"التعافي الأخضر" من "كوفيد-19" قد يساعد في إيجاد الحل!

ورأى هيس أن تعافي الكوكب من جائحة "كوفيد-19" قد يسيء إلى الوضع المذري أصلًا، لا سّيما إن لم يكن "تعافيًا أخضر".

وقال: "استثمر العالم بموارد هائلة من أجل تحقيق التعافي، بيد أنه لم يستفد من الفرصة لاستثمار هذه الموارد في التعافي الأخضر الذي لا يستخدم الطاقة الأحفورية. وهذه للأسف فرصة ضائعة بالنسبة إلينا. كان في الإمكان الاستثمار في مستقبل صحيّ أكثر، فورًا، لأنّنا نمرّ حاليًّا بمرحلة محوريّة بالنسبة للسياسات المعتمدة في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم، مرتبطة بالتغير المناخي. لذا علينا اقتناص الفرصة".

وقد نُشر التقرير قبل انعقاد مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الـ26، ليسلّط الضوء على أهمية القيام بالإجراءات العالمية الخاصة بالتغير المناخي لما فيه صالح الصحة العالمية، على غرار اتفاقية باريس.

وأشار واضعو التقرير إلى أنه إسوة بـ"كوفيد-19"، "يتطلّب تناول موضوع التغير المناخي، بأن تقدّم كل دولة إستجابة طارئة ومنسّقة، من خلال استخدام الأموال المخصّصة للتعافي من "كوفيد-19"، لدعم وضمان الانتقال فقط إلى استخدام الكربون المنخفض مستقبلاً، والتكيف مع التغيّر المناخي في كل الكوكب".

وقالت الدكتورة رينيه سالاس، أستاذة مساعدة في طب الطوارئ في كلية هارفرد الطبية التي ساهمت في كتابة التقرير، لـCNN: "كل جهد صغير يُقام به من أجل الحد من انعدام المساواة الصحية، مهم. ولدى الولايات المتحدة الأمريكية فرصة لتأخذ إجراءات جذرية طارئة نحتاج إليها لحماية صحتنا".

وتابعت أن "التغير المناخي هو أولًا المسبّب الأساسي للأزمات الصحية الناشئة حاليًا. وكطبيبة طوارئ، لقد تعهّدت بحماية صحة مرضاي، وأجد أنّ ذلك غير ممكن من دون إجراءات تُتّخذ في شأن التغير المناخي. وعليه فإن تحسين الصحة وتسريع العدالة، ليسا فقط السبب للتحرّك، لكن يجب أن يعمدا إلى توجيهنا لكيفية استجابتنا".

هل نحن على وشك تكرار الخطأ عينه؟

ورأى دكتور جورج بنجامين، المدير التنفيذي للجمعية الأمريكية للصحة العامة، الذي لم يشارك في التقرير، "أننا أمضينا سنوات عديدة نستعد ونتحدث عن الجائحة، وبصراحة لم نكن مهيئين لها. فنحن لم نؤسّس لبنية تحتية، كان يفترض أن تكون متوافرة. ولم نستثمر في الأنظمة الصحية والصحة العامة، فأتى انعكاس ذلك كارثياً في سنتَي انتشار الوباء الذي لم يُتوقّع أن يكون بهذا السوء"، لافتًأ إلى أنّ "المشكلة الحقيقية هي أننا على وشك تكرار الخطأ نفسه. نحن سنختبر الأمر عينه مرة أخرى لأننا لم نستثمر في التخفيف والتكيّف مع الآثار المسببة للتغير المناخي التي هي ضرورية حين نتناول هذا الموضوع".

وخلص واضعو الدراسة إلى أن "الرسالة الرئيسية هي أن العالم يحتاج إلى عصر جديد من الأبحاث يكون أقل تركيزًا على التنبؤات الخاصة بتغير المناخ، وأكثر تركيزًا على التنبؤات بالعواقب المجتمعية للاحترار في المستقبل، وكيفية التغلب عليها. فالخضوع لحالة الطوارئ المناخية ليس أمرًا حتميًا".