كورونا ينتشر بين الغزلان وحيوانات أخرى.. ما سبب قلق العلماء على البشر؟

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- اكتشف علماء أنكوفيد-19 ينتشر بين الغزلان ذات الذيل الأبيض والحيوانات البرية الأخرى في الولايات المتحدة، على غرار البشر.

ويرجّح أن يكون البشر مصدر العدوى لهذه الحيوانات، إلا أن ذلك لا يعني أن الفيروس لا يمكن أن يتطور بينها، ثم ينتقل مجدّدًا  إلى البشر، الأمر الذي أثار قلق الباحثين الذين تخوفوا من أن يتسبب ذلك بخطر انتشار الجوائح مستقبلًا.

وثمة شكوك قليلة تدور حول إمكانية أن يكون حيوان تسبّب بجائحة كورونا ويحتمل أن يكون خفاشًا. والرأي العلمي السائد يقول إنّ هناك حيوانا وسيطا أصيب بالعدوى من خفاش أو خفافيش مصابة، ثمّ انتقل منه فيروس "كوفيد-19" إلى الناس.

وبات واضحًا أيضًا أن الناس يمكن أن تنقل العدوى إلى الحيوانات. فالحيوانات الأليفة مثل القطط، وتلك المتواجدة في حدائق الحيوانات مثل الغوريلا، ونمر الثلوج والمنك قد يصابون بالفيروس. وتم الإبلاغ عن حالات متعدّدة، وكشفوا أنها تؤدي إلى تغيّر في الفيروس الذي يصيب المنك، ما تسبّب بظهور أدلة على أن الفيروسات تصيب المنك، ليتسبب في إبادة جماعية لتلك الحيوانات في مزارع الفراء.

ومن بين أحدث الأنواع التي لفتت انتباه علماء الأحياء البرية هي الغزلان ذات الذيل الأبيض وليس من المستغرب أن تلتقط تلك المتواجدة داخل المزارع الفيروس من الناس. إذ يعلم زوار مزرعة الغزلان أن ثمة تشابه بين سلوك هذه الحيوانات والماعز، إذ تضع أنوفها المبللة في جيوب الزائرين، وأيديهم، ووجوههم من البشر أو مقدمي الرعاية، سعيًا للحصول على الطعام، ما يسهل انتقال العدوى إليها.

ولكن كيف تلتقطها الغزلان البرية؟

"إذا قضم شخص ما تفاحة ورماها، أو حتى إذا عطس في منديل ورماه"، بحسب الدكتور سوريش كوتشيبودي من مختبر تشخيص الحيوانات في جامعة ولاية بنسلفانيا الأمريكية، الذي ساعد في الإشراف على دراسة، نُشرت في وقت سابق من هذا الشهر، التي بيّنت أنّ نسبة 33% من الغزلان التي خضعت للفحوصات في ولاية آيوا الأمريكية، بين سبتمبر/أيلول 2020 ويناير/ كانون الثاني 2021، مصابة.

وأضاف أن الدراسة كشفت أيضًا أنّ الفيروس متواجد في مياه الصرف الصحي، ما يعني أن المياه الملوثة قد تكون مصدرًا، أو أن الناس يبصقون أو يلوثون البيئة بطرق أخرى. وبعدها، ينتشر الفيروس بين الغزلان.

وقال كوتشيبودي لـCNN: "ليكن معلومًا أنّ هذه حيوانات حساسة للغاية، ورغم أنّك لا تعرف مقدار الفيروس الذي يؤدي إلى إصابتهم"، متابعًا: "ما هو مؤكّد أن الغزلان تنقل الفيروس بشكل فعال فيما بينها، لكن السؤال الملح الذي يطرح نفسه، هو لمن تنقله في ما بعد"؟ 

النقاط الساخنة الفيروسية بين القوارض

واختبر هون إب، من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في ولاية ويسكونسن الأمريكية، وزملاؤه حيوانات عُثر عليها حول مزرعة للمنك، كانت بؤرة لتفشي المرض في ولاية يوتاه، ووجدوا أنّ الظربان، والفئران، والحيوانات الأخرى كانت عرضة لأنواع عدة من فيروسات كورونا.

وكان هناك قلق بداية من أن يكون حيوان المنك، الذي أصيب بالفيروس المسبب لكوفيد-19، نقله للحيوانات البرية المحلية. لكن لم يتمّ العثور على أدلة بهذا الشأن. وعلّق إب على الأمر بالقول "إنّه لخبر مفاجئ ومفرح". 

ووفق التقرير الذي نشره الباحثون في المجلة العلمية Viruses في أكتوبر/ تشرين الأول: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى ارتفاع غير متوقع في معدلات انتشار فيروس كورونا بين الحيوانات الأليفة والبرية التي تم اختبارها في مزارع المنك، الأمر الذي يرجّح احتمال تشكّل بؤر محتملة لانتشار الفيروس بين الفصائل مستقبلًا وبالتالي ظهور متحوّرات جديدة من فيروس كورونا".

على غرار إب وكوتشيبودي، يرى باحثون آخرون أنّ ثمة حاجة إلى إجراء مزيد من الدراسات المماثلة. 

وأجرى كوتشيبودي وزملاؤه دراستهم بعدما نشرت وزارة الزراعة الأمريكية بحثًا، في تموز/يوليو، توصلت فيه إلى أنّ 40٪ من الغزلان التي تم اختبارها في أربع ولايات تحتوي على أجسام مضادة لفيروس كورونا، ما يدل على إصابتها.

وهناك أسباب عديدة لعدم رغبة العلماء في إصابة الحيوانات بفيروس، مثل الذي تسبّب بـانتشار "كوفيد-19" بين الحيوانات. لأن ذلك يعني أنّ هذه الحيوان ستكون أشبه بخزان، لأنّه حتى لو تمّ القضاء على انتشار الفيروس بين البشر والكل تلقح بالكامل، بيد أنّه في وسعه الانتقال مجدّدًا من الحيوانات إلى البشر. 

ومع ذلك، يبقى الخطر المحتمل أن الفيروس يمكن أن يتغير ويتطوّر، من خلال طريقتين.

الأولى قدرته على التكيف المطرد. فنظرًا لكونه يصيب أنواعًا مختلفة، سيتغير الفيروس حتى يتكيّف على نحو أفضل مع تلك الفصائل ما يجعله أكثر أو أقل خطورة على البشر.

الثاني، يتبدّى في قدرة الفيروسات على أخذ طرق مختصرة في تبديل أجزاء كبيرة من المادة الجينية خلال آلية تعرف بإعادة التركيب. الإنفلونزا بارع في ذلك، والفيروسات التاجية يمكنها إعادة تركيب نفسها أيضًا. ففي حال أصيب حيوان ما بأكثر من فيروس كورونا في الوقت نفسه، يمكن أن يمزج النوعان الجينات ويطابقانه ويحتمل أن تنتج عن ذلك متغيرات جديدة.

وقال كوتشيبودي: "هذا يثير أسئلة ملحة للغاية حول مسار هذه الجائحة".

إذا كانت هناك حيوانات مثل الغزلان ذات الذيل الأبيض التي تصاب بسهولة، ويمكن أن يتنقل الفيروس بينها بسهولة، فمن المهم الحذر من ذلك.

وهذا يعني أن هناك حاجة إلى مراقبة أشد لمعرفة ما يمكن أن تصاب به الحيوانات الأخرى، من طريق البشر أو الحيوانات الأخرى، وما نوع التهديد الذي قد تشكله عليهم.

وخلص إلى أنّه "يتوجّب علينا أن نكون مستعدين لأي متحوّرات قد تظهر".