لكل فرد مجموعة فريدة من المتطلبات الغذائية.. كيف يبدو مستقبل نصائح التغذية؟

علوم وصحة
نشر
9 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يعلم غالبيتنا أنه من الضروري تناول المزيد من الفاكهة، والخضار، والحبوب الكاملة.

لماذا إذًا تُنفق المعاهد الوطنية للصحة 150 مليون دولار للإجابة على أسئلة مثل "ماذا ومتى يجب أن نأكل؟"، و"كيف يمكننا تحسين استخدام الغذاء كدواء؟".

وقد تكون الإجابة هي التغذية الدقيقة، والتي تهدف إلى فهم الآثار الصحية للتفاعل المعقّد بين الجينات، والبكتيريا التي تعيش في أمعائنا (الميكروبيوم)، ونظامنا الغذائي، ومستوى النشاط البدني، وغيرها من الخصائص الاجتماعية، والسلوكية.

ويعني هذا أنه يمكن أن يكون لكل شخص مجموعة فريدة من الاحتياجات الغذائية الخاصة به.

ولكن، كيف يُعقل ذلك؟ وإليك إجابات ثلاثة خبراء يجرون أبحاثًا عن التغذية الدقيقة، وهم أستاذ التغذية، وعلم الأوبئة ورئيس قسم التغذية بمدرسة "T.H. Chan" للصحة العامة في جامعة "هارفارد" الدكتور فرانك هو، ومارثا فيلد، وأنجيلا بول، وهما أستاذتين مساعدتين في قسم علوم التغذية في كلية علم البيئة البشرية بجامعة "كورنيل".

كيف تختلف التغذية الدقيقة عن نصائح التغذية الحالية؟

الدكتور فرانك هو: فكرة التغذية الدقيقة هي الحصول على الغذاء المناسب بالكمية المناسبة للشخص المناسب.

وبدلاً من تقديم توصيات غذائية عامة للجميع، فإن هذا النهج الدقيق يصمم توصيات التغذية وفقًا للخصائص الفردية، بما في ذلك الخلفية الجينية للفرد، والبكتيريا التي تعيش في الأمعاء، والعوامل الاجتماعية، والبيئية، والمزيد. ويمكن لهذا الأمر أن يساعد في تحقيق نتائج صحيّة أفضل.

لماذا لا توجد وصفة واحدة تناسب الجميع عندما يتعلق الأمر بما يجب تناوله؟

هو: لا يستجيب الجميع للنظام الغذائي ذاته بالطريقة ذاتها. وعلى سبيل المثال، عند اتباع النظام الغذائي ذاته لإنقاص الوزن، يمكن لبعض الأشخاص فقدان الكثير من الوزن، وقد يزداد وزن الأشخاص الآخرين.

وقامت دراسة حديثة في "JAMA" بجعل بضعة مئات من الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن يخضعون لنظام غذائي صحي منخفض الكربوهيدرات، أو قليل الدسم بشكل عشوائي.

وبعد عام واحد، كان هناك قدر مماثل تقريبًا من فقدان الوزن للمجموعتين، ولكن كان هناك تباين كبير بين الأفراد داخل كل مجموعة، إذ فقد بعضهم 20 رطلًا، بينما اكتسب آخرون 10 أرطال.

مارثا فيلد: يتمتع الأفراد باستجابات فريدة للنظام الغذائي، و"الضبط الدقيق" للتغذية الدقيقة هو عبارة عن فهم تلك الاستجابات.

وهذا يعني فهم التفاعلات بين الجينات، والاختلافات الفردية في عملية الأيض، والاستجابات للتمارين الرياضية.

كيف يمكننا تناول الطعام وفقًا لمبادئ التغذية الدقيقة الآن؟

هو: هناك بعض الأمثلة على الأنظمة الغذائية الشخصية لإدارة الأمراض، مثل نظام غذائي خالٍ من الغلوتين لإدارة مرض الاضطرابات الهضمية، أو نظام غذائي خالٍ من اللاكتوز إذا كنت تعاني من عدم تحمل اللاكتوز.

وبالنسبة للأفراد الذين يعانون من حالة تعرف باسم "PKU"، فإنه يجب عليهم تناول نظام غذائي خالٍ من الفينيل ألانين. وهي حالة نادرة، ولكنها مثال كلاسيكي لكيفية تأثير جيناتك على نوع الحميات الغذائية التي يجب أن تستهلكها.

أنجيلا بول: إذا كان لدي تاريخ عائلي من ارتفاع الكوليسترول، أو مرض السكري، أو سرطان القولون، فسأزيد من تناول الألياف الغذائية، وتناول الكثير من المصادر المختلفة، بما في ذلك مجموعة متنوعة من الخضار.

فيلد: إذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم، فيجب أن تكون أكثر وعياً باستهلاكك للصوديوم. وقد يحتاج أي شخص يعاني من مشكلة سوء الامتصاص إلى مستويات أعلى من المغذيات الدقيقة مثل فيتامينات B، وبعض المعادن.

هناك بحث يظهر أن الأشخاص يهضمون القهوة بشكل مختلف. ما الآثار المترتبة على ذلك؟

هو: يحمل بعض الناس جينات تؤدي لمعالجة الكافيين بسرعة، ويحمل البعض الآخر جينات بطيئة.

وإذا كنت تحمل أنماطًا جينية سريعة، فيمكنك شرب الكثير من القهوة التي تحتوي على الكافيين لأن الكافيين يتحلّل بسرعة.

وإذا كنت تقوم بعملية الأيض ببطء، فإنك تصبح متوترًا، وقد لا تتمكن من النوم إذا كنت تشرب القهوة في فترة ما بعد الظهر.

وإذا كان الأمر كذلك، فيمكنك شرب القهوة منزوعة الكافيين، والاستمرار في الاستفادة من البوليفينول الموجود في القهوة، والذي يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكري، دون آثار الكافيين.

ما مقدار الدور الذي تلعبه جيناتنا الفردية في خطر الإصابة بالأمراض؟ وهل يمكن لسلوكنا التخفيف من مخاطر المرض؟

هو: تتأثر صحتنا بكل من الجينات والأنظمة الغذائية، والتي تتفاعل باستمرار مع بعضها البعض لأن بعض العوامل الغذائية يمكن أن تؤدي إلى تشغيل أو إيقاف بعض الجينات المرتبطة بالأمراض.

ونشرنا بحثًا يوضّح أن تقليل استهلاك المشروبات السكرية يمكن أن يعوض عن الآثار السلبية لجينات السمنة.

وهذه أخبار جيدة حقًا، وجيناتنا ليست مصيرنا.

ويُعد قياس مستقلبات الدم أو البول، وهي جزيئات صغيرة يتم إنتاجها أثناء تكسير الطعام وتناوله، ميدان آخر للتغذية الدقيقة.

وعلى سبيل المثال، يتنبأ وجود تركيز أعلى من الأحماض الأمينية متفرعة السلسلة (BCAAs) بقوة بخطر الإصابة بالسكري، وأمراض القلب، والأوعية الدموية في المستقبل.

وتعتمد مستويات تلك الأحماض في الدم على النظام الغذائي للأفراد، والجينات، والبكتيريا التي تعيش في الأمعاء.

ووجدنا أن اتباع نظام غذائي صحي (على غرار حمية البحر الأبيض المتوسط) يمكن أن يخفف من الآثار الضارة لتلك الأحماض على أمراض القلب، والأوعية الدموية.

ولذلك قد يساعد قياس الأحماض الأمينية متفرعة السلسلة في دمك على تقييم خطر الإصابة بمرض السكري، وأمراض القلب، والأوعية الدموية، وتشجيع التغييرات الغذائية التي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة في المستقبل.

فيلد: يمكن أن تتمتع التأثيرات البيئية في بعض الأحيان بالأهمية ذاتها للتأثيرات الجينية فيما يتعلق بخطر الإصابة بالأمراض.

قد تكون البكتيريا التي تعيش في أمعائنا قادرة على تحديد نوع النظام الغذائي الذي يجب أن نتناوله. هل يمكنك إخبارنا عن هذا البحث الناشئ؟ وما رأيك في اختبارات الميكروبيوم؟

بول: أظهرت الأبحاث أنه عند بعض الأشخاص، يرتفع سكر الدم لديهم بشكل أكبر نتيجة تناول الموز مقارنًة بتناول الكعك، وارتبط هذا بتكوين الميكروبيوم.

واستخدم العلماء بيانات الميكروبيوم لبناء خوارزميات يمكنها التنبؤ باستجابة الفرد للجلوكوز، وهذا تقدّم كبير.

ولكن هذا ليس عذراً بالنسبة لي لتناول الكعك بدلاً من الموز.

وبالمثل، إذا اقترحت الخوارزمية تناول الخبز الأبيض بدلاً من خبز القمح الكامل بسبب استجابات جلوكوز الدم، فلن أتناول الخبز الأبيض طوال الوقت.

وفي الوقت الحالي، لست مستعدًا لإنفاق الكثير من المال لمعرفة ما يوجد في الميكروبيوم بأمعائي.. ويتغير الميكروبيوم بمرور الوقت.

كيف ستكون نصائح التغذية مختلفة بعد 10 أعوام من الآن؟

بول: أعتقد أنك ستتلقى قائمة بقالة مخصصة عبر إحدى التطبيقات تتضمن الأطعمة التي ترغب في شرائها، والأطعمة التي تريد تجنبها، بناءً على استجابات السكر في دمك للأطعمة، ومستوى نشاطك البدني، وغيرها من العوامل.

هو: سيكون لدينا عدد أكبر وأفضل من المؤشرات الحيوية، والمزيد من الاختبارات الجينية التغذوية الدقيقة، والأيسر تكلفة، بالإضافة إلى خوارزميات كمبيوتر أفضل تتنبأ باستجابتك للطعام الذي تستهلكه.

ولكن لا يمكن لهذه التقنيات استبدال مبادئ التغذية العامة مثل الحد من الصوديوم، والسكر المضاف، وتناول المزيد من الأطعمة النباتية الصحية.

وفي غضون عدّة أعوام، قد تكون قادرًا على الحصول على إجابة مفيدة أكثر من جهاز "أليكسا" عند سؤالك عمّا يجب أن تأكله، ولكن مثل الإجابات الأخرى من "أليكسا"، يجب عليك أخذ الحيطة.

نشر