هزم الحزن روحه.. بعدما انكسر قلبه على قتل زوجته في مجزرة تكساس

علوم وصحة
نشر
8 دقائق قراءة
شاهد مقاطع فيديو ذات صلة
الحب يؤلم.. كيف يمكن للقلب المكسور أن يؤثر على صحتك الجسدية؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- مأساة أخرى تلت مذبحة إطلاق النار الثلاثاء، داخل مدرسة "روب" الابتدائية في مدينة أوفالدي بولاية تكساس الأمريكية، أودت بحياة 19 طالبًا ومعلمتين.

فقد توفي جو غارسيا، زوج إيرما غارسيا، إحدى المعلمتين اللتين قضتا في الحادث، في منزله إثر نوبة قلبية، وقال أفراد الأسرة إن وفاته قد تكون ناتجة عن إصابتة بمتلازمة القلب المكسور.

لدى الزوجان الراحلان أربعة أطفال، وفقًا لموقع المدرسة الابتدائية.

وكتبت ابنة عم إيرما غارسيا، ديبرا أوستن، في منشور عبر موقع "GoFundMe" الخاص بالعائلة: "أعتقد حقًا أن جو توفي بسبب انكسار قلبه، فهو لم يتحمّل فقدان حب حياته لأكثر من 25 عامًا".

فهل تعلم أنّ القلب المكسور قد يتسبب بوفاة صاحبه؟ إنّه لأمر نادر الحدوث، لكن الصدمة العاطفية المفاجئة مثل وفاة أحد الأحباء، قد ينجم عنها حالة قلبية مؤقتة تجعل القلب غير قادر على القيام بوظيفته الطبيعية.

وأشار الدكتور إيلان فيتشتاين، أستاذ الطب المساعد في مستشفى جونز هوبكنز، الذي نشر واحدة من الدراسات الأولى حول متلازمة القلب المنكسر، المعروفة أيضًا باعتلال عضلة القلب الإجهادي، أنّ الإصابة بها "تستدعي أحيانًا الحاجة إلى دخول وحدة العناية المركزة تحت أثر الصدمة، وقد لا ينجو الشخص إن لم يحصل على الرعاية الطبية اللازمة".

رغم ذلك، عندما أصيبت ماري بريتنغهام لأول مرة في عمر 53 عامًا بهذه الحالة، ثم عاودتها في الـ56 عامًا و69 عامًا، لم يرتبط الأمر بفقدان شخص قريب وعزيز عليها.

وأوضحت بريتنغهام، أستاذة القانون السابقة في كلية الحقوق بجامعة جورج تاون: "لم ينكسر قلبي بسبب قصة حب مأساوية. إنما بسبب مفاجأة في المرة الأولى، بل صدمة في الواقع"، "أما الثانية فسببها الغضب، والثالثة الخوف".

إذ طلب من بريتنغهام عام 2006، إعداد كلمة سريعة في مناسبة حفل تكريم أعضاء هيئة التدريس بجامعة جورج تاون، إلا أنها فوجئت بأن الوقت المخصّص لها 15 دقيقة.

وتتذكر قائلة: "لقد شعرت بالذهول. كان من المفترض أن ألقي خطابًا طويلًا عن زملائي الأعزاء، في الوقت الذي أعددت فيه سطرين فقط! وفجأة شعرت بضيق خانق في صدري. كان مؤلمًا للغاية، لكنني ظننت أن مردّه القلق".

وعندما لم يخف الألم في تلك الليلة، توجهت بريتنغهام إلى المستشفى خوفًا من إصابتها بنوبة قلبية، لكن اتضح أنها لم تصب بنوبة قلبية أو قصور في القلب، بل بمتلازمة القلب المنكسر.

القلب المكسور له شكل غير عادي

وتعامل فيتشتاين لأول مرة مع حالات اعتلال عضلة القلب الناتج عن الإجهاد عندما كان طبيبًا شابًا معالجًا في وحدة القلب التاجية، عام 1998.

وكان لديه ثلاث حالات غير عادية متتالية، وقال: "تعاملت مع ثلاث مريضات تعرضن لنوع من الأحداث المجهدة عاطفياً. الأولى جرّاء وفاة والدتها، والثانية تعرّضت لحادث سيارة مخيف، والثالثة واجهت لقاءً مفاجئًا. مع ذلك جميعهن أتين إلى المستشفى بنتائج مشابهة جدًا بعد خضوعهنّ لمخطّط صدى القلب".

وأظهرت الصور أن البطين الأيسر لكل قلب، حجرة الضخ الرئيسية، قد انتفخ ليأخذ شكلًا غريبًا أشبه بوعاء يستخدمه الصيادون اليابانيون لاصطياد الأخطبوط، يعرف باسم "تاكوتسوبو".

أوضح فيتشتاين أن الحالة التي تُعرف باسم اعتلال تاكوتسوبو القلبي منذ رصدها لأول مرة في اليابان عام 1990، لم تكن معروفة جيدًا في الولايات المتحدة، وربما شُخصت بشكل خاطئ في كثير من الأحيان.

وأشار إلى أنّ أعراضها التي تشمل التعرق، وألم في الصدر، وضيق في التنفس قد تتماهى وأعراض الأزمة القلبية.

لكن خلافًا للنوبة القلبية، التي يتسبب بها عادة انسداد الشرايين، تمتّع هؤلاء المرضى الأوائل بـ"شرايين تاجية طبيعية نقية"، مع وجود دليل ضئيل أو معدوم، على ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم واللويحات.

ولفت فيتشتاين إلى أنّ عضلة القلب لدى المريضات الثلاث لم تتغيّر أو تتضرّر بشكل دائم كما هي الحال مع النوبة القلبية.

بدأ فيتشتاين وفريقه دراسة هذه الظاهرة، ونشروا واحدة من دراستين أساسيتين وضعاهما، عام 2005.

وأشار فيتشتاين إلى أننا "أطلقنا عليها لقب متلازمة القلب المنكسر لأنه في ذلك الحين لم يعتقد أحد في مجال الطب أن العواطف قد يكون لها هذا الأثر المأساوي على قلب الإنسان".

المحفزات الجسدية

وأوضح فيتشتاين أن العلم لم يتمكن من تحديد سبب حدوث متلازمة القلب المنكسر، أو سبب تكرار نوبات القلب لدى بعض الناس.

وتابع: "نعتقد أن الأمر يتعلق بخلل في مقاومة الجسم لاستجابة الكر والفر، وإطلاق مواد كيميائية مثل الأدرينالين، والنورادرينالين، والدوبامين التي يستخدمها الجسم لإعدادنا للفرار أو الوقوف والمواجهة".

ووجدت دراسة أجريت عام 2020، أن نسبة 2% من الأشخاص الذين شخصت إصابتهم بنوبة قلبية في غرف الطوارئ، يعانون من هذه المتلازمة، وفقًا للتقديرات، وأنّ الحالات المسجلة آخذة في الارتفاع، خصوصًا بين النساء.

وأشار فيتشتاين إلى أن الزيادة بمعدل التشخيص مردّها ببساطة إلى زيادة الوعي بين الأطباء حول المتلازمة، لافتًا إلى أن معظم الأشخاص الذين يعانون من نوبات متلازمة القلب المنكسر هم من النساء، لا سيما بعد سن اليأس، وبين من يفتقرن إلى هرمون الاستروجين.

وقال فيتشتاين: "عندما تحقن هرمون الاستروجين في الأوعية الدموية فإنها تتوسّع. لذا فإن هرمون الاستروجين يعد وسيطًا مهمًا للغاية في كيفية عمل الأوعية الدموية لدى النساء".

وأظهرت الدراسات أن خطر الإصابة بمتلازمة القلب المنكسر يرتفع بمقدار خمسة أضعاف بعد بلوغ 55 عامًا لدى النساء.

وأشار فيتشتاين إلى أن الأطباء يعلمون أن ثلث الحالات فقط مرتبط بصدمة عاطفية، بينما الثلثين الآخرين لأسباب جسدية، مثل الألم الشديد، ونوبات الربو، والسكتة الدماغية، والحرارة المرتفعة، وانخفاض نسبة السكر في الدم، والجراحة، والالتهاب الرئوي.

وأوضح "أنّنا ندرك أنّ الالتهاب الرئوي يعتبر أخطر المسببات الجسدية التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث هذه الحالة".

وأضاف فيتشتاين أن هذا يثير القلق وسط الجائحة، لأنّ "كوفيد-19" يضر بالرئتين.

وثمة نظرية أخرى تعتبر أن السبب يعود إلى الضرر الذي يلحق بالأوعية الدموية الصغيرة المحيطة بالقلب.

وأوضح فيتشتاين أنه عند الشعور بالتوتر، يحتاج القلب لمزيد من الدم كي يساعدة الجسم على الاستجابة، لكن مع متلازمة القلب المنكسر، يُعتقد أن اندفاع الأدرينالين يتسبب بتقلص الأوعية الدموية الدقيقة في القلب بدلاً من التمدد، فتقل كمية الدم التي تصل إلى القلب بشكل مؤقت".