هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
لا يعرف السعوديون ما إذا كانوا سيستفيدون من التغييرات الأخيرة في واشنطن أم لا، لكنهم على ما يبدو يفعلون ما يخدم مصالح المملكة. هناك الكثير من الحديث في الولايات المتحدة عن تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة و" ثورة النفط الصخري "، والذي يعتقد البعض أنه من خلاله سيتم الاستغناء عن النفط السعودي.
يشعر السعوديون بشيء من الأمل تجاه بعض الشخصيات التي عيّنها ترامب في إدارته الجديدة لتحسين العلاقة بين البلدين. ولكنهم لا يزالون غير متأكدين من سياسة ترامب عندما يتعلق الأمر بموقف الولايات المتحدة من الأزمة في سوريا وعلاقة ترامب مع روسيا. أما بالنسبة للمشهد السياسي الداخلي في السعودية، فإن الإدارة السعودية الجديدة في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز ترى أن هناك أمرين أكثر أهمية من العلاقة بين المملكة والغرب، وخاصة الولايات المتحدة. الأمر الأول هو التهديد الجيوسياسي الذي تمثله إيران على الممملكة والمنطقة بشكل عام، والأمر الثاني هو الوضع الاقتصادي الداخلي.
بالنسبة لإيران، ترى المملكة العربية السعودية أن طهران استفادت استفادة كاملة من الفوضى التي خلقتها أمريكا في غزوها على العراق. إن طهران تستخدم جهات غير حكومية لفرض نفوذها وقوتها في جميع أنحاء المنطقة، الأمر الذي أثار قلق المملكة بسبب محاولة إيران تشكيل طوق حولها. ويمتد الحصار الذي تحاول إيران فرضه من اليمن، حيث تمتلك إيران ميليشيا (الحوثيين) التي تعمل بالنيابة عنها، إلى العراق، حيث نشرت إيران ميليشيا مسلحة يبلغ عددها حوالي 100 ألف مسلح من الشيعة للقتال في الموصل، ومن ثم سوريا التي دخل إليها حزب الله وميليشيات شيعية من مناطق بعيدة مثل أفغانستان وباكستان. حتى أن طهران تتدخل في شؤون الفلسطينيين وتدعم كلاً من حماس والجهاد الإسلامي في الأراضي الفلسطينية أيضا.
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف صرح لوكالة الانباء الطلابية (إسنا) يوم الأحد 5 مارس أن بعض دول الجوار –ويقصد السعودية- متوهمة، وأن عليها أن تعيد النظر في سياستها تجاه إيران وتتبنّى سياسة أكثر واقعية.
هناك الكثير من المشاكل في المنطقة: الحرب في اليمن، مشكلة داعش، مشكلة الحرب الاهلية في سوريا، ضعف لبنان، انخفاض أسعار النفط وتحدي النفط الصخري، وجميع هذه المشاكل حقيقية وليست وهمية. حل معظم هذه المشاكل يحتاج الى تعاون القوتين الإقليميتين السعودية وإيران.
وتأمل بعض دول المنطقة أنه بوجود وساطة من عمان والكويت، يمكن أن تحضر إيران موسم الحج هذا العام، وأن يؤدي مثل هذا التواصل إلى فتح قنوات لعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
في المؤتمر الأمني الذي عُقد في ميونيخ في الشهر الماضي في المانيا، وجدت إيران نفسها فجأة تتعرض لضغوط من دول المنطقة، خاصة تركيا والسعودية وإسرائيل، والتي تدّعي جميعها ان إيران مصدر اضطراب إقليمي.
ان التحدث إلى إسرائيل لم يعد من المحرمات الإقليمية باستثناء إيران، ولكن الآخرين فهموا أهميتها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمسألة الأمنية. ما هو واضح هو أن فلسطين ومستقبل الفلسطينيين أهم بكثير من مستقبل سوريا.
ان وزير الخارجية السعودي يستطيع الجلوس إلى جانب نظيره الإسرائيلي ويحييه، ولكن الشعب السعودي يهتم أكثر من ذلك بشؤون فلسطين. جهود السعودية من أجل حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي تشمل مبادرة السلام العربية المشهورة التي تقدّم بها الملك عبد الله بن عبد العزيز في عام 2002 (وكان حينها لا يزال ولياً للعهد)، وهي لا تزال حتى الآن الاتفاق الوحيد القابل للتطبيق الموجود على الطاولة.
ربما لا تكون السياسة الامريكية الجديدة التي ينتظرها الجميع ملبية لطموحات شعوب المنطقة، وهذا يعني ان الدول الإقليمية يجب أن تفهم أهمية التسامح فيما بينها والتعاون المشترك.