بظل بروز السياسيات الخارجية لمرشحي الرئاسة الإيرانية.. إليكم تاريخ علاقة إيران والسعودية

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- وسط احتدام المواجهة بين مرشحي الانتخابات الإيرانية الرئاسية التي ستُعقد في 19 مايو/ أيار الجاري، برزت التصريحات حول السياسات الخارجية، وخاصة علاقة طهران مع دول الجوار وأبرزها المملكة العربية السعودية.

نستعرض عليكم تاريخ العلاقات المضطربة بين القوتين الإقليميتين:

برز في الفترة الأخيرة تفجر العداء بين السعودية وإيران ليصبح أزمة دبلوماسية من الدرجة الأولى، وسط تبادل طهران والرياض التصريحات الهجومية. وكانت السعودية طردت البعثة الدبلوماسية الإيرانية وقطعت العلاقات بعد مهاجمة سفارتها في طهران في يناير/ كانون الثاني في 2016.

هذا ما تحتاج معرفته من تفاصيل قصة الدولتين، التي من المتوقع أن تتصدر عناوين الأخبار لبعض الوقت:

ماذا حدث؟

أعلنت السعودية، في يناير/ كانون الأول عام 2016، إعدامها الشيخ نمر النمر، أحد أشد منتقدي العائلة المالكة السعودية، وكان مدافعاً عن الشيعة في المنطقة الشرقية في المملكة، حيث اشتكى الشيعة منذ فترة طويلة من التمييز على يد الحكم الملكي السني في البلاد.

ولطالما وجهت السعودية أصابع الاتهام إلى إيران بإثارة الفتنة بين أولئك الشيعة. ولعب اعتقال واحتجاز ومحاكمة النمر دوراً مهماً في تصعيد العداء قديم الأزل بين هاتين القوتين الإقليميتين.

ما هي علاقة هاتين الدولتين؟

الصراع بين السعودية وإيران متجذر في الانقسامات العميقة بين الفروع الشيعية والسنية في الإسلام، ولكن النزاع على النفوذ السياسي والاقتصادي في المنطقة له فضل كبير في ذلك أيضاً.

وبدأ الخلاف منذ حوالي 14 قرناً، ويتعلق بالنزاعات حول أحقية خلافة النبي محمد كقائد للأمة الإسلامية. وقد هيمن المذهب السني من ناحية الانتشار، إذ أن ما يقرب من 90 في المائة من المسلمين في العالم من السنة، وهو المذهب الرئيسي في السعودية.

ورغم ذلك، بدأ المذهب الشيعي باستعراض عضلاته في عام 1979، إذ استبدل الثوريون في إيران الحكومة العلمانية في البلاد بالدينية وبدأ إرسال الدعم للشيعة في لبنان والعراق وأماكن أخرى في منطقة الشرق الأوسط.

وكتب مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، في مراجعة شاملة للنزاع الطائفي أن "تحول إيران إلى قوة شيعية علناً بعد الثورة الإسلامية تسبب في تسريع السعودية لنشر تأثيرها الديني، كما أحيا التنافس الطائفي بين الدولتين حول التفسير الصحيح للإسلام."

ما هي بعض الأمثلة؟

في البداية، دعمت المملكة الحكومة العراقية التي كان يقودها السنة آنذاك في حربها الدامية التي استمرت ثمان سنوات ضد إيران. ومع استمرار تلك الحرب إلى عام 1987، اشتبكت شرطة مكافحة الشغب السعودية مع الحجاج الإيرانيين في مكة المكرمة، وقُتل نحو 400 شخص، معظمهم من الشيعة الإيرانيين، وفقا لمعهد الولايات المتحدة للسلام.

وأدى ذلك إلى مهاجمة المتظاهرين الإيرانيين السفارات السعودية والكويتية، ومقتل دبلوماسي سعودي. ووصف المرشد الإيراني الأعلى، آية الله الخميني، آنذاك، السعودية بأنها "عصابة من المهرطقين". وبعد ذلك، أسدلت الستائر على العلاقات الدبلوماسية لمدة أربع سنوات، إلى أن أسفرت الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 1997 عن علاقات أكثر دفئاً، وبلغت ذروتها في الاتفاق الأمني بين البلدين عام 2001.

ولكن الأمور انهارت من جديد في عام 2003، عندما أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في العراق بصدام حسين، مما أطلق السلطة السياسية الشيعية المقموعة في العراق، وأدى إلى توثيق العلاقات مع طهران وزيادة النفوذ الإيراني على جارتها.

وبلغ القلق من تصاعد نفوذ إيران ذروته عندما تفجرت أحداث "الربيع العربي" التي بدأت في تونس في أواخر 2010.

وفي2015، زادت العلاقات برودة إثر الصراعات بسبب مزاعم تدعي اعتداء حراس سعوديين على الحجاج الإيرانيين في أبريل/ نيسان، ومقتل المئات، بينهم إيرانيون، في سبتمبر/ أيلول، خلال التدافع بمنى في أول أيام عيد الأضحى وسقوط الرافعة في الحرم المكي.

كيف للعداء أن يؤثر على الشرق الأوسط والعالم؟

باختصار، أصبح الوضع قالباً من الحروب بالوكالة، إذ دعمت إيران حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد، ضد الأغلبية السنية المعارضة والمدعومة من السعودية.

وفي اليمن، لدى الحوثيون الذين يسعون لقلب نظام الحكم علاقات بإيران، في حين تقود السعودية تحالفاً من الدول العربية لقصف أهداف للمتمردين على حكم الرئيس المعترف به دولياً، عبدربه منصور هادي.

كما للصراع الإقليمي أصداء في الأماكن التي بها أغلبية شيعية مثل لبنان، حيث ترغب السعودية في إخماد نفوذ "حزب الله" المدعوم من إيران، ومثل العراق، حيث تشعر الأقلية السنية بالحرمان بعد أن كانت في السابق مسيطرة سياسياً.

وليس من غير المتوقع أن تخرج الأوضاع عن نطاق السيطرة، حسبما يرى الفريق المتقاعد الأمريكي، مارك هرتلينغ، وهو محلل عسكري لشبكة CNN. إذ قال: "الوضع يتصاعد بسرعة كبيرة."

ولكنه ليس بالأمر الحتمي. أولا، لأنه من غير المحتمل أن تريد طهران حقاً بدء حرب مع السعودية المجهزة جيداً والمدعومة من الولايات المتحدة.

وقال علي رضا نادر، الباحث في معهد "راند كورب" للدراسات، أمام لجنة فرعية في الكونغرس الأمريكي، الشهر الماضي، إنه بعد أعوام من العقوبات الاقتصادية وحظر صفقات الأسلحة، أصبح الجيش الإيراني مشلولاً.

وقال إنه حتى مع تخفيف العقوبات الناجمة عن الاتفاق النووي مع القوى الغربية، من غير المرجح أن ينمو اقتصاد إيران بما يكفي لإعطاء طهران دفعة قوة كبيرة في المنطقة. والصراع مع المملكة لن يساعد هذا الوضع.

ولدى السعودية قضاياها الداخلية التي قد تحد من إقبالها على الأعمال العدوانية، إحداها هو التأثير المتزايد لانخفاض أسعار النفط.