کاملیا انتخابی فرد تكتب لـCNN: وحوش داعش موجودون بيننا.. والسلام لكل المنطقة وليس للموصل والرقة فقط

الشرق الأوسط
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير کاملیا انتخابی فرد

هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

الأوضاع والظروف الصعبة التي يمر بها كل من العراق وسوريا حالياً -النشاطات الإرهابية، الحرب الأهلية، الحرب الدينية، وكل ما قد يخطر على بال المرء من متاعب تقريباً- هي أكبر كارثة إنسانية في التاريخ الحديث منذ الحرب العالمية الثانية.

وما يحزن القلب أكثر هو أن كل طرف من الأطراف المتصارعة تقريباً يدّعي أنه يفعل ما يفعله في سبيل خدمة الإسلام. الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي ربما تنتهي قريباً بطرد التنظيم من المناطق الأخيرة التي بقيت تحت سيطرته في الموصل العراقية والرقة السورية، لكننا بحاجة إلى بحوث ودراسات لنفهم الأسباب التي دفعت عناصر تنظيم داعش إلى أن يصبحوا على كل هذا القدر من الوحشية والعنف. "كيفية التحول من إنسان إلى وحش" قد يكون تخصصاً علمياً جديداً على المؤسسات الأكاديمية أن تتولى شرحه لنا.

في يوم السبت 1 يوليو/تموز، تمكن مراسل قناة (بي بي سي) البريطانية في مدينة الموصل العراقية من الوصول إلى ملجأ يضم أطفالاً عراقيين يتامى حررهم الجيش العراقي ويقوم بإرسالهم إلى معسكرات للاجئين في المناطق الآمنة. كانت الفوضى تعم المكان الذي كان يغص بعشرات الأطفال الجياع والمضطربين والخائفين الذين يرتدون ملابس رثة وقذرة، وكانت حالتهم بائسة ومحزنة وهم يتنالون الطعام الذي قدمه لهم الجيش العراقي قبل أن يتم نقلهم في حافلات إلى وجهتهم الآمنة.

03:16
من على أرض المعركة.. شاهد القتال العنيف بالموصل

تحدث مراسل القناة البريطانية إلى فتاة صغيرة لم تتجاوز الـ 12 سنة من العمر، وسألها عن حياتها أثناء وجود تنظيم داعش في الموصل. كانت الفتاة تحتضن شقيقتها الصغيرة ذات الأربعة أعوام، وتحدثت عن أهلها الذين قتلهم تنظيم داعش لأنهم وجدوا بطاقة صحفية في جيب والدها أثناء تفتيش المنزل. أطلق مسلح من داعش النار على رأس والدها فوراً أمام جميع أفراد الأسرة ومن ثم قتلوا والدتها ونقلوا الأطفال إلى ملجأ مخصص للأطفال اليتامى. كان معهم في الملجأ فتاة إيزيدية، وصبي شيعي، وأطفال آخرون أحضرهم التنظيم إلى الموصل من مناطق مختلفة من العراق وسوريا.

كنت أجلس مع أفراد أسرتي نشاهد التقرير ونحن نقاوم الدموع التي ملأت أعيننا. أطفال أبرياء شهدوا تعذيب وقتل أهاليهم بطريقة وحشية، وفي حالات كثيرة تعرّض الأطفال أنفسهم إلى اعتداءات جنسية وجسدية.

هؤلاء الوحوش في تنظيم داعش موجودون بيننا، لكنهم مصابون بأمراض نفسية لا يمكن الشفاء منها إلا بالقضاء على الأفكار المريضة التي يحملونها في عقولهم، وهذا يحتاج إلى تضافر الجهود بين الدول الإقليمية لمواجهة هذه الايديولوجيا الدموية وخلق المناخ المناسب الذي يساعد على تعاون هذه الدول والاتحاد فيما بينها كما فعلت أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

هؤلاء الأطفال الأبرياء، والنساء الإيزيديات اللاتي عانين من العبودية الجنسية، وأكثر من 3.000 امرأة وفتاة لا يزلن مفقودات ويعتقد أن معظمهن في عداد الأموات، جميعهم تعرضوا لجرائم لا تغتفر ضد الإنسانية ويجب أن يدفع مرتكبوها من داعش، وخاصة قيادات التنظيم، الثمن باهظاً بسبب ذلك.

إنني آمل أن تتعلّم دول المنطقة الدرس جيداً وأن تسعى إلى وقف الحروب الطائفية والدينية التي تزرع الكراهية في قلوب الكثيرين. هذه المنطقة تمتلك ثروات طبيعية هائلة، وجمالاً طبيعياً أخاذاً، وموارد كثيرة، لكن الأهم من ذلك كله هو ضرورة أن تمتلك قيادات هذه الدول الإرادة لإجراء التغييرات اللازمة والانتقال إلى حالة السلم العام. إننا نتطلع جميعا في الشرق الأوسط إلى اليوم الذي نتخلّص فيه من العنصرية والكراهية والتعصب الديني والطائفي والعرقي حتى يعيش الجميع مع جيرانهم بسلام وأمان.