هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
أطلق مقاتلو الزنتان سراح سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، بعد أن كانوا قد اعتقلوه في شهر نوفمبر من عام 2011. وقالت كتيبة أبو بكر الصديق، ومركزها مدينة الزنتان الليبية، أنها أطلقت سراح سيف الإسلام بناء على قانون عفو عام أصدره البرلمان الليبي في طبرق في العام الماضي. ولكن في الوقت الذي يقول فيه البرلمان الموجود في طبرق في المنطقة الشرقية من ليبيا إن سيف الإسلام يتمتع بالحرية، لا تزال حكومة العاصمة الليبية طرابلس، المدعومة من الأمم المتحدة، تعتبره مجرم حرب ومطلوباً للعدالة، بعد أن أصدرت محكمة بحقه حكماً غيابياً بالإعدام في عام 2015 بسبب جرائم اتهم بارتكابها أثناء الثورة.
ولعل القتال الشرس ضد تنظيم داعش في كل من الرقة وسوريا استحوذ على انتباه المجتمع الدولي لدرجة أنه ربما نسي ما يجري في ليبيا وكونها قد تتحول إلى خلية إرهابية جديدة. حيث يبدو أن البلد قد يدخل قريباً مرحلة جديدة من الحرب الأهلية وهو يتمتع بكل الشروط التي تجعله مؤهلاً لاجتذاب الإرهابيين الهاربين من العراق وسوريا ويبحثون عن ملاذ جديد لهم.
حكومة الوفاق الوطني الليبية التي تشكلت وفقاً للاتفاق الموقع في المغرب في 2015 يبدو أن مفعولها انتهى عملياً على الأرض. وهذا يعني أن ليبيا، بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب الأهلية، عادت مرة أخرى إلى النقطة التي كانت فيها في 2011، وربما إلى وضع أسوأ من ذلك بكثير.
المجتمع الدولي فشل حتى الآن في معالجة القضايا الرئيسية التي تهم ليبيا، ولا يبدو أن الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة على وشك اتخاذ قرار حاسم بهذا الشأن.
الواقع في ليبيا حالياً يشير إلى وجود حكومتين أو ثلاث حكومات: حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، والبرلمان أو مجلس النواب في طبرق، بالإضافة إلى المجموعة التي تمثل بقايا المؤتمر الوطني العام الذي تأسس بعد الانتخابات العامة التي جرت في 2012.
وعملياً، يسيطر مجلس النواب الليبي على الجزء الشرقي من البلد، ولكن المجلس لا يملك تفويضاً دولياً رغم اعتباره مؤسسة شرعية. من ناحية ثانية، حكومة الاتفاق الوطني في طرابلس لا تحظى بسلطة أبعد من سلطات الميليشيات التي تشكل جزءاً منها.
هذا الوضع يزداد تعقيداً لأن اتفاقية 2015، التي تشكلت حكومة الوفاق الوطني على أساسها، تمنع الحكومة من التحاور مع الجنرال خليفة حفتر، الذي يسيطر عملياً على المنطقة الشرقية في ليبيا.
لم تنجح أي مخططات خاصة بليبيا حتى الآن، ويبدو أن تشكيل حكومة مركزية تتمتع بسلطات حقيقية في ليبيا أمر بعيد الاحتمال في المستقبل المنظور. لذلك يجب القيام بالكثير من الأمور على المستويين المحلي والإقليمي من أجل إيجاد فرصة تسمح بتشكيل ونجاح حكومة وطنية في ليبيا قبل أن تؤدي تطورات الأحداث في الشرق الأوسط إلى تدفق إرهابيين دوليين إلى البلد وتزيد من تعقيد الأمور على الأرض.
هناك حاجة ماسة لتواجد قوات دولية على الأرض في ليبيا، سواء تم ذلك عن طريقة الأمم المتحدة أو حلف الناتو أو الجامعة العربية، أو حتى الدول العربية التي شاركت في إسقاط نظام القذافي في ليبيا في 2011. الغاية الأساسية من تواجد مثل هذه القوات هي السيطرة على الأوضاع المضطربة التي تمر بها ليبيا حالياً.
ليس إحلال الاستقرار في ليبيا أمراً بعيد المنال، وكلما سارع المجتمع الدولي في تحقيق ذلك، كلما كان ذلك أفضل لليبيا والمنطقة بشكل عام.