هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
اجتاح الحماس دول منطقة الخليج والشرق الأوسط عندما انتُخِبَ حسن روحاني رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية لأول مرة منذ حوالي أربع سنوات. في ذلك الوقت، عبرت السعودية عن اهتمامها بتحسين العلاقات مع إيران، ولكن لم يأخذ أي من البلدين خطوات عملية في ذلك الاتجاه، وبالتالي استمر تدهور العلاقات بين طهران والرياض لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ قيام الثورة الإيرانية في 1979.
كان العذر الأول هو انشغال إيران بالمحادثات النووية. ولكن بعد انتهاء المحادثات والتوصل إلى اتفاق نووي، تعرضت العلاقات بين البلدين إلى هزة قوية بسبب تعرض السفارة السعودية في طهران لهجوم في يناير 2016. وبدلاً من تقديم اعتذار رسمي للسعودية، ألقت الحكومة الإيرانية اللوم على السعودية واتهمتها باستفزاز الحشود الشعبية الإيرانية. وبعد انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين إيران من جهة والسعودية والبحرين من جهة أخرى، طلبت الكويت أيضاً مؤخراً من طهران إغلاق مكاتبها الثقافية والعسكرية وطردت 15 دبلوماسيا إيرانيا.
هذا الوضع يشكل تحدياً صعباً للرئيس الإيراني حسن روحاني وهو يبدأ فترته الرئاسية الثانية، حيث يأمل في تحسين علاقات بلاده مع الدول العربية وفي تحسين الاقتصاد الإيراني وإنقاذ الاتفاق النووي الذي تهدد الولايات المتحدة في عهد ترامب بالانسحاب منه. وليس واضحاً حتى الآن فيما إذا كان المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي قد طلب من المتشددين الإيرانيين دعم الرئيس روحاني الذي يأمل أن تبقى إيران ملتزمة بالاتفاق النووي. وفي جميع الأحوال، ربما يفضل المتشددون الإيرانيون عدم القيام بأي حركة إلى أن تتضح نوايا أمريكا الحقيقية بخصوص الاتفاق النووي.
من ناحية ثانية، لم يتحسن الاقتصاد الإيراني بالقدر الذي كان الشعب يأمل فيه، وبسبب القلق من مستقبل الاتفاق النووي بسبب المواقف المعلنة للرئيس ترامب، فإن البنوك العالمية الرئيسية والمستثمرين الأجانب لا يزالون خائفين من دخول السوق الإيرانية.
الاتحاد الأوروبي عبر بقوة عن التزامه بالاتفاق النووي بغض النظر عن قرار الولايات المتحدة في هذا الصدد، لكن الدور الأمريكي لا يزال مهما لطمأنة المستثمرين الأجانب القلقين من مستقبل العقوبات المطبقة على إيران. وفي الوقت الذي تنتشر فيه شائعات في واشنطن حول ما إذا كان ترامب سيوقع الأمر التنفيذي الخاص بالاتفاق النووي في 17 أكتوبر، والذي تتم مراجعته كل 90 يوما، لتوثيق التزام إيران بالاتفاق وتجميد العقوبات الخاصة بالبرنامج النووي، فإن هذا القلق انتشر ضمن المشهد السياسي في طهران أيضاً.
الرئيس الإيراني كرر في 30 أغسطس، خلال المراسم التي أقامها خامنئي للمصادقة على انتخاب روحاني، حقيقة أن إيران تريد أن تقيم مع الغرب علاقات بناءة. هذه العلاقات البناءة ربما لا تشمل الولايات المتحدة لأن المرشد الأعلى طلب من الحكومة الوقوف بحزم ضد واشنطن، وربما تفكر الحكومة الإيرانية بإقامة تحالف للدفاع عن الاتفاق النووي في حال قام ترامب بتمزيقه.
إن الوقت يمر بسرعة بالنسبة للرئيس روحاني لإنقاذ الاتفاق النووي الذي يفترض أن يصادق عليه الرئيس ترامب في 17 أكتوبر. أي أن روحاني لديه أقل من 3 أشهر لاستخدام كل قدراته ودبلوماسيته لإقامة علاقات بناءة مع أي دولة تستطيع أن تتفاوض مع الولايات المتحدة وتؤثر على الرئيس ترامب.
في هذه المرحلة تعود العلاقات مع الدول العربية، وخاصة السعودية، إلى دائرة الضوء، حيث ترى طهران في الوضع الحالي أن من مصلحتها تحسين العلاقات مع السعودية. يبدأ الأمر بأمنيات جانبية لتحسين العلاقات بين دول المنطقة. إيران تحتاج إلى أن يقف معها العالم العربي في قضية الاتفاق النووي، في حين تحرص السعودية على تقليص التوتر في المنطقة.