أجرى الحوار: وليد الحسيني
القاهرة، مصر(CNN)-- طالب عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، حافظ أبوسعدة، الحكومة المصرية بعدم تجاهل تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الذي اتهم وزارة الداخلية بـ"التعذيب الممنهج للمعتقلين السياسيين" في مصر، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة حول ما ورد في التقرير، بحسب ما قاله لـCNN بالعربية.
وأضاف حافظ أبوسعدة أن العلاقات الدولية تتأثر بمثل هذه التقارير، بدليل القرارات الأمريكية الأخيرة التي أثرت على المعونة الأمريكية لمصر بسبب ملف حقوق الإنسان في مصر، مؤكدا أن سمعة ملف حقوق الإنسان في مصر تؤثر على جذب الاستثمارات.
وكان هذا نص الحوار:
ما رأيك في تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش عن حالة حقوق الإنسان في مصر ووجود حالات تعذيب؟
التقرير يتضمن مجموعة معلومات من ضحايا ومن شهود عيان حول وجود تعذيب في السجون المصرية، لكن هذا التقرير ينقصه أن يحقق فيه من قبل السلطات المصرية وأن يتم فحص البيانات والمعلومات التي ورددت فيه والاستماع إلى الشهود والضحايا ثم تقرير ما إذا كان ما ورد في التقرير صحيح من عدمه.
ما مدى دقة مثل هذه التقارير؟
التقرير يتحدث عن حالات تعذيب وصلت إلى 19 حالة، وبالتالي وارد أن يحدث ذلك، ونحن في المنظمة المصرية لحقوق الإنسان قدمنا بعض البلاغات للنائب العام، ولكن يظل تقرير هيومن رايتس ووتش في النهاية أقرب إلى شكوى، لأن كل المعلومات الواردة فيه من ضحايا أو أقاربهم أو محاميهم، ودقة التقرير تكتمل بإجراء تحقيق من السلطات المصرية من لجنة تحقيق مستقلة، وهو ما طالب به التقرير في نهايته، كما أن التقرير لم يجزم بما جاء فيه، ولكنه قال إنها مزاعم وحاول تأكيدها بتقرير من لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بجنيف عام 2014.
هل تتوقع أن تهتم الجهات الرسمية بمصر بإجراء تحقيق حول ما جاء في التقرير الأخير؟
أنصح بأن تهتم السلطات الرسمية بإجراء تحقيق حول ما ورد في التقرير، لأن المنظمات الأهلية الدولية غير الرسمية أصبح لها صوت مسموع ومؤثر في السياسة الدولية والمجتمع الدولي، ولا يجب تجاهل تقاريرها التي تؤخذ بشكل جاد في العلاقات الدولية وتقديم ردود واقعية وموضوعية.
ما هي الجهة الرسمية المنوط بها الرد على هذا التقرير؟
على المستوى الوظيفي هي وزارة الخارجية المصرية، ولكن قبل أن ترد يجب أن يكون لديها حقائق ومعلومات والتي لا يمكن أن تقدم إلا من خلال النائب العام، لأن النائب العام هو من يملك التحقيق مع أي شخصية في مصر يستمع إليها سواء رجال شرطة أو مواطنين وقدرته على الدخول إلى مكان الاحتجاز والسجون، ويجب إزالة القيود عن المنظمات الدولية والمحلية غير الحكومية حتى يمكن فتح مكاتب لها في مصر، ومنظمة هيومن رايتس ووتش طلبت ذلك منذ 10 سنوات، ومن المهم الآن إعادة النظر في هذا الأمر، ونلزم هذه المنظمات بتقديم أي معلومات للحكومة المصرية قبل صدور التقارير وتحديد مدة للرد على هذه المعلومات وهذا جزء من المهنية.
ما رأيك في تصريح وزارة الخارجية، في تعليقها على تقرير المنظمة، بأن سياستها هي عدم التعقيب على التقارير غير الموضوعية؟
لست مع هذا التصريح وتجاهل تقارير المنظمات الدولية غير الحكومية ذات المصداقية العالية في المجتمع الدولي ليس في صالحنا، لأن الدول الكبرى لا تتجاهل تقارير هذه المنظمات، والأفضل الاستماع إلى ما جاء في التقرير والأمر بإجراء تحقيق فيما ورد به، وأتمنى أن يشكل رئيس الجمهورية لجنة للتحقيق في هذا التقرير، لأن هناك بعدين في التقرير، الأول يتعلق بالـ 19 حالة التي وردت في التقرير، والثاني يتعلق بأن هناك مقولة إن التعذيب سياسة منهجية في مصر، لذلك هناك ضرورة في أن يُحقق في الأمر برمته ويقدم فيه معلومات تغير وجهة النظر وإنه لا توجد سياسة منهجية في التعذيب بمصر وإنها مجرد حوادث فردية سنُحيلها للنائب العام والمحكمة، أو إنها حقيقة ووقتها نضع سياسة بديلة لوقف هذه السياسة المنهجية.
ما مدى تأثير مثل هذه التقارير على مصر؟
طبعا لها تأثير كبير جدا، لأن السياسات الخارجية لكثير من الدول تربط علاقتها الدولية بملفات حقوق الإنسان، بدليل القرار الأمريكي الأخير بوقف جزء من المعونة لمصر وتعليق جزء آخر بعد الاستماع إلى المشكلات المتعلقة بحقوق الإنسان بمصر، كما تم قطع 300 مليون دولار من المعونة العسكرية لنفس السبب، بالإضافة إلى أن الشراكة مع الاتحاد الأوربي تلتزم بإعلان برشلونة الذي ينص في مادته الثانية على أن حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق المرأة، تحكم علاقته مع الدول التي سيدخل معها في شراكة، وبالتالي هذه التقارير تؤثر على سمعة مصر وتؤثر على جذب الاستثمارات، لأن هناك مبدأ في الأمم المتحدة حول مسؤولية الشركات عابرة القومية باحترام حقوق الإنسان.
هل تجاوزت مقدمة تقرير هيومن رايتس ووتش المهنية حينما تحدث عن انقلاب عسكري في 2013 أطاح بأول رئيس مدني مُنتخب؟
كان هناك ضرورة لضبط المصطلحات التي جاءت في التقرير وأن توضع المقدمة بين قوسين للإشارة إلى أن ذلك مسألة خلافية في وجهات النظر لأن البعض يرى ما حدث في 2013 انقلاب عسكري، وهناك قطاع كبير من المصريين لا يرون ما حدث انقلاب عسكري، حتى الحكومة الأمريكية نفسها لم تقل إنه انقلاب عسكري، وهذه إحدى نقاط الخلاف بيني وبين التقرير لأن 30 يونيو 2013 لديها شعبية كبيرة في مصر مثلها مثل 25 يناير 2011، لكن لابد وأن نفهم كيفية حديث التقرير، لأنه يعبر عن آراء الضحايا التي جاءت فيه وأغلبهم من تيار الإخوان المسلمين بمصر، ولكن يظل التعذيب مسألة لا يجب السكوت عليها، وبصرف النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معهم لأن التعذيب للإخوان المسلمين أو لغيرهم يجب التحقيق فيه.
هل تتوقع أن تكون هناك توابع للتقرير على مصر؟
لا أتصور أن هناك أمورا ضخمة ستحدث، لكن يظل هذا التقرير حجرا يبنى في سجل حقوق الإنسان بمصر وهو سجل تتزايد فيه الملاحظات والانتقادات بشكل كبير، وعلى الحكومة المصرية أن يكون لها وقفه مع سجل حقوق الإنسان وتضع استراتيجية لمدة عام على سبيل المثال تغير فيه الصورة، لأن هناك انتقادات كبيرة ولها ظل في الحقيقة سواء الجزء المتعلق بحقوق الإنسان أو التعذيب أو القبض خارج القانون والاعتقال وطول مدة الحبس الاحتياطي ومحاولة تغيير الصورة النمطية عن حقوق الإنسان بمصر لمحاولة تعديل التصنيف المتأخر لهذا الملف لأنه مؤثر على سمعة البلد والحكومة ورئيس الجمهورية نفسه، لأن هناك اتهامات بأن مصر تطارد حرية الرأي والتعبير والمدافعين عن حقوق الإنسان، مثلا غلق بعض المواقع الإلكترونية غير مبرر وإن كنت أفهم غلق المواقع التي تحرض على العنف والإرهاب.
ما مدى جدية السلطات المصرية لإحداث هذا التغيير؟
أظن أن الموقف الرسمي لا يشير إلى ذلك، بدليل استمرار الملاحقات للمنظمات الحقوقية وكتم الأصوات، وهذه مؤشرات على أننا غير جادين للسير في هذا الاتجاه.
ما تفسيرك لحالة الغضب الإعلامي في مصر حول تقرير هيومن رايتس ووتش؟
ليس لدي تفسير محدد لهذا الغضب غير المبرر، وإن كنت أرى أن هذا هو الأمر الطبيعي لأن الموضوعية تراجعت بشكل كبير في الإعلام المصري.
هل جاء التقرير الأخير بجديد عن حالة حقوق الإنسان في مصر؟
لا جديد به لأنه تحدث عن 19 حالة تعذيب في 3 سنوات وهذا قد يكون معدلا طبيعيا، ولو كنت مكان الحكومة المصرية لطلبت من منظمة هيومن رايتس ووتش حضور أحد ممثليها لمقابلة النائب العام لأننا قررنا فتح تحقيق فيما جاء في التقرير.
لماذا يغضب البعض في مصر من الحديث عن ملف حقوق الإنسان؟
المزاج الرسمي لديه موقف حاد من ملف حقوق الإنسان، بدليل قانون الجمعيات الأهلية الأخير الذي صادر فكرة حقوق الإنسان.