محلل شؤون الأمن القومي لدى CNN ونائب رئيس مؤسسة "أمريكا الجديدة" للأبحاث ومؤلف كتاب: "ولايات الجهاد المتحدة.. التحقيق في خطر الإرهاب بأمريكا"
(CNN) -- أعلنت القوات المدعومة من أمريكا، والتي تقاتل في الرقة، تحرير المدينة من سيطرة داعش الثلاثاء، لتتحرر بذلك المدينة التي كان التنظيم قد حولها إلى عاصمته الفعلية، وقد سارع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعي لجني ثمار ذلك من خلال القول بأن داعش لم يُهزم في السابق لأنه لم يكن هو في سدة الرئاسة.
ولكن هل هذا الأمر صحيح؟ في الواقع هو ليس كذلك، وفقا لمسؤولين عسكريين أمريكيين.
في أغسطس/آب 2016، قال اللواء شون ماكفرلين، الذي كان القائد الميداني للقوات المحاربة لداعش، إن الضربات التي وجهتها القوات الدولية بقيادة أمريكا للتنظيم أدت إلى مقتل 45 ألفا من عناصره، وبعد ذلك بعام قال قائد العمليات الأمريكية الخاصة، الجنرال رايموند توماس، إن الضربات الجوية الأمريكية منذ عام 2014 أدت لمقتل ما بين 60 و70 ألفا من عناصر داعش، وذلك كله كان قبل وصول ترامب إلى السلطة.
هذه المعطيات لا يجب أن تشكل مفاجأة لأحد، لأن الحرب على داعش بدأت قبل عامين ونصف من وصول ترامب للسلطة، ومعظم المحاربين في صفوف التنظيم قتلوا في الفترة التي سبقت وصول الرئيس الأمريكي الحالي لمنصبه، بل إن الحملة من أجل استعادة الموصل، أكبر مدينة سيطر التنظيم عليها، بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2016، خلال فترة تولي الرئيس السابق، باراك أوباما، للسلطة.
بعد فترة قصيرة على بدء معركة الموصل قال لي الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة الأمريكية الوسطى، إن الجهود العسكرية الأمريكية ضد داعش في الرقة والموصل كانت قد بدأت قبل فترة طويلة من الإعلان الرسمي عن العمليات، مضيفا أن القوات الأمريكية كانت قد قتلت حتى ذلك الحين 36 من كبار قادة التنظيم.
خلال فترة حكم أوباما كان داعش قد خسر عددا من المدن المهمة في العراق، بينها الفلوجة والرمادي وتكريت. لقد ساهم ترامب بالتأكيد في تعديل قواعد الاشتباك والسماح للقوات الأمريكية بدور ميداني أكبر، ولكن هذا لم يكن عنصرا مؤثرا في مسار المعارك النهائي.
وتظهر أرقام مركز "ايرورز" البريطاني لمراقبة العمليات الجوية أن الضربات في حقبة ترامب تراجعت في العراق وتزايدت في سوريا. وفي مايو/أيار الماضي وافق ترامب على خطة لتسليح الأكراد في سوريا رغم معارضة تركيا، وقد ساعد أولئك الأكراد لاحقا على تحرير الرقة.
خلاصة ما سبق: هناك الكثير من الاستمرارية والروابط بين خطة ترامب لمواجهة داعش وخطة أوباما. وعلى ترامب أن يكون حذرا في التسرع بإعلان مسؤوليته عن الانتصار على داعش وإلا سيسقط في نفس الفخ الذي سقط فيه أوباما عندما وصف داعش بأنها "فريق من المبتدئين.
الأوضاع السياسية التي أدت إلى ظهور داعش في الشرق الأوسط، وعلى رأسها الصراعات الإثنية والطائفية وسقوط الأنظمة العربية وبروز المشاكل الاقتصادية ستستمر تحت إدارة داعش، وهي بالتأكيد ستكون كفيلة مستقبلا بإعادة انتاج نموذج جديد من داعش، بل إن تنظيم داعش نفسه قد يندفع نحو المزيد من الهجمات في الغرب نظرا لظروفه.