هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
يقوم وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون برحلة الى منطقة الشرق الأوسط، وكانت أول محطة له هي المملكة العربية السعودية، حيث ناقشت هاتان الدولتان اللتان يربطهما تحالف استراتيجي هام تأثيرات إيران الإقليمية وكيفية مواجهة الوجود الإيراني في المنطقة.
وفي تطور مفاجئ بعودة الدفء إلى العلاقات العراقية – السعودية، تمت دعوة حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، الى الرياض خلال زيارة تايلرسون وذلك من أجل لقاءات ثنائية وثلاثية، الأمر الذي زاد من أهمية هذه الاجتماعات.
لقد دخلت المنطقة في مرحلة ما بعد سقوط داعش، ولذلك من الضروري التنسيق والتعاون بين الدول الإقليمية والدولية. ورغم أن المشاكل بين بعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي لم تعالج حتى الان، إلا أن زيارة تيلرسون يمكن أن يكون لها آثار إيجابية على كل من السعودية وقطر لسد الثغرات من اجل إعادة وحدة الصف إلى دول مجلس التعاون الخليجي مرة أخرى.
يقوم الوزير تيلرسون بزيارة قطر بعد السعودية، قبل أن يتوجه إلى كل من الهند وباكستان. ويمكن رؤية رحلة تيلرسون ضمن الاستراتيجية القادمة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المنطقة والتي بدأت بعدم الموافقة على مصادقة التزام إيران بالإتفاق النووي. كانت تلك بداية استراتيجيته الجديدة لمواجهة الوجود والتأثير الإيراني في المنطقة، لكن كان عليه قبل كل شيء أن يوحّد جهود الدول الإقليمية الحليفة، وتحقيق التقارب بين المملكة العربية السعودية والعراق يمكن رؤيته ضمن هذا الإطار الجديد للاستراتيجية الأمريكية.
ولكن في الوقت الذي اتجهت فيه الأنظار إلى المنطقة مع بداية المحادثات الجادة حول أزمة سوريا والعراق وعودة اللاجئين واستعادة المناطق المدمرة، فإن من السذاجة الاعتقاد بأن داعش قد انتهى بشكل كامل. فالإرهاب بدأ يتقدم بسرعة وثبات في منطقة ليست بعيدة كثيراً عن الشرق الأوسط. حيث أن أفغانستان تواجه ظروفاً صعبة جداً لم تشهدها منذ الإطاحة بحركة طالبان من الحكم في عام 2002.
فقد قُتل أكثر من 200 مدني وعسكري في هجمات إرهابية متعددة في أقل من أسبوع. وقد أعلن تنظيم داعش عن مسؤوليته عن هجوم المسجد في كابول، والذي أدى الى مقتل أكثر من 50 من المصلين الذين كانوا في المسجد يوم الخميس. كما أعلنت حركة طالبان عن مسؤوليتها عن الهجمات على قواعد الجيش في قندهار وباكتيار وكندوز، والتي كان آخرها الهجوم على حافلة في كابول يوم السبت أدى إلى مقتل 15 ضابطاً من كبار القادة العسكريين.
لقد شهدت أفغانستان السنة الأكثر دموية منذ عام 2002 وربما مع التغيرات التي حصلت في الاستراتيجية الأمريكية ونشر أعداد إضافية من القوات العسكرية تبلغ حوالي 5000 جندي، اختار الإرهابيون شن مزيد من الهجمات ضد المدنيين.
يبدو الآن، بعد هزيمة داعش الكاملة في سوريا والعراق، أن التنظيم وجد ملاذاً آمناً في أفغانستان، وربما وجدت حركة طالبان دوافع جديدة للارتباط مع تنظيم داعش وتغيير أساليبهم بشكل أو بآخر.
مهما كان معنى هذا التحول، فان الفقراء والأبرياء في أفغانستان هم الذين يدفعون ثمن ما يحدث في بلادهم، بينما لا يريد أحد ان يعالج مشاكلهم وقضاياهم بطريقة أكثر جدية، خاصة وأن الولايات المتحدة مشغولة هذه الأيام في حل القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط.
إذا لم يتوحّد العالم الإسلامي اليوم لحل مشكلة أفغانستان فإن كثيراً من دول العالم الإسلامي ستجد نفسها، خلال عام أو أقل، في مواجهة النتائج السلبية لما يحدث في أفغانستان الآن، والذي قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة فيما بعد.
دعونا نفكر بأفغانستان قبل أن تتحول أفغاستان مرة أخرى إلى أرض معركة خارجة عن السيطرة للإرهاب الدولي.