واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- اندحار تنظيم داعش قد لا يعني بالضرورة تراجع خطر الإرهاب، فالمتطرفون سيجدون أرضا خصبه يسهل انتشار التطرف فيها، وخاصة المناطق التي تسيطر فيها الولاءات الطائفية والبطالة وانعدام الثقة على الناس.
تنظيم داعش نفسه باشر العودة إلى أساليب بدايات عمله قبل أن يسيطر على مناطق كاملة، أي أنه عاد للعمل السري والخلايا النائمة، فهجومه الدموي الأخير استهدف بلدة شيعية في جنوب بغداد وتسبب في مقتل 80 شخصاً، ضاربا منطقة بعيدة عن قلب نفوذه، كما أنه يمتلك خلايا نائمة في ديالى والأنبار بالعراق، وتنظيما كاملا يتبع له في صحراء سيناء المصرية، ومعسكرات في ليبيا وأفغانستان، بل وقد ألقي اللوم عليه في مقتل أربعة جنود أمريكيين في النيجر الشهر الماضي.
أدى فقدان داعش لأراضيه إلى سعي القاعدة وراء الفرص في سوريا. فمنطقة إدلب، وفقا لما يقوله بريت ماكغيرك، مبعوث الولايات المتحدة لمحاربة داعش، باتت أكبر ملجأ آمن لتنظيم القاعدة منذ حقبة مؤسسها أسامة بن لادن، كما يستقطب حمزة بن لادن، نجل أسامة، الأجيال الجديدة من الجهاديين للقاعدة.
لطالما ناصب المسلحون السُنّة العداء لقوى الغرب والأنظمة الملكية العربية، لكن أصبح لهم خصم جديد في صورة التحالف الشيعي المدعوم من قبل إيران، التي تجند المقاتلين من لبنان والعراق وحتى أفغانستان للمحاربة في سوريا. وتُعتبر الحرب الدائرة بينهم الآن بمثابة حرب أهلية بين المسلمين. إيران تحاول الاستفادة من الأجواء الراهنة وأحداث كركوك، ويبدو أنها اقتربت خطوة إضافية من تحقيق هدفها بربط طهران وبغداد ودمشق وبيروت بمحور نفوذ على شكل "هلال شيعي."
تتغير التحالفات بين دول الشرق الأوسط وتسعى كل منهم للكسب من خسارة داعش. اشترت السعودية، وهي المنافس الإقليمي لإيران، قدرا طائلا من الأسلحة، خصيصاً خلال زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز لموسكو هذا الشهر. وقد أكدت مصادر سعودية أن منظومة الصواريخ S-400، التي اشترتها من روسيا، ستوجه إلى طهران وليس القدس.
وتتجه قطر نحو إيران مضطرة بعد انقطاع الواردات عنها من دول الخليج بسبب تبادل الاتهامات حول دعمها لجماعات متطرفة في المنطقة. وفي اليمن يتمتع تنظيم القاعدة في اليمن بحُريه أكبر مستفيدا من الحرب الدائرة.
وفي سوريا، دخلت القوات التركية لتشكيل حاجز بين المعارضين في إدلب والجيش السوري، وذلك بالرغم من غضب نظام الحكم في دمشق، مهمة عالية الخطورة حيث أنه من المحتمل أن يواجهوا أو يهاجموا من قبل المجموعات الجهادية.
عام 2015، وفي ذروة قوته، كان تنظيم داعش هو العدو المشترك للجميع، والآن، وبعد عامين، يبدو أن وجه الإرهاب قد تبدل، ولكن لا يبدو في أفق الشرق الأوسط أو لدى القوى العظمى أي نية سياسية حقيقة لإغماد السيوف والتفرغ للبناء.