هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
تنحّى مسعود بارزاني، رئيس اقليم كردستان العراق يوم الاحد 29 أكتوبر / تشرين الأول عن الرئاسة بعد الخلافات الأخيرة مع بغداد واجراء استفتاء الاستقلال في 25 سبتمبر / أيلول الماضي.
فعلى الرغم من كل التحذير الذي تلقاه بارزاني من الحكومة المركزية في العراق وجيرانه إيران وتركيا، ومعارضة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وصولاً إلى السعودية لإلغاء الاستفتاء في هذا الوقت الفوضوي بالشرق الأوسط، لم يستمع وقرر اجراءه.
أدلى الأكراد القادمون من جميع أنحاء إقليم كردستان العراق بأصواتهم بينما وعد رئيسهم بارزاني باتخاذ ما هو لازم بعد النتيجة للحصول على الاستقلال.
الأمة الوحيدة التي كانت تدعم عمل الأكراد هي إسرائيل التي تجعل الدول الإقليمية تشتبه في مؤامرة من قبل الصهيونية من أجل خلق دولة في قلب الدول الإسلامية مثل ما حدث للفلسطينيين على المدى الطويل.
لكن بارزاني كان ساذجا باتباعه الدعم الإسرائيلي ووضع نفسه في ورطة معرضاً وضع الأكراد للخطر من خلال محاولة الاستفتاء.
كركوك مدينة نفطية استولى عليها الأكراد من داعش في عام 2014، وهي محل تنازع بين الحكومة المركزية العراقية وكردستان، حيث يدّعي كلاهما أنها جزء من أراضيه، يسيطر عليها الأكراد.
لدى كردستان احتياطيات نفطية تبلغ 45 مليار برميل على الأقل، وتصل الصادرات إلى حوالي 600 ألف برميل يوميا. معظم النفط يمر الى خارج البلاد عبر خط أنابيب من كركوك إلى مدينة جيهان التركية، ومن ثم إلى أسواق التصدير في روسيا وأوروبا.
وفي الوقت الذي عانى فيه العراق من تدمير واسع النطاق لصناعة النفط خلال الغزو الأمريكي والحرب الأهلية اللاحقة عام 2003، استطاع اقليم كردستان الهروب نسبيا، في حين عززت حكومته المستقلة السيطرة على المناطق الشمالية، التي تضم 40 في المئة من احتياطي النفط العراقي.
لم تتقيد كردستان باتفاق إنتاج أوبك في نوفمبر 2016، كما أنها لم تنضم إلى تمديد خفض الإنتاج الذي تم الاتفاق عليه في مايو. في الواقع، إن حكومة إقليم كردستان مضت قدما في خطط لتوسيع إنتاج النفط وصادراته، حيث تم توقيع اتفاق لمدة عشرين عاما مع "روسنفت" الروسية في أوائل يونيو / حزيران. وستستثمر الشركة الروسية 3 مليارات دولار في حكومة إقليم كردستان بينما تصدر النفط الكردستاني إلى مصافي التكرير في ألمانيا.
عندما حاصر الجيش العراقي كركوك لمعارضة الاستفتاء، وتنفيذاً للدستور على الأراضي العراقية، انسحب البيشمركة من كركوك وعادوا إلى أراضي أربيل، حيث وصف بارزاني عملهم بأنه "خيانة".
خيانة أم تعاون بين المعارضة الكردية لقرار بارزاني إجراء الاستفتاء ؟!
على الرغم من الخلافات بين ثلاثة أحزاب سياسية رئيسية أخرى في كردستان ضد قرار بارزاني إجراء الاستفتاء، إلا أنه رفض النصائح. ورأى البعض أن الروس شاركوا بهدوء من خلال إعطاء الضوء الأخضر لبارزاني لدعم الاستقلال مقابل استثماراتهم في كركوك ودورهم في المنطقة في وقت ما بعد داعش في سوريا والعراق.
في هذه المؤامرة ضد بارزاني، الجندي والسياسي المخضرم، فإنه لم يفقد كركوك وحكم استقلال إقليم كردستان، بل وضعه كرئيس لأن المفاوضات مع بغداد الآن مستحيلة في ظل وجوده.