هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
لم تصعق استقالة رئيس الوزراء اللبناني الشيخ سعد الحريري، والتي أعلنها من الرياض، اللبنانيين فقط، بل فاجأت المراقبين في شتى أنحاء العالم.
في خطاب تلفزيوني عاطفي، ألقى الحريري باللوم على إيران وحزب الله وحملهما مسؤولية استقالته المفاجئة بسبب تدخلهما في الشؤون الداخلية للبنان وفي سياسة الحكومة ببشكل عام.
قبل يوم واحد فقط، كان الدكتور علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي، في زيارة إلى لبنان والتقى مع رئيس الوزراء حينها سعد الحريري. ولا يزال الإيرانيون غير قادرين على فهم السبب الذي أزعج الحريري إلى هذه الدرجة بحيث قرر الاستقالة بعد يوم واحد من لقاء ولايتي، علماً أن الحكومة الحالية تشكلت منذ 11 شهراً فقط، بعد سنتين من التعطيل والمماطلة.
في لبنان، رغم الاستثمار الإيراني الهائل في حزب الله، وفي السياسة اللبنانية بشكل عام، لا يزال كثير من اللبنانيين يشعرون بالآثار السلبية للوجود الإيراني الثقيل في بلدهم، ويحملون طهران المسؤولية على سوء الوضع الاقتصادي في لبنان والمصاعب التي يعانون منها بسبب الدعم الإيراني لحزب الله.
حتى موقع الرئاسة في لبنان واجه الكثير من المشاكل في السنوات الأخيرة، إلى أن وافقت كل من السعودية وإيران في 2016 على انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهوررية وعلى تولي سعد الحريري منصب رئيس الوزراء. كانت تلك خطوة جيدة إلى حد ما، وتم على إثرها حل كثير من المشاكل الداخلية وزاد النشاط السياحي بشكل ملحوظ في البلد في الصيف الماضي. ومع ظهور بوادر لإمكان الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، تصاعد الأمل بالوصول إلى حل مشكلة اللاجئين السوريين في لبنان، والذين يبلغ عددهم حوالي 2.5 مليون لاجئ، بحيث يتمكنون من العودة إلى بلادهم في حال انتهاء الحرب هناك. في بلد يبلغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة، ويصعب فيه الحصول على فرصة عمل وأغلقت فيه الكثير من الأعمال التجارية ببسبب الأزمة المالية، يعتبر وجود 2.5 مليون لاجئ مصدر ضغط كبير عللى الحكومة وعلى الشعب.
إيران دافعت عن الرئيس السوري ببشار الأسد وتدخلت بشكل مباشر في الأزمة السورية لعدة أسباب، من أهمها الحفاظ على إمكانية الوصول إلى لبنان عبر سوريا. محور المقاومة، الذي قال ولايتي إنه انتصر في مواجهته مع تنظيم داعش، يضم إيران وحزب الله ومؤيديهم في سوريا فقط. لم يذكر ولايتي مطلقاً حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية ويشكرها لدورها في هزيمة داعش، باعتبار أن حزب الله جزء من هذه الحكومة التي لم يكن بالإمكان تشكيلها لولا مساعدة الحكومة السعودية. وربما كان أحد أسباب احتفاظ حزب الله بقوته الغطاء الرسمي الذي حصل عليه من خلال وجوده في الحكومة اللبنانية المدعومة من السعودية. بدون هذا الغطاء لما كان بالإمكان القيام بكثير من عمليات الحزب المالية والاقتصادية، والتي كان حزب الله يقوم بها بغطاء من الحكومة الللبنانية.
استقالة الحريري كانت رسالة سعودية إلى طهران بأنه من دون مشاركة الرياض في الشؤون الإقليمية لن تتمكن طهران من تحقيق أي انتصار حقيقي.
إن استقرار لبنان أمر هام بالطبع بالنسبة للمجتمع الدولي الذي يتوقع الآن حدوث تصعيد جديد بين حزب الله وإسرائيل بدون وجود حكومة لبنانية تستطيع الحفاظ على الحد الأدنى من وحدة البلد.
من ناحية ثانية، فإن استقالة الحريري من منصبه سوف تؤدي إلى تقييد حركة إيران وحزب الله أكثر في المنطقة، وهذا بالضبط ما يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الوصول إليه.