القاهرة، مصر (CNN)-- اعتبر الناشط السياسي المصري علاء عبدالفتاح، أحد أبرز وجوه ثورة 25 يناير، أن القضاء المصري تورط في الصراع السياسي بعد مظاهرات 30 يونيو، التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمين، وأن الوقت الحالي هو أكثر وقت جرى فيه "تسييس" القضاء.
جاء ذلك في حوار أجرته CNN بالعربية مع علاء عبدالفتاح، عبر أسرته، بسبب تواجده داخل السجن، وذلك قبل صدور حكم نهائي من محكمة النقض المصرية، الأربعاء، بتأييد حبس علاء 5 سنوات بتهمة "التجمهر وخرق قانون التظاهر"، في القضية التي ترجع أحداثها إلى نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2013، والمعروفة إعلاميا باسم "أحداث مجلس الشورى".
وقال علاء عبدالفتاح إن "ثورة يناير هُزمت في الفضاء المادي وليس في مخيلة الشباب"، مضيفا أن "30 يونيو" كانت "ثورة مضادة" قادتها الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة، وأن النظام الحاكم الآن يفقد تأييد القطاعات التي باركت الثورة المضادة، على حد تعبيره.
ولم يتمكن علاء عبدالفتاح من الإجابة على جميع أسئلة CNN بسبب عدم كفاية وقت الزيارة المخصص لأسرته. وكان هذا نص الحوار:
هل ترى أن قضيتك يتم التعامل معها سياسيا وليس قضائيا؟
الوقت الحالي أكثر وقت تم فيه تسييس القضاء، وأصبح هناك إهدار حتى للجانب الشكلي الذي كان يتم الحفاظ عليها في الماضي. سابقا، كان يوجد إجراءات تُراعى أمام القضاء العادي، وكانت الأجهزة الأمنية والسلطة التنفيذية عموما عندما تريد تجنب هذه الإجراءات تلجأ إلى القضاء الاستثنائي أو القضاء العسكري، أو تلجأ للاعتقال المتكرر دون قضية.
منذ 30 يونيو، تم توريط القضاء كأحد أطراف الصراع السياسي، ونتج عن هذا أنه أصبح من الممكن أن يهدر القضاء العادي المعايير التي كان يلتزم بها من قبل. وكل هذا يمكن أن نرصده حتى في القضايا غير السياسية، وظواهر مثل امتداد الحبس الاحتياطي لسنوات أصبحت عامة. والتدخل المباشر للأجهزة الأمنية أصبح يوصل لأعلى المستويات.
المؤسسة الأمنية لا تريد أن يراجعها أحد، وتريد كل شيء تحت سيطرتها بشكل علني ومعلن، حتى المحاكمات أصبحت تتم في أماكن تحت سيطرتها، مثل معهد أمناء الشرطة أو أكاديمية الشرطة أو قاعة المحاكمات في سجن وادي النطرون.
ما هو وضعك في السجن وما هو شكل التعامل معك؟
المسؤولون في السلطة مشغولون جدا بعزلي عن العالم الخارجي، وهذا ينعكس على التضييق جدا على ما يسمح لي بقراءته من كتب وجرائد وما يسمح لي بتلقيه من خطابات وغير ذلك. إلى جانب ذلك، التحكم في الفضاء العام خارج السجون ينعكس بشكل أقسى على المسجون.
على سبيل المثال، كان هناك اتفاقية بين البرنامج الأوروبي في الإذاعة المصرية وشبكة "بي بي سي"، وكان على موجات البرنامج الأوربي ساعة بث مباشر يوميا من البي بي سي لبرنامج أخبار العالم، هذه الساعة كنت أستمع لها وتعطيني نافذة على ما يحدث في العالم، ليس فقط في السياسة لكن في العلم والثقافة وغيره. وتوقف هذا البث مؤخرا.
لا يوجد غير الإعلام الحكومي سواء تلفزيون، ومسموح لنا فقط بمشاهدة القنوات الأرضية، أو الجرائد الحكومية، لم يعد هناك شيئا سوى برنامج Top 40 الموسيقي، وأنا أصلا لا أحب موسيقى البوب، وأصبحت أعرف الآن عن آل كارداشيان أكثر مما أعرف عن أخبار المنطقة.
وطبعا، تبقى الزيارات حيث نحاول أنا وأسرتي أن نغطي خلال ساعة، تتكرر ثلاث أو 4 مرات في الشهر، الأخبار الشخصية والأخبار العامة وما بينهما. ورغم ما سبق لا بد أن أؤكد على أن ظروف حبسي على ما فيها من انتهاكات وتضييق هي أفضل بكثير من ظروف حبس الغالبية العظمى من المساجين.
كيف ترى صورة مصر من داخل سجنك والإنجازات والمشروعات التي يتحدث عنها الإعلام؟
برنامج "الإصلاح الاقتصادي" الحالي كارثي، ولا يمكن أن يؤدي إلى أي تحسين في الاقتصاد، وهذا حتى ليس مشابها لسياسات الثمانينيات التي كان الاختلاف عليها أيديولوجي.
المؤسسات المالية الدولية تعرف هذا جيدا، والجميع يعلم أن أسعار الفائدة الحالية خانقة للاستثمار. بمعايير تلك المؤسسات، هذا ليس برنامج إصلاح، وهذه المؤسسات ترتكب جريمة الكذب عندما تدعي غير ذلك.
جريمة ثانية ترتكبها السلطة في علاقتها الخارجية هي أنه كلما تواجه مأزقا ديبلوماسيا تعقد صفقة سلاح، والحكومات الغربية تقبل ذلك وتتواطأ في الجريمة، بسبب التباطؤ الاقتصادي هم مستعدون أن يقبلوا بأي شيء بما فيها إهدار حق ريجيني (الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثُر على جثته بها آثار تعذيب في مصر وأثارت قضيته أزمة بين روما والقاهرة).
كيف ترى ثورة 25 يناير الآن و30 يونيو، وما رأيك فيما يحدث للشباب المحسوب عليها، وهل هناك أخطاء حدثت في ثورة يناير؟
ثورة يناير هُزِمَت، الثورات المضادة حين تنتصر فمن الطبيعي أن تنكل بالمنتمين للثورة. ٣٠ يونيو كانت ثورة مضادة قادتها الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة، وشارك فيها أغلب القضاة وكبار موظفي الدولة كما باركتها قطاعات واسعة، منها قطاعات شاركت في ثورة يناير، لكنها تعبت واستنزفت وبدأت تبحث عن الاستقرار، وقطاعات كان تشعر بخوف مفهوم من صعود الإسلاميين، وأيضا قطاعات من الذين تضرروا من نهاية عصر (الرئيس الأسبق حسني) مبارك.
هذه القطاعات التي باركت الثورة المضادة، هي نفسها التي يفقد النظام تأييدها الآن، لأنه لم يكتف بمحاولة القضاء على خصومه الأساسيين من تيار الإسلام السياسي، والتنكيل برموز ثورة يناير، وهو أمر طبيعي، ولكن ما يحدث الآن هو تنكيل بكل ما هو خارج القلب الصلب للسلطة حتى من هم خارج الصراع السياسي بما فيهم رجال الأعمال.
هزيمة ثورة يناير هزيمة في الفضاء المادي وليس في مخيلة الشباب، نظل مُلهِمين رغم إحساسنا بأننا غير ملهَمين بالمرة، من هنا يأتي التناقض في موقف السلطة المعلن من ثورة يناير، فهي ثورة مجيدة و٣٠ يونيو استكمال لها، ورموزها أشرار وأعداء الوطن. ويظل النظام مشغولا بخلق مشروعية ما لدى الشباب، من خلال حملات العلاقات العامة والمؤتمرات.
أما موضوع أخطاء ثورة يناير موضوع معقد ومركب، لأن ثورة يناير كانت متعددة الفاعلين والمسارات، والتحليل الذي يحتاجه هذا الموضوع يصعب ضغطه في زيارة، كما ذكرت من قبل مدتها ساعة، وعلينا أن نغطي فيها كل شيء في حياتنا من العام إلى الخاص".