لندن، بريطانيا (CNN) -- قال فواز جرجس، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، إن حجم موجة التوقيفات والملاحقات التي تشهدها السعودية على خلفية قضايا فساد تدل على أنها حركة جدية وليست خطوة رمزية، لافتا أن شريحة الشباب في المملكة تدعم توجهات ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، الذي قال إنه لا يمثل انتقال السلطة من أبناء الملك المؤسس إلى أحفاده فحسب، بل انتقالها من التوافق إلى القيادة الواحدة.
وقال جرجس، في مقابلة مع CNN حول التطورات التي تشهدها السعودية: "الأمر لم يعد مجرد خطوة رمزية من ولي العهد محمد بن سلمان، هناك بالفعل أكثر من 1200 حساب مصرفي تعرض للتجميد خلال الأيام الماضية ولدينا تقارير حول توقيف المئات من الأمراء ورجال الأعمال، ما يعني أنه ليس هناك خطوط حمراء."
وأضاف: "يبدو أن ولي العهد يستهدف كامل نخبة السلطة وليس فقط الأثرياء بل حتى بعض الأفراد في العائلة المالكة. ما نراه هو تحوّل كبير في السعودية يحصل أمام أعيننا، فالسلطة لم تنتقل من جيل إلى آخر فحسب، أي من جيل الأبناء إلى الأحفاد، بل انتقلت أيضا من مفهوم التوافق إلى مفهوم رؤية الرجل الواحد، وهو الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد."
ولفت جرجس إلى أن مستوى التغييرات في المملكة يحظى بدعم قوي من شريحة الشباب في المملكة قائلا: "محمد بن سلمان يحاول إنهاء الاعتماد على النفط كما يقول، وتحويل البلاد نحو الاقتصاد المتنوع، وهو يرى أن طريقة الإدارة القديمة للبلاد ليست نافعة، وبصرف النظر عن دوافع ولي العهد، التي أرى شخصيا أن فيها مزيجا من تركيز الصلاحيات في شخصه مع فرض توازن معين في نخبة السلطة، إلا أن الإجراءات تنسجم مع الشباب السعودي العادي وتوجهاته."
وتابع شارحا: "هناك 70 في المائة من السعوديين دون سن 30 عاما، وسبق لهم أن شهدوا الكثير من الفساد والهدر وهم بالتالي مسرورون لما يحصل. ورغم وجود المخاطر وحالات عدم الاستقرار إلا أن علينا أن نتذكر بأن الجمهور الرئيسي لولي العهد هو الشباب الراغب برؤية المزيد من المحاسبة مع الحد من الفساد داخل طبقة السلطة، بما في ذلك العائلة المالكة نفسها."
ورأى الأكاديمي والمحلل السياسي المعروف أن الأمير محمد بن سلمان يسعى أيضا لفرض إيقاع جديد في العلاقات الخارجية للملكة قائلا: "لدى السعودية الآن سياسة خارجية جريئة، فهي تتحدى إيران، اللاعب الإقليمي الأقوى بالمنطقة، وهي تشارك بحرب اليمن وتواجه النفوذ الإيراني في لبنان ودول أخرى ولدينا الأزمة مع قطر."
وختم بالقول: "ولي العهد السعودي طرح رؤيته، وهي طموحة وستتكلف
الكثير ماليا وفيها مخاطر جمة، وبصرف النظر عمّا سيحصل خلال الأسابيع
المقبلة إلا أن الأمر سيستغرق وقتا قبل استقرار الأمور بنظام جديد
تستقر معه السعودية داخليا وكذلك على مستوى علاقاتها
الخارجية."