هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
سكان منطقة الشرق الأوسط يسمعون كل يوم شيئاً جديداً يزيدهم قلقاً. فالمنطقة مهد لصراعات كثيرة منذ عقود: من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إلى الحرب في العراق، والدمار في سوريا، إلى الأزمة في لبنان، احتجاجات في البحرين، الحركة الخضراء في إيران، والحرب في اليمن، وبين هذه وتلك الكثير من التفاصيل المقلقة.
أما الجرائم ضد الإنسانية فحدّث ولا حرج. إحراق الناس وهم أحياء، اغتصاب، تعذيب السجناء، ذبح المدنيين على يد داعش، وصولاً إلى استخدام أسلحة كيماوية ضد المدنيين في سوريا. كل هذه جرائم ضد الإنسانية يكاد المرء لا يصدق أنها تحدث في منطقة واحدة، وبين أبناء الشعب الواحد في كثير من الأحيان.
الأمم المتحدة ناقشت هذه الأحداث وطلبت من قادة العالم إيجاد حلول لها، لكن هناك أمور سرية تجري خلف الستار، تأثيرها أكثر خطورة مما يتم الإعلان عنه، وهي تشكّل بذور كل الأحداث والجرائم التي ذكرتها.
إن الصراع الدائر والقضايا العالقة بين الفلسطينين وإسرائيل هي أقدم وأهم الأزمات في الشرق الأوسط، وربما تكون تداعياتها سبب كثير من الأزمات التي نراها حالياً. ولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، ألقى في رسالة قديمة له إلى أحد أصدقائه يعود تاريخها إلى 1986 باللوم على اليهود في حدوث الاضطرابات في الشرق الأوسط. الأمير تشارلز يقول في الرسالة التي ظهرت مؤخراً إلى العلن في أرشيف عام يوم الأحد 11 نوفمبر "أعرف أن هناك الكثير من القضايا المعقدة، ولكن كيف يمكن أن تكون هناك نهاية للإرهاب إذا لم يتم القضاء على الأسباب؟ بالتأكيد فإن أحد الرؤساء الأمريكيين يجب أن تكون لديه الشجاعة الكافية للوقوف في وجه اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. قد أكون ساذجاً، على ما يبدو!"
كلام الأمير تشارلز صحيح بالفعل. كثير من حركات المقاومة قامت في بلدان العالم الإسلامي ضد الاحتلال الإسرائيلي بسبب استيلاء إسرائيل على أراضي الفلسطينيين بالقوة. ولكن رغم الغضب الشعبي ضد إسرائيل في المنطقة، من الصعب حالياً رؤية أي بلد عربي يفكر في دخول حرب أخرى ضد إسرائيل بسبب الدعم الأمريكي اللا محدود وتفوقها العسكري على جميع دول المنطقة. لكن الخطر الحقيقي ضد إسرائيل لا يأتي من الأنظمة التي تحكم الدول العربية، ولكن من اللاجئين الفلسطينيين الذين تعرضوا جيلاً بعد جيل لأسوأ معاملة في مخيماتهم من إسرائيل ومن بعض الأنظمة في العالم الإسلامي.
وفي جميع الأحوال، فإن شعوب الشرق الأوسط لا تفكر حالياً بدخول حرب من أجل نصرة القضية الفلسطينية لأن التيارات المتطرفة فيها تواجه الأنظمة العربية نفسها.
ومن ناحية ثانية، هناك صراع إقليمي قوي حالياً بين السعودية وإيران، حيث تريد كل منهما الهيمنة على المنطقة على حساب الأخرى. هاتان الدولتان الغنيتان بالنفط تخوضان صراعاً وصل إلى درجة غير مسبوقة. لكن أياً من الدولتين غير مستعدة لمواجهة الأخرى بشكل مباشر بسبب النتائج الوخيمة التي قد تنجم عن ذلك للطرفين، لذلك تقوم كل دولة باستفزاز الأخرى في مناطق أخرى، كما نشهد حالياً في لبنان، حيث تسعى كل من القوتين الإقليميتين إلى كسب مزيد من النفوذ بعد سقوط داعش في سوريا والعراق.
لسوء الحظ فإن الثمن سيدفعه اللبنانيون والمنطقة بشكل عام، كما سيزداد انتشار الحقد والكراهية بين شعوب هذه الدول. ومن أجل حل كثير من القضايا الإقليمية العالقة والمتوترة حالياً، ربما يكون الحل أولاً وبشكل أساسي في بدء محادثات مباشرة بين السعودية وإيران. بعد ذلك يمكن النظر في القضية الفلسطينية كأزمة رئيسية في المنطقة، حيث على الدول الإقليمية والمجتمع الدولي السعي لوضع خطة حقيقية لإنهاء هذا الصراع الدائر منذ عقود.
ولكن الخطوة الأولى يجب أن تكون في إجراء محادثات مباشرة بين السعودية وإيران.