هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
قادة الدول المؤثرة الرئيسية، وربما من الأفضل القول اللاعبون الرئيسيون على الأرض في الصراع بسوريا -إيران وتركيا وروسيا- اجتمعوا في سوتشي الأسبوع الماضي للاحتفال بهزيمة داعش وتقرير مصير سوريا في مرحلة ما بعد الحرب.
وفي نفس الفترة، اجتمعت المعارضة السورية في الرياض للبحث عن صوت موحّد أو مجموعة تمثلهم في محادثات السلام حول سوريا التي ستبدأ يوم الثلاثاء في جنيف. ونجحت المعارضة بالفعل في توحيد موقفها واختيار مجموعة تمثلها، لكن الثمن كان استقالة قادة رئيسيين من المعارضة السورية، مثل رياض حجاب، كانوا يقودون المفاوضات باسم المعارضة خلال السنتين الماضيتين.
الروس رحبوا باستقالة بعض قادة المعارضة السورية المتشددة واعتبروها خطوة إيجابية للمساعدة على توحيد صفوف المعارضة داخل سوريا وخارجها بغية تحقيق تقدم في محادثات السلام بين الفصائل المختلفة، حسب رأي سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي.
وبالتأكيد فإن الاستقالات لم تكن لتحدث بهذه البساطة ويحضر المعارضون السوريون الذين يمثلون منصة القاهرة ومنصة موسكو لولا وجود إرادة سعودية في ذلك الاتجاه بالتنسيق مع روسيا.
ومع أن إيران تدّعي تحقيق النصر العسكري في سوريا، إلا أن حقيقة الأمر الواضحة هي أن الروس نجحوا أولاً في تضييق الفجوة بين الإيرانيين والأتراك، ومن ثم استطاعوا إقناع الأمريكيين بخطتهم التي وضعوها من أجل مستقبل سوريا.
وفي الواقع فإن عدة لاعبين يجب أن يكون لهم أدوار رئيسية في مستقبل سوريا، بما في ذلك إيران والسعودية وتركيا بالإضافة إلى الولايات المتحدة وروسيا. لكن التنازلات والتسويات التي دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتن جميع الأطراف إلى تقديمها من أجل تحقيق السلام في سوريا هي التي نجحت في نهاية المطاف في إشعال بصيص من النور في هذا المسار الطويل والصعب.
أولى التنازلات انطلقت من الرياض، حيث استقال ممثلو فصائل المعارضة السورية المتشددة من أجل إفساح المجال أمام وفد المعارضة الذي سيذهب إلى المفاوضات في جنيف لإجراء مفاوضات مباشرة مع ممثلي حكومة الأسد.
التنازل الهام الثاني الذي جاء من السعودية بشكل غير مباشر كان الاستقالات التي تقدم بها بعض رموز المعارضة المتشدة، مما يعني أن المملكة تؤيد عدم وضع شروط مسبقة بخصوص تخلي الرئيس الأسد عن السلطة من أجل الموافقة على المشاركة في المفاوضات.
مفاوضات السلام التي ستبدأ يوم الثلاثاء في جنيف بين ممثلي الحكومة السورية وممثلي فصائل المعارضة المختلفة ستتناول عدة مواضيع، من أهمها قضية المعتقلين، وعودة اللاجئين، والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإجراء انتخابات نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، والإصلاحات الدستورية. مصير الرئيس السوري بشار الأسد ربما سيقرره الشعب السوري من خلال الانتخابات التي سيشرف عليها على الأرجح المجتمع الدولي.
وإذا كانت هذه بالفعل هي التنازلات التي قدمها المعسكر المعارض للرئيس الأسد، بما في ذلك تركيا والسعودية والمعارضة السورية، فما هي التنازلات التي قدمها المعسكر المقابل المؤيد لللرئيس الأسد، وخصوصاً إيران؟
هناك أكثر من 10.000 مقاتل إيراني موجودون على الأرض في سوريا حالياً، وليس من الواضح بعد ماذا سيكون مصير هذه القوة المسلحة بعد انتهاء الحرب في سوريا. الرئيس الإيراني حسن روحاني قال مؤخراً إنه لا توجد أي مبررات لبقاء أي قوات أجنبية في سوريا دون موافقة الحكومة السورية. هذا يعني بالطبع أن القوات الإيرانية مستثناة من الخروج من سوريا لأن وجودها جاء بطلب من الحكومة السورية.
لكن هذا الأمر لا يمكن أن يكون مقبولاً من إسرائيل ولا من الولايات المتحدة، التي تملك قوات برية على الأرض في سوريا، وقد تحدث كل من نتنياهو وترامب مع الرئيس الروسي بوتن مطولاً حول هذا الأمر.
ربما يفاجئنا الرئيس الأسد بتقديم تنازل هام في حال أعلن فجأة عن شكره لحلفائه المقريبن في إيران وطلب من جميع القوات الأجنبية، بما في ذلك إيران، مغادرة الأراضي السورية. وفي جميع الأحوال، فقد جاء دور الأسد والإيرانيين لتقديم تنازلات هامة بعد مؤتمر جنيف 8.