هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
إن رؤية حجم الغضب الفلسطيني الكبير ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وردة فعل الدول العربية العملية على الأرض لتحدي قرار ترامب التي لا ترقى إلى مستوى الحدث، ربما تجعلنا نصل إلى نتيجة بأن عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وصلت إلى طريق مسدود.
منذ أكثر من خمسة عقود، احتلت إسرائيل مدينة القدس خلال حرب الأيام الستة الشهيرة بين العرب وإسرائيل. ومنذ ذلك الوقت والفلسطينيون والعرب يحتجون على احتلال القدس وعلى احتلال مناطق عربية أخرى من قبل إسرائيل، لكن كل هذا لم يؤد إلى نتيجة حتى الآن، ولا يزال الفلسطينيون يحاولون الحصول على حقوقهم في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية جنباً إلى جنب مع إسرائيل. قتل الكثير من الفلسطينيين في مواجهات مع الإسرائيليين، كما يقضي كثير منهم أحكاماً طويلة في السجون الإسرائيلية، كما أن كثيراً من الفلسطينيين وُلدوا في المنفى في مخيمات اللاجئين ويحلمون بالعودة إلى ديار آبائهم وأجدادهم. بعضهم لا يزال يحتفظ بمفاتيح بيوتهم القديمة التي هرب منها آباؤهم وأجدادهم خلال الحرب، لكننا نعرف جيداً أن أراضيهم تم مصادرتها وإعطاءها للمستوطنين.
من الصعب تصديق أن أي مبادرة سلام في هذه المرحلة يمكنها أن تكسر الجليد وتؤدي إلى تحقيق سلام حقيقي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إسرائيل تطمح في أن تقيم الدولة اليهودية التي وعدتهم بها التوراة –حسب اعتقادهم -، ولذلك فإن محاولات الفلسطينيين بإقامة دولتهم واسترجاع حقوقهم التاريخية لا يمكن أن تتحقق دون تدخل قوى عظمى بشكل فعلي لإنهاء هذا الصراع القديم.
خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وعلى مدى سنوات طويلة، تحدث الرؤساء الأمريكيون عن خطة سلام وعن حل الدولتين، ولكن بعد الانتخابات كانوا يلاحظون مدى صعوبة هذه المهمة. الرئيس دونالد ترامب من الرؤساء الأمريكيين الأكثر قرباً من إسرائيل، وهو في الحقيقة أقل دبلوماسية وأكثر جرأة من الرؤساء السابقين، ولذلك فهو الأقدر على اتخاذ قرارات مباشرة في هذه القضية.
رؤيته المتطرفة للإسلام جعلته يتحدث علناً عن "الإرهاب الإٍسلامي" ، وها هو يكتب عملياً نهاية حل الدولتين من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ربما يكون الوقت في صالح الرئيس الأمريكي لأن "الربيع العربي" أغرق الدول العربية الرئيسية في حروب أهلية وفي صراع داخلي ضد الإرهاب، ولم يعد هناك زعيم عربي قادر في هذه المرحلة على تحدي ترامب أو نتنياهو.
مصر لم تعد قوية كما كانت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، والقذافي رحل، وبشار الأسد مشغول في حرب طاحنة داخل بلاده وفقد مصداقيته وقدرته على الردع لدرجة أن إسرائيل تقوم بمهاجمة سوريا بين الحين والآخر دون أن يتقدم أحد حتى باحتجاج إلى الولايات المتحدة أو أن تعلن أي دولة وقوفها إلى جانبه ضد الاعتداءات الإسرائيلية. الدول العربية الأخرى تحاول مواجهة النفوذ الإيراني وهي مضطرة للحفاظ على تحالفها مع الولايات المتحدة، فيما يسعى ترامب إلى استغلال الوضع ودفع هذه الدول إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بحجة تقوية وتوحيد الجبهة المعادية لإيران. وربما يكون هذا الوضع الصعب للدول العربية هو الذي يجعلها مجبرة على عدم اتخاذ خطوات مباشرة لنصرة القضية الفلسطينية، رغم أنها ربما تحاول إقناع المجتمع الدولي باتخاذ خطوات أكثر فاعلية في هذا المجال.
وربما يكون الأردن الدولة التي تتحمل أكبر قدر من الضغوط لمواجهة قرار ترامب. فالأردن هو المسؤول عن رعاية الأماكن المقدسة في القدس الشرقية، كما أن موت حل الدولتين قد يجعله البديل لإقامة الدولة الفلسطينية. فهل على العالم الإسلامي أن يستعد لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط؟