هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
قبل أيام قليلة من نهاية عام 2017، عادت إيران مرة أخرى لتتصدر الأنباء العالمية عندما نزلت الجماهير الإيرانية الغاضبة من ارتفاع التكاليف المعيشية والفقر والبطالة إلى شوارع مدينة مشهد يوم الخميس الماضي.
ولم تتوقف الاحتجاجات في مشهد فقط، بل سرعان ما انتشرت إلى شتى المناطق الإيرانية، وبغض النظر عن الطائفة أو الدين أو العرق، كان الإيرانيون جميعاً يهتفون: "الموت لخامنئي"، الذي يمثل التيار المحافظـ، و"الموت لروحاني"، الذي يمثل التيار الإصلاحي، في مؤشر على أن الجماهير الإيرانية يشعرون بالإحباط من جميع الأطراف في النظام العام للجمهورية الإسلامية ويرفضونها تماماً.
ليس هناك أي أنباء عن قائدي المعارضة السابقين، مير حسين موسوي ومهدي كروبي، اللذين يخضعان للإقامة الجبرية منذ عام 2011. عوضاً عن ذلك، كان نجم الاحتجاجات هذه المرة شخص آخر ارتفع نجمه في سماء إيران فوق المدن المحافظة المعروفة، مثل مدينة قم ومدينة مشهد، والتي تعتبر معاقل علماء الدين المتشددين والمعاهد الدينية في إيران. ظاهرة هذه الاحتجاجات كان الأمير رضا بهلوي، ابن شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي، الذي أطيح به في الثورة الإسلامية عام 1979.
الحنين إلى إيران ما قبل الثورة يملأ كثيرا من قلوب الإيرانيين اليوم. الحنين إلى الفترة التي كان فيها بلدهم من الدول الإقليمية الرائدة في الحداثة والراحة والنجاح وصعود الطبقة الوسطى، والمنزلة المحترمة التي كان الإيرانيون يتمتعون بها في المجتمع الدولي. كل هذه الأمور يفتقدها الإيرانيون اليوم.
كان الناس في تجمعات متفرقة حول البلد يهتفون بصوت عال: "أيها الأمير رضا، نرجوك أن تعود إلى إيران!"
الاحتجاجات التي بدأت بشكل عفوي بسبب الإحباط العام من ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم تحولت الآن إلى رفض عام للنظام في إيران. وبالطبع فإن النظام الإيراني مسلح بشكل كبير، وهو يعتمد على قوى تتمتع بميزات وفوائد خاصة لأنها قريبة من مراكز السلطة، ولذلك فهي مستعدة لقمع أي تظاهرات أو أي أصوات معارضة.
لا شك أن الإيرانيين وصلوا إلى مرحلة لم يعودوا يتحملون فيها العيش في ظل مثل هذا النظام الدكتاتوري الذي يتخذ من شعبه رهائن للتفاوض مع المجتمع الدولي حول رفع العقوبات أو التعامل مع الاتحاد الأوروبي.
الفساد والبنوك المفلسة والقطاع الخاص الذي يواجه صعوبات شتى هو نصيب الإيرانيين العاديين من هذه الثورة التي قامت منذ حوالي أربعة عقود.
معظم الأشخاص الذين شاركوا في الثورة أصبحوا الآن أجداداً، وهم يشعرون بالحنين إلى فترة ما بعد الثورة مباشرة التي ألهمت الجيل الجديد الذي ولد بعد الثورة على أمل الحصول على مستقبل ناجح ومشرق، لكنهم عوضاً عن ذلك لم يشهدوا أي شيء سوى الحروب والنظام القمعي والملالي السمان الذين يركبون أحدث سيارات المرسيدس والبي إم دبليو، بينما بالكاد يستطيع معظم الناس العاديين تأمين أجرة الحافلات أو شراء البيض لأبنائهم. اتسعت الفجوة بين الفقير والغني إلى حد كبير، وهبطت الطبقة الوسطى إلى مستوى الفقر، بينما كان كل المقربين من السلطة، من محافظين وإصلاحيين، ينعمون بحياة فارهة.
ولم تنجح إعادة انتخاب الرئيس حسن روحاني لفترة ثانية في إحداث أي تغيير يتطلع إليه الشعب الإيراني، ولذلك شعروا بالإحباط وفقدوا الأمل في جميع رموز النظام الحاكم محافظين وإصلاحيين على حد سواء.
الإيرانيون يهتفون بصوت عال أنهم لا يريدون أن تنفق أموالهم في سوريا وغزة، وأنهم يريدون استعادة إيران من تسلط الملالي. ولكن في غياب التنظيم والقيادة الحقيقية، من الصعب التنبؤ فيما إذا كانت هذه الاحتجاجات ستؤدي إلى التغيير الذي يتطلع إليه الإيرانيون.
رضا بهلوي يمثل فرصة كبيرة لقيادة المعارضة الإيرانية ضد النظام الحاكم، خاصة وأن والده وجده كانا يتمتعان بشعبية كبيرة بين الناس. لكن الزمن وحده كفيل بأن يبين ما إذا كان هذا الأمير يملك الشجاعة والقدرة الكافية لقيادة المعارضة إلى إحداث تغيير حقيقي.