الملك عبدالله من دافوس: لا منتصر بسوريا والسعودية ترسم خطوطا حمراء لإيران

الشرق الأوسط
نشر
19 دقيقة قراءة
الملك عبدالله من دافوس: لا منتصر بسوريا والسعودية ترسم خطوطا حمراء لإيران
Credit: World Economic Forum

دافوس، سويسرا (CNN) -- حذر العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، من خطر السلوك الإيراني بدعم مليشيات مسلحة وإقحام الدين في الخلاف السياسي، قائلا إن هذه العوامل كانت وراء تحذيره من "الهلال الشيعي،"، كما رأى أن السعودية تنتهج سياسة مبادرة في المنطقة بهدف رسم "خطوط حمراء" أمام طهران، وطالب بخطة سلام تنصف الجميع لحل موضوع مدينة القدس التي قال إنها تمثل فرصة لجمع الناس كما تمثل فرصة لتفرقتهم.

الملك عبدالله الثاني قال، في جلسة حوارية بمنتدى دافوس في سويسرا أدارها مذيع CNN فريد زكريا، إنه عندما تحدث عن الهلال الشيعي كان يريد من خلال إثارة القضية والتنبيه إلى خطر الصراعات الدينية واقحام الدين في الخلافات السياسية القائمة، مشيرا إلى أن السياسة الإيرانية لم تختلف كثيرا خلال السنوات الماضية باعتبار أن طهران "تفكر بشكل استراتيجي."

وحذر الملك من مخاطر أي مواجهة عسكرية مع إيران لحل المشاكل التي تواجه المجتمع الدولي معها في ملفها النووي، ولكنه شدد على ضرورة التنبيه لتصرفات إيران الخطيرة في المنطقة ودعمها للمليشيات في دول مثل سوريا والعراق، وكذلك القلق الذي بات موجودا على مستقبل دولة مثل لبنان.

وفي الشأن المتعلق بالقدس، قال طالب العاهل الأردني بأن يكون ملف المدينة ضمن إطار حل شامل للفلسطينيين والإسرائيليين. ولفت إلى أن الفلسطينيين لديهم خيبة أمل ويشعرون بأنه ليس هناك وسيط عادل بعد إعلان الولايات المتحدة اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وشدد الملك عبدالله الثاني على أهمية القدس بالنسبة لجميع الأديان، ودورها المركزي لدى المسلمين والمسيحيين واليهود، داعيا إلى التفكير في مستقبلها وما إذا كانت الأيام ستحولها إلى مدينة تجمع الناس أم تفرقهم.

وتحدث الملك عن ترقب الفلسطينيين والعالم لما ستحمله خطة السلام المنتظرة، والتي قال إن البعض يصفها بأنها "صارمة" في حين أن السؤال الأهم يجب أن ينصب على مدى فاعليتها، معربا عن ثقته بضرورة وجود أمريكا في عملية السلام.

العاهل الأردني نفى وجود منتصر على الأرض في سوريا التي دعا إلى حل ينهي الصراع الدموي فيها، وتحدث أيضا عن الدور المبادر للسياسة السعودية مؤخرا، قائلا إن الرياض تسعى لرسم "خطوط حمراء" أمام إيران في المنطقة بسبب قلقها من دور طهران على صعيد استخدام التنظيمات المسلحة في إطار ديني.

ولدى سؤاله حول رأيه بمواقف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وما سبق له أن قاله حول وجود كره لدى المسلمين للغرب قال الملك عبدالله الثاني إن الإسلام ليس دين كراهية، والمسلمون يؤمنون بكل الأنبياء وتحيتهم هي السلام، ويرددونها عشرات المرات يوميا.

ولكنه لفت إلى وجود ما وصفها بـ"الحرب الأهلية داخل الإسلام" بين المسلمين العاديين وبين المتشددين الذين لا يكفرون الأديان الأخرى فحسب بل وسائر المسلمين. كما حض على التنبه لوضع المسلمين في أمريكا وضرورة ألا يشعروا بالعزلة بسبب طبيعة الخطاب السياسي وإلا فإن ذلك سيخلق المزيد من التحديات.

وفيما يلي النص الكامل للجلسة الحوارية:

فريد زكريا: تحدثت منذ عدة سنوات مضت حول مخاطر الهلال الشيعي في الشرق الأوسط. يبدو أن هذا التوقع قد بات حقيقة. كيف ترى ما يجري في الشرق الأوسط، حيث باتت الديناميكية الرئيسية في الإقليم اليوم هي الحرب الباردة بين السعودية وإيران وتمتد من سوريا إلى العراق ولبنان وقطر، وفي كل مكان؟

الملك عبدالله الثاني: أعتقد أنه، وبالإشارة إلى ما قُلتُه في السابق، فإن المصطلح الذي استخدمه حاليا هو: الهلال الإيراني. لأن التحدي الذي يواجهنا الآن هو أننا نرى الدين يوظّف كأداة من خلال السياسة. ونحن في المملكة الأردنية الهاشمية لا يمكننا أن نقبل صراعاً بين أتباع الدين الواحد، فخطوط المواجهة تمتد من بيروت إلى بومباي. لذا، فإن هناك قضايا تواجه منطقتنا بسبب السياسة الخارجية الإيرانية، والتي تؤثر على منطقتنا. وكأردنيين، نؤمن بأن الحوار هو السبيل إلى حل القضايا، والحيلولة دون تفاقم الوضع، الذي قد يؤدي إلى صراع مسلح. ولكننا نرى بوضوح الوضع في العراق، وهناك تحديات في سوريا ولبنان، واليمن هو مثال آخر على وجهة النظر العربية وأولوية التعامل مع إيران.

 

هل تعتقد أن إيران الآن أكثر عدائية؟ هل تمرّ إيران الآن في مرحلة من التراجع بسبب صعوبات داخلية معيّنة؟ كيف يجب أن نقرأ الحكومة الإيرانية الحالية وسياساتها؟

لا أعتقد أن هناك تغييرا كبيرا في السياسات الإيرانية، لأنهم يفكرون بأسلوب استراتيجي وبعيد المدى. لذا أعتقد أن السياسة الخارجية مستمرة في نهجها حالياً. وكما رأيتم فإن التحديات الداخلية، هي أمر آخر، ولها روايتان مختلفتان بحسب وجهات النظر. ومرة أخرى، أحذّر من دقّ طبول الحرب لأن ذلك لن يعود بالنفع على أيّ منا. وآمل أن نتمكن عبر الحوار من التوصل إلى تفاهم. ولكن هناك قضايا رئيسية، فعلى سبيل المثال فإن الأردن يتعامل مع مجموعات تدعمها إيران على الحدود مع سوريا، وهذا التحدي يواجهنا على مقربة من حدود بلدنا. كما نشعر بالقلق إزاء مستقبل لبنان، فقد عانى لبنان كثيرا على مدار العقود العديدة الماضية، ولا نريد أن تخلق تلك الديناميكيات مزيداً من المشاكل داخل لبنان، لذا آمل بأن تسود الحكمة.

 

قال الرئيس ترامب إن إجراء تجميد العقوبات على إيران الذي اتخذه مؤخرا سيكون الأخير، ما يعني أن هناك احتمالا واضحا بأن الولايات المتحدة ستنسحب على نحو ما من الاتفاق النووي الإيراني. ويقول إنه يريد من الأوروبيين أن يتخذوا موقفا متشددا. الأوروبيون صرحوا علانية بأنه لا توجد لديهم النية لفعل ذلك، وأنهم يعتقدون أن الاتفاق جيد، وأن إيران ملتزمة به. ماذا سيحدث لو انسحبت الولايات المتحدة بشكل أحادي من الاتفاق النووي الإيراني؟

أعتقد أنه بإمكانك أن تسأل الرئيس الأمريكي بهذا الخصوص. موقفنا هو أن الأردن منذ نشأته يدعم وبكل قوة اعتبار الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، وأن ينطبق هذا على الجميع. إن الأسلحة النووية، المحتمل إنتاجها في منطقتنا أمر مخيف حقاً. نحن نتفهم الموقف الأمريكي، والموقف الأوروبي. وأنا أعرف أن الأوروبيين والولايات المتحدة ما زالوا يبحثون هذه القضية، وآمل أن يتوصلوا إلى تفاهم مشترك.

 

اتخذ الرئيس ترامب إجراء آخر يؤثر عليكم، حيث أعلن أن الولايات المتحدة ستنقل سفارتها إلى القدس. إلى أي مدى يؤدي ذلك إلى تعقيد الأمور بالنسبة لكم؟

إنها مسألة تشكل تعقيدا بالنسبة للأردن. وكان لدينا حوارات جيدة مع الرئيس الأمريكي والإدارة الأمريكية على مدار السنة الماضية. وموقفنا آنذاك تمثل في أننا نعرف أن هذا الأمر مهم بالنسبة للرئيس فهو وعد أطلقه ضمن حملته الانتخابية. ولكن موضوع القدس يجب أن يكون جزءاً من حل شامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

لقد تم اتخاذ القرار كما تعلمون جميعاً. وكان له ردّ فعل عنيف لأنه أحبط الفلسطينيين الذين يشعرون بأنه لم يعد هناك وسيط نزيه. وأنا أود أن أتمهل في إصدار الأحكام، لأننا ما زلنا ننتظر من الأمريكيين أن يعلنوا عن خطتهم. ولكن أقدر وأتعاطف بشكل كبير مع ما يشعر به الفلسطينيون.

إن القدس تُعتبر موضوعاً عاطفياً للجميع، وأعتقد أن علينا أن ننظر إلى المستقبل بالنسبة لما نريده للقدس: فهل ينتهي المطاف بالقدس كمدينة تفرقنا، وهو الأمر الذي أعتقد أنه سيكون كارثياً للإنسانية جمعاء، أم هل تبقى القدس مدينة الأمل التي توحّدنا؟ فهي مدينة خالدة بالنسبة للمسلمين والمسيحيين وكذلك اليهود.

وإذا كنتم تذكرون رسالة البابا فرانسيس في عيد الميلاد المجيد، حيث أعرب عن أمله بأن يتم التعامل مع القدس كجزء من تسوية تقوم على المفاوضات والوضع القائم، فالمدينة بذات الأهمية للمسلمين كما هي للمسيحيين، وكل قادة الكنائس في القدس طلبوا من الأردن أن يتوجه إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي باسمهم.

لذا فالموضوع لا يرتبط فقط بالمسلمين واليهود، وإنما هذه المدينة إما أن تخلق لنا مشاكل كبيرة في المستقبل، أو أن تكون مظلة تمنحنا الأمل لنسير قُدُماً.

لقد قلت في السابق إن مصطلح "استراتيجي" يوناني الأصل، ولن تجد له جذور في المعاجم العربية أو العبرية. وأعتقد أن هذا يعبر عن إحدى المشاكل التي نواجهها. لذا وفي ضوء اتخاذ هذه القرارات، ما هو تصورنا للقدس في المستقبل؟ فقد تكون مدينة عظيمة توحّدنا، أو تخلق عداء وعنفاً لم يسبق أن رأيناهما من قبل.

 

لقد كان هناك بعض الأمل بين الفلسطينيين والعرب أنه بالرغم من أن الرئيس ترامب أعلن عن هذه الخطوة، إلا أن السفارة لن تنتقل فعلياً. يقول نائب الرئيس بنس الآن بأن السفارة ستنتقل في العام القادم. هل تشجّعون على تأخير اتخاذ تلك الخطوة؟

مرة أخرى، يعود الأمر إلى الكيفية التي ننظر بها إلى هذه المسألة. فإحدى حوافز السلام تمثلت بالاعتراف بالقدس عاصمة للإسرائيليين، فما هو إذا الحافز للفلسطينيين؟ إننا جميعاً، ولا أقصد هنا في الشرق الأوسط فحسب، وإنما أصدقاءنا في أوروبا والغرب أيضاً، ننتظر تقديم مقترح السلام. المشكلة الحالية الآن، هي أن الفلسطينيين وبسبب الشعور الكبير بالإحباط لا يشعرون أن الولايات المتحدة وسيط نزيه. إلا أنهم في ذات الوقت يتواصلون مع الأوروبيين، وأرى بذلك إشارة إلى أنهم يريدون السلام. فكيف نبني الثقة بين القيادة الفلسطينية والقيادة الأمريكية لكي يجلس الأمريكيون والإسرائيليون والفلسطينيون على طاولة المفاوضات؟ ومرة أخرى، جميعنا نعرف، وأعتقد أن الأوروبيين ينظرون إلى هذا الأمر بإيجابية كبيرة، بأنه لا يمكن أن يكون لدينا عملية سلام أو حل دون دور للولايات المتحدة. فكيف إذاً سنجمع جميع الأطراف معاً خلال الشهر القادم أو الشهرين القادمين، وما هي الخطة؟ لا أحد منا لديه فكرة عمّا هي الخطة. البعض يقول إنها خطة قاسية، الأمر الذي يجب أن نشعر بالقلق إزاءه، ولكن هل هي خطة جيدة؟ وإذا انسحب الفلسطينيون لأنها ليست جيدة، إلى أين نذهب من هناك؟ وأعتقد أن هذه هي المشكلة.

 

إلى أين نذهب؟ لأن هناك العديد من الفلسطينيين يقولون الآن إن حكومة بنيامين نتنياهو والكثير من السياسات التي تنتهجها تُظهِر بشكل أساسي بأن حلّ الدولتين قد مات. وأنه ربما ينبغي البدء في السعي نحو حلّ الدولة الواحدة وببساطة يطالبون بحقوق سياسية ضمن دولة إسرائيل.

أعود إلى التحديات الاستراتيجية، وهي سؤال بحثناه مع الإسرائيليين لمدة طويلة، إذ سألناهم: أين ترون مستقبلكم؟ فإذا كان يتمثل بحل الدولة الواحدة، فهل سيكون حل دولة واحدة بحقوق متساوية؟ إذا ما نظرنا إلى الحقائق الديموغرافية للعرب الإسرائيليين وإلى الفلسطينيين تحت الاحتلال، فإننا بالتالي سنكون في صدد مناقشة نظام فصل عنصري. هل نستطيع أن نتعامل مع نظام الفصل العنصري هذا ونجعله منصفاً للجميع؟ ولا يقتصر فقط الأمر على العرب الإسرائيليين والفلسطينيين تحت الاحتلال، فمواطنو الدرجة الثانية هم أيضاً المسلمون والمسيحيون، الإسرائيليون منهم أو الموجودون في الضفة الغربية. لذا، برأيي، فإن الحقائق الديموغرافية والتغيرات السكانية تشكل تحديا أكبر بالنسبة للإسرائيليين من تحديات حل الدولتين.

 

هل تعتقد أن رئيس الوزراء نتنياهو ما زال يؤمن بحل الدولتين، أو أنه سبق وأن آمن بحل على الإطلاق؟

في ضوء ما نراه اليوم، يجب أن نتمهل في إصدار الأحكام، رغم أنه لديّ بعض الشكوك، إلى حين أن يطلعنا الأمريكيون على الجانب الآخر من الخطة (خطة السلام). أتصور بأن التحدي الذي يواجهه الأمريكيون مع الإسرائيليين هو أنه وحتى تكون الأمور منطقية، ينبغي تقديم مبادرة جيدة للفلسطينيين. وأعتقد أنه عند تلك اللحظة علينا أن نرى ما إذا كان الإسرائيليون سيقبلون بذلك. ولكن يراودني شعور بأن حل الدولتين وفق رؤيتنا مختلف عن حل الدولتين بنظرهم.

 

أنتم تبنون كثيراً من الأمل على هذه الخطة الأمريكية، هل لديكم أي آفاق واقعية بأنها ستكون طموحة وشاملة؟

إننا منخرطون في هذا الموضوع منذ وقت طويل، ودائماً ننظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، وأعتقد أنه علينا أن نعطي الأمريكيين فرصة، وأن نعمل جميعاً معاً للتأكد من أننا نساعد الأمريكيين والإسرائيليين والفلسطينيين في أن يجلسوا سوية. ولكن في المستقبل القريب، إذا تبين أنها ليست خطة جيدة، فإن النقاشات بيننا هي حول الخطة البديلة؟. ولا أعتقد أنه يوجد لدينا خطة بديلة في هذه المرحلة، أم أنها حل الدولة الواحدة؟ وكيف ننفذ ذلك بطريقة إيجابية بحيث يتم إدماج إسرائيل وتصبح جزءا من مستقبل المنطقة؟

 

هل يمكنكم تخيّل حل دولة واحدة يتمتع فيها الفلسطينيون بحقوق متساوية؟

أستبعد ذلك. إذ سيكون هناك العديد من التعقيدات بالنسبة لهوية إسرائيل وإلى ما تسعى له قيادتها. وبنظري، فإنني لا أستطيع أن أتصور حل دولة واحدة يمكن أن يكون مقبولاً.

 

هل انتصرت روسيا في سوريا؟ روسيا وإيران؟ تبدو حكومة الأسد ثابتة في مكانها، ولكنها لا تسيطر على نصف البلاد، فما هو مستقبل سوريا إذاً؟

أعتقد أنك قد أجبت على ذلك للتو. فلا أعتقد أن هناك رابحا في سوريا. الروس لاعبون رئيسيون، ونحن الآن نتجه إلى جنيف بعد محادثات أستانا التي كانت منصة لوقف إطلاق النار، إن مسار جنيف يأتي نتيجة مباحثات أستانا ولكن ليس جزءا منها.

تمكنا في الجنوب، وأستطيع هنا الحديث باسم الأردن، نحن والروس والأمريكان من العمل معاً للتوصل إلى طريقة لإنشاء مناطق مستقرة في الجنوب (مناطق خفض التصعيد). وهذه إحدى النماذج الإيجابية التي يمكن أن نشير إليها فيما يخص سوريا. فمنذ ربيع العام الماضي وحتى هذا اليوم، يعمل الجيشان الأمريكي والروسي تحت مظلتنا على إدارة مركز يعمل على مدار الساعة لتفادي النزاعات واستدامة الاستقرار في الجنوب.

والخطوة التالية، هي كيفية تطبيق هذا النموذج في الوسط والشمال. وقد أصبح الوضع في الشمال أكثر تعقيدا بسبب التحديات التي ظهرت مؤخراً والمتعلقة بتركيا. علينا أن ندرك أهمية الوصول إلى جنيف في نهاية المطاف من أجل الجانب السياسي.

 

هل سيذهب الأسد إلى جنيف والتي تمثل الحل السياسي الذي يشتمل عقد انتخابات وأموراً من هذا القبيل؟ فكلما حقق الأسد تقدماً في الجانب العسكري، يصبح أقل ميولاً للذهاب إلى جنيف للتفاوض حول انتقال سياسي بعيداً عن نظامه.

كما أشرت، فإن الحل للأزمة في سوريا لن يكون قريبا. وبوجود العديد من اللاعبين الدوليين في سوريا بأجنداتهم الخاصة، أعتقد أن (الرئيس السوري) بحاجة إلى الذهاب إلى جنيف، وهي ليست محطة شاملة تتناول جميع القضايا. فهناك اجتماع قريب في سوتشي، يعقد لمرة واحدة ويمكنّنا من أن نصل، كما نأمل، بشكل أفضل إلى جنيف. وستكون جنيف عملية مستمرة، لأننا نتعامل مع الانتخابات والدستور، وبالتالي، فما هي الخطوة التالية بعد ذلك إذاً؟ إنها إعادة إحياء جنيف، وعلى جميع الأطراف، الأطراف العقلانيين، أن يدركوا أن الوضع في سوريا لن يتحسن، فهو معقد ويمثل تحديا، ونحن جميعاً ندفع الثمن. وأعتقد أنه من المنظور الروسي، فإنهم يجب أن يجدوا حلاً، وجنيف هي أفضل مسار.

 

ما هي الاستراتيجية وراء ما يبدو بأنه سياسة خارجية جديدة للسعودية تعتمد المواجهة؟ فهي تتحدّى إيران في لبنان وفي سوريا وفي العراق وفي قطر وطبعاً في اليمن. وفي جميع هذه الأماكن يبدو أنها اتّخذت أكثر المواقف هجومية، وفي جميع هذه الحالات، حتى الآن، لا يبدو أنها لاقت الكثير من النجاح. لماذا يحدث ذلك وهل تتوقع استمرار ذلك؟

أعتقد أن السعودية بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز تلعب دورا فاعلا واستباقيا لم نشهده منذ مدة. وكما قلت آنفاً، فإننا نلمس فعلاً تدخّلا للسياسات الإيرانية في العديد من الدول العربية. ويظهر مجدداً خطر استغلال جماعات وقضايا على أسس دينية في منطقتنا. وأعتقد أنني ذكرت ذلك مسبقاً.

لذا أعتقد أنه ليس السعودية فحسب وإنما بعض دول الخليج الأخرى لديهم مخاوفهم بعد أن رأوا ما حدث، كما أشرت، في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وفي أجزاء أخرى من العالم. لذا يوجد توتر مع إيران بسبب السياسة التي يتم ممارستها في منطقتنا، وهو الأمر الذي نود من الإيرانيين أن يتوقفوا عنه. وأعتقد أن السياسة السعودية تضع خطوطا حمراء أمام هذا التدخل.