مقال بقلم د. خالد بن عبدالرحمن الشايع، المستشار الشرعي والقانوني السعودي والباحث في السُّنة والسيرة النبوية. المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي CNN
الرياض، المملكة العربية السعودية (CNN) -- فلا تزال مشاهد القتل ورائحة الدم حاضرة في يوميات الشعب السوري على أيدي المجرمين المنتهكين لحقوق الإنسان.
ومن أكثر ما يؤلم أن نشاهد المدنيين العزل يقتلون بدمٍ بارد، وأن يتم استهداف الأطفال والنساء في تجمعاتهم السكنية عن عمد وقصد لقتلهم.
ومن الصور التي تم تداولها في الأيام القليلة الماضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام: صورة طفلين سوريين متوفيين تم تكفينهما في كيسين عليهما شعار المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) بعد استشهادهما في جملة من استُشهد أثناء القصف الجوي على الغوطة من قبل قوات النظام والقوات الروسية.
وهذه الصورة تُجلِّي الانهيار الأخلاقي والإهدار الظالم لحقوق المدنيين وخصوصاً الأطفال، وكيف أن مجلس الأمن سيطرت عليه المصالح والأطماع دون رعاية لمقتضى القانون الدولي الإنساني والمعاهدات الإنسانية الأخرى.
ونتيجة لذلك، وفي الوقت الذي يفترض أن تحضر فيه يونيسيف (UNICEF) ومنظمات الأمم المتحدة الأخرى، والمنظمات الإنسانية الدولية لإمداد المحاصرين بالغذاء والدواء فوراً، ولكن للأسف نجد تخلف المنظمات الإنسانية عن أداء واجباتها ورسالتها نحو الأطفال والنساء والمرضى في الغوطة وأنحاء الشام.
وانطلاقاً من قول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة/2] واسترشاداً بالمبادئ الفاضلة التي أرساها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في أهمية التعاون بين الدول والتجمعات البشرية، مهما اختلفت مللهم وأعراقهم، لأجل إحقاق الحق ونصرة المظلومين ومساعدة المحتاجين وخدمة القضايا الإنسانية، كما هو واضح من السيرة النبوية الشريفة ، حين أمر المسلمين المستضعفين بالهجرة إلى الحبشة عند الملك النصراني النجاشي، وكما ثبت في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم تعاطف مع قريش وهم بمكة وهو بالمدينة حين أصابهم القحط والجدب، وغير ذلك من المواقف الإنسانية.
فهذه دعوة للمنظمات الإنسانية والجمعيات الإغاثية وللمسئولين في الدول ممن لا زالوا متمسكين بمبادئهم الإنسانية وبالعدل والرحمة أن يبادروا بتقديم ما يستطيعون لإغاثة ومساعدة المحاصرين في الغوطة وأنحاء الشام.
كما أن هيئات الهلال الأحمر والجمعيات الإغاثية في الدول الإسلامية كافَّة متعينٌ عليها المبادرةُ بما يجب عليها في هذه المأساة الإنسانية.
ولسوف يُكتب كل ذلك ، إما ثناءً وحمداً لذوي القلوب الرحيمة والمبادئ السامية، وإما ذمَّاً وملامةً لمن تخلفوا عن واجبهم ، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) نسأل الله الكريم الفرج العاجل لإخوتنا المحاصرين ولجميع المظلومين والمستضعفين.