هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
هذه الأيام القليلة التي تفصلنا عن موعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن موقفه من الاتفاقية النووية مع إيران هامة جداً، ليس فقط لإيران، ولكن للمنطقة بشكل عام.
يتحدث البعض عن احتمال اشتعال حرب بين إيران وإسرائيل في حال ألغى الرئيس الأمريكي التزامات بلاده بالاتفاقية النووية. البعض الآخر يتحدث عن إمكانية قيام الإيرانيين المحبطين والغاضبين بثورة ضد النظام الحاكم.
هناك حاليا وساطة قوية تقوم بها بعض الدول الغربية مع الولايات المتحدة، حيث تحاول إقناع الرئيس الأمريكي بالبقاء في الاتفاقية. حتى أن بعض القادة الغربيين يقولون إن بإمكان إيران والولايات المتحدة الدخول في مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين وذلك من خلال إجراء مباحثات مباشرة على أعلى مستوى، تماماً كمال يحدث الآن بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، والتي يفترض أن تتوج بلقاء بين زعيمي البلدين في الشهر القادم بناء على رغبة دونالد ترامب نفسه.
هذا الأسبوع الذي يفصلنا عن 12 مايو، موعد إعلان ترامب عن موقفه، مثير للقلق والارتباك. هناك كثير من التكهنات حول ما ينوي ترامب أن يفعله، ويبدو أنه حتى الدولة الحليفة الأقرب لواشنطن، إسرائيل، لا تعرف هي الأخرى ما يخبئه الرئيس الأمريكي في جعبته.
في إيران، لا يتحلى الناس بأي مقدار من الصبر، واي سوء إدارة من قبل الحكومة يمكن أن يؤدي إلى إشعال نار الغضب الجماهيري، والنظام الإيراني يعرف ذلك جيداً.
لذلك إذا نظرنا إلى الوضع من وجهة نظر إيران، فإن قرارات المرشد الأعلى للثورة آية الله خامنئي وخياراته في حال إلغاء ترامب للاتفاقية النووية يمكن أن تكون غاية في الحساسية وقد تلعب دوراً حاسماً في مستقبل الجمهورية الإسلامية.
حسناً، في هذه المرحلة، قبل أيام قليلة فقط من الموعد النهائي المرتقب، يبدو أنه ليس لدى إيران بديلاً أفضل من رفض إجراء أي مفاوضات مع الولايات المتحدة حول أي شيء، مثل برنامج الصواريخ البالستية أو الإطار الزمني للاتفاقية النووية التي تنتهي في 2025، ولا حتى حول أي قضية إقليمية مثل الصراع في سوريا والصراع في اليمن.
وعلى الجانب الآخر، نجد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حريص على إصلاح الثقوب في الاتفاقية النووية مع إيران حسب قوله، وإلا فإنه يهدد بالانسحاب من الاتفاقية بغض النظر عما يريده حلفاؤه الأوروبيون أو الصين أو روسيا في هذا الصدد.
منذ فترة ليست بالبعيدة، في 2015، اضطر الإيرانيون لشراء بضائع صينية ذات نوعية متدنية عندما كانت العقوبات الغربية لا تزال قائمة ووجد خامنئي صعوبة في الحصول على مبالغ نقدية مقابل بيع النفط. وبدلاً من المال النقدي، أرسلت الصين إلى إيران كل شيء لكي تدفع ثمن النفط، بدءاً من التفاح الصيني ذو الطعم البلاستيكي إلى سجادات الصلاة وأدوات الزينة المنزلية رخيصة الثمن.
كان هناك مجال لروسيا ايضاً في تجارة النفط مقابل البضائع والسلع. علاقات إيران مع روسيا تمنحها فرصة لتوسيع شبكة الطاقة وتصدير البضائع إلى السوق الإيرانية الكبيرة، وفي نفس الوقت مواجهة النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط. لذلك شعرت كل من الصين وروسيا بالضيق بسبب الاتفاقية النووية بين الغرب وإيران، وسيكون هذان البلدان أكثر المستفيدين في حال خروج أمريكا من الاتفاقية النووية وإلغائها.
إذا بقي الرئيس ترامب ملتزماً بالاتفاقية النووية مع إيران وفق شروطها الحالية فإن شيئاً لن يتغير لصالح ابناء الشعب الإيراني الذين لم تتحسن ظروفهم المعيشية من النواحي الاقتصادية أو الاجتماعية.
السيناريو الآخر هو أن تلغي الولايات المتحدة الاتفاقية، وهذا سيزيد الضغوط على الإيرانيين من الناحيتين السياسية والاقتصادية، لكن الحكومة الإيرانية مستعدة لاتخاذ أي إجراءات ضرورية ضد المدنيين الإيرانيين.
سواء بقيت الاتفاقية أو ألغيت، فإن الصداع سيستمر ما لم تلجأ الولايات المتحدة وإيران إلى مفاوضات مباشرة. هذا فقط ربما يكون في مصلحة الشعب الإيراني.