هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
في أوائل شهر يناير الماضي، خرج أهالي مدينة مشهد للتظاهر ضد الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها إيران. بعد ذلك حدثت مواجهات بين الصوفيين وقوى الأمن الذين كانوا يحاولون منعهم من زيارة زعمائهم الروحيين، الأمر الذي وضع طهران في حالة تأهب أمني قصوى. وفي الأسبوع الماضي، أعلن التجار في بازار طهران الكبير عن إضراب ونظموا مسيرات. والآن، هناك تظاهرات واسعة في مدينة خرمشهر الإيرانية احتجاجاً على نقص مياه الشرب النقية.
بمعنى آخر، يمكن القول أن النظام الإيراني فشل في الحكم وفي إرضاء الشعب الإيراني بسبب سوء إدارة البلاد، بحيث أنه لا يكاد يمر يوم واحد دون احتجاج أو مظاهرة في زاوية من زوايا البلد. ومن ناحية ثانية، أوضح الرئيس حسن روحاني لمنافسيه أنه لن يتخلى عن السلطة ولن يرضخ لمطالبهم أو آمالهم بإجراء انتخابات مبكرة في إيران "إذا كان أي أحد يعتقد أن الحكومة ستستقيل أو تذهب بأي طريقة، فإنه مخطئ."
الثورة الإيرانية بدأت في بازار طهران الكبير عندما قام تجار البازار بإضراب ضد شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي وأغلقوا جميع محلاتهم احتجاجاً على النظام الحاكم. ويعتبر بازار طهران الكبير السوق المالية لطهران، وهو منقسم إلى عدة أزقة طولها أكثر من 10 كيلومترات، كل واحد منها مختص بنوع معين من البضائع، وله عدة مداخل.
وينظر إلى البازار على أنه من مراكز قوى المحافظين في المجتمع الإيراني، ويوفر روابط قوية بين رجال الدين وتجار الطبقة الوسطى. الآن، ولأول مرة منذ 40 سنة، يقوم تجار البازار بإضراب، لكن المثير للدهشة هذه المرة أن الإضراب هو ضد النظام الديني.
انهيار قيمة العملة الإيرانية المحلية أمام الدولار الأمريكي أثار مخاوف الإفلاس بين التجار، وهذا ما دفعهم إلى الإضراب والاحتجاج في الأسبوع الماضي. أصحاب المحلات في بازار طهران الكبير كانوا يحتجون بسبب عدم استقرار الوضع الاقتصادي وتذبذب سوق التصريف المالية مما سبب خسائر كبيرة لبعض التجار.
الدعم الذي قدمه تجار بازار طهران الكبير في 1979 لآية الله خميني كان عاملاً رئيسيا لنجاح الخميني في مواجهة الشاه. هذه المرة تمكنت سلطات الأمن بشكل ما من قمع الاحتجاجات والسيطرة عليها، ولكن بسبب وجود تحديات اقتصادية كثيرة أمام الرئيس روحاني وحكومته، من الصعب القول فيما إذا كانت الاحتجاجات الماضية هي الأخيرة.
كان من المنطقي أن يستقيل الرئيس حسن روحاني من منصبه تحت الضغوط الشعبية بسبب عجزه عن معالجة المشكلة الاقتصادية ومكافحة الفساد المستشري وسوء الإدارة في النظام، لكنه قال بشكل واضح أنه لن يستقيل. لكن لا يزال من الممكن أن يقوم البرلمان الإيراني بخلع الرئيس روحاني بسبب عدم كفاءة الإدارة، ولكن مثل هذا السيناريو يحتاج إلى موافقة أو أمر غير مباشر من المرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي.
اليوم، يضطر الناس في الأهواز وعبدان لمواجهة قوى الأمن الإيرانية، وكان هؤلاء الناس منذ أربعين سنة يدافعون عن بلادهم ضد غزو قوات صدام حسين. ولذلك يشاهد الناس باستغراب كبير الممارسات الوحشية لقوات النظام ضد سكان هذه المناطق الذين ييعشون في فقر ويطالبون فقط بتوفير مياه الشرب النظيفة لهم. إذا لم يكن النظام قادراً على أن يكون متفهماً وكريماً مع أبناء المناطق الجنوبية، فكيف سيكون الحال مع سكان المناطق الأخرى؟ هذه نقطة تحول كبيرة إلى أبعد حد بالنسبة للجمهورية الإسلامية.