کاملیا انتخابی فرد تكتب لـCNN: الإيرانيون تعبوا من النظام ويريدون المساعدة.. لكن بشرط

الشرق الأوسط
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير کاملیا انتخابی فرد

هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

في كل مرة تفتقر فيها الحكومة الإيرانية إلى التأييد الشعبي وتشعر بوجود خطر يهدد وجود الجمهورية الإسلامية، تسارع إلى مخاطبة الحس الوطني الشعبي لجمع تأييد قوي لمواجهة ذلك التهديد. اختلاق العدو جزء من وجود النظام الإيراني، وحاجة الجمهورية الإسلامية إلى هذا العدو منذ حوالي أربعين سنة حولت الولايات المتحدة إلى "الشيطان الأكبر"، ووجد النظام الإيراني صعوبة في تغيير موقع الولايات المتحدة خلال كل هذه السنوات لأن وجود النظام نفسه قد يصبح مهدداً في حال اختفاء هذا العدو.

واليوم يقول النظام الإيراني إن هذا "الشيطان الأكبر" يتآمر على الجمهورية الإسلامية وأن الرئيس دونالد ترامب يهدف إلى تغيير النظام في إيران عن طريق تقديم الدعم إلى فصائل المعارضة الإيرانية وإعادة فرض العقوبات على البلد.

لقد تعب الشعب الإيراني من النظام الحاكم الذي أهدر الموارد الطبيعية للبلد خلال العقود الأربعة الماضية أملاً في تحقيق طموحاته الدينية من خلال التدخل في الشؤون الإقليمية. وقد حاول الشعب الإيراني أن يصدق أن النظام سيقوم بالفعل بإصلاحات حقيقية، لكن النظام لم يفعل ذلك.

الفساد المنظم داخل الحكومة الإيرانية والهيئات والأشخاص المرتبطين بها، بالإضافة إلى فساد البنوك والنظام المالي بشكل عام أثار غضب الناس إلى درجة كبيرة. في هذا الصيف الحار تفتقر كثير من المدن الإيرانية إلى مياه الشرب النظيفة والكهرباء، ورجال الدين المرتبطون بالحكومة يجلسون في البيوت والقصور الفخمة التي استولوا عليها من أعوان شاه إيران السابق وأقربائه قرب بحر قزوين في الوقت الذي يتمتع أبناؤهم بالدراسة والحياة خارج إيران.

إن ما يثير الغضب فعلاً هو أن أحد أكثر الشعوب عراقة وثقافة في الشرق الأوسط، رغم الثروة الكبيرة التي يمتلكها بلده الذي يأتي في الترتيب الثالث من حيث احتياطيات الغاز والرابع في احتياطيات النفط في العالم، يعاني من الجوع والبطالة!

أنا مع الأسف أتحدث عن الشعب الإيراني الذي أنتمي إليه، حيث لا يكاد يمر يوم واحد دون أن تخبرني عائلتي عن حادثة سرقة أحد المنازل تحت تهديد السلاح أو إجبار إحدى النساء على خلع سوار ذهبي أو قلادة ذهبية في الشارع تحت تهديد السلاح أيضاً. والدتي التي بلغت السبعين من العمر وتمشي على عكاز تعرضت لهجوم من شاب قام بضربها بقسوة وهو يحاول انتزاع سوارها الذهبي من معصمها. وحسب الإحصائيات فإن عدد العاطلين عن العمل والمدمنين على المخدرات يرتفع بشكل مخيف بين أفراد الشباب الإيرانيين الذين تحت سن الـ30 من العمر.

بالنسبة لهؤلاء الناس فإن هدف الرئيس ترامب في تغيير النظام يعتبر هبة من السماء، لكنهم عندما يسمعون أن الولايات المتحدة تدعم الانفصاليين وأن وحدة وسيادة الأراضي الإيرانية تتعرض للتهديد يختلف موقفهم تماماً.

الإيرانيون بكل أطيفاهم، سواء كانوا فقراء أو أغنياء داخل إيران أو يعيشون في الشتات، فخورون ببلادهم ولا يمكن أن يسمحوا لأحد بالمساس بوحدة هذا البلد بغض النظر عمن هو الحاكم. الإيرانيون يشعرون بالتعب من هذا النظام لكنهم حذرون من الأجندات الأجنبية التي تستهدف بلادهم، وهم يريدون أن يتلقوا المساعدة على تحقيق ما يريدونه شرط أن لا يكون الثمن هو دمار وطنهم.

في رأيي، يجب على الدول المجاورة لإيران والولايات المتحدة أن تظهر تضامنها مع الشعب الإيراني لمواجهة النظام الاستبدادي دون أن يتدخل أي طرف أجنبي في الشؤون الداخلية الإيرانية وإلا ستكون هناك ردة فعل سلبية من الشعب الإيراني ضد أي تدخل أجنبي، وبالتالي فإن ذلك سيعطي النظام الإيراني الحاكم الفرصة لتعزيز موقفه من خلال استغلال الشعور القومي للشعب.