هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
الرحلة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الخميس إلى العاصمة العمانية، مسقط، ولقاؤه مع السلطان قابوس أبهرت الكثيرين، ولكن ليس في المنطقة، بل في الغرب بشكل أساسي.
الرد على الزيارة جاء بشكل كبير من الإيرانيين لأن عُمان كانت تعتبر دائماً البلد الأكثر موثوقية في المنطقة بالنسبة لإيران، وكان دائماً القناة الخلفية لطهران.
سمعت الكثير عن الأسباب المحتملة لزيارة نتنياهو إلى العاصمة العمانية، وأنها ربما تكون مرتبطة مع محادثات السلام الفلسطيني – الإسرائيلي المتوقفة منذ أن قام الرئيس دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. محمود عباس أكد بكل وضوح أنه لن يقبل بالوساطة الأمريكية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
مع مثل هذا المأزق وأهمية هذه المحادثات بالنسبة لدول الشرق الأوسط والمسلمين بشكل عام، من المنطقي الاقتناع بوجهة النظر القائلة إن عُمان ربما أصبحت الوسيط الجديد بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
بعد أن نجحت عُمان في مساعدة إيران على إجراء محادثات سرية مع الولايات المتحدة في 2013، والتي فتحت الطريق أمام المحادثات الرسمية المتعلقة بالملف النووي الإيراني، وصولاً إلى توقيع الاتفاقية النووية بين إيران والأطراف الغربية بقيادة الولايات المتحدة في 2015، يرى الجميع أن عُمان تمتلك القدرة على إجراء مثل هذه المحادثات.
ومع أن وزير الخارجية العماني نفى أن تكون بلاده تقوم بمثل هذه الوساطة، إلا أنه قال إن السلطنة لديها مقترحات جيدة للطرفين. أنا أعتقد أنه لا يمكن لأي محادثات جدية بين الفلسطينيين والإسرائيليين أن تنجح ما لم تكن مصر طرفاً في مثل هذه المحادثات. السبب في ذلك هو ببساطة أن مصر والأردن هما البلدان العربيان الوحيدان اللذان يعترفان بإسرائيل ولديهما علاقات دبلوماسية معها.
ومن ناحية ثانية، فإن مصر أكبر بلد عربي وهي الأكثر نفوذاً في المنطقة، ولديها حدود مشتركة مع الأراضي الفلسطينية في رفح ومع إسرائيل في صحراء سيناء، ولذلك فإن لها مصالح مباشرة في مثل هذه المحادثات، ومن الصعب أن تتمكن عُمان من القيام بمثل هذه الوساطة ما لم تكن مصر طرفاً فيها.
إذاً ما هو الاحتمال الثاني المتعلق بالسبب الرئيسي لزيارة نتنياهو إلى مسقط يوم الجمعة الماضي؟
ربما تكون إيران مرة أخرى هي الموضوع الرئيسي للمناقشات التي تمت خلال هذه الزيارة بسبب الثقة الكبيرة التي يوليها الإيرانيون لعمان، ولأن السلطان قابوس يتمتع بسمعة طيبة لدى الأمريكيين وفي المنطقة كزعيم مسلم معتدل.
حسناً، ربما يكون الأمر كذلك، حيث إن نشاطات إيران في سوريا تثير القلق في إسرائيل، وقد طلبت عدة مرات من روسيا تقييد تحركات الحرس الثوري في سوريا ولكن بلا فائدة، وكذلك هاجمت إسرائيل قواعد عسكرية إيرانية عدة مرات في سوريا.
ولكن مع تزايد الضغوطات الكبيرة على النظام في طهران واقتراب الموعد الذي وضعه ترامب لبدء تطبيق العقوبات النفطية الأمريكية على إيران في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني، تستطيع مسقط أن تساعد الإيرانيين على إعطاء الضمانات المطلوبة للإسرائيليين حول سوريا.
مثل هذه الاتفاقية يمكن أن يعتبرها الرئيس ترامب سلوكاً جيداً من طرف إيران، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى تخفيف العقوبات على قطاع النفط الذي يحتاج إليه الإيرانيون بقوة من أجل إنعاش اقتصادهم الذي يواجه مشاكل عميقة.
وربما يقدم إعلان جماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية المتطرفة –المدعومة من إيران- يوم السبت عن وقف لإطلاق النار من جانب واحد مع إسرائيل مؤشراً حول إمكانية هذا الاحتمال.