هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
مع بداية العام الميلادي المجيد الجديد أكتب بطاقة معايدة خاصة لبعض القائمين على إصدار الفتاوى -مع كل المحبة والاحترام- من مصدري وناقلي خطب وفتاوى الكراهية والتحريض عن سبق إصرار وترصد أو عن جهل فيفرقوا بين الجار وجاره وفي حالات كثيرة بين الزوج وزوجته بالافتراء على المؤمنين بما لا يرضي رب العزّة.
نحمد رب المحبة والخير والبركة والنعمة والقداسة والطهارة أنه يحثنا على المحبة ويحضنا على الخير لخلقه كافة لا بل ولجميع خلائقه من حيوان ونبات وحتى جماد صنعته يد إنسان بما ينفع البشرية.
أهي الصدفة التي تدفع بهؤلاء الداعين إلى تحريم التهنئة بأعياد الميلاد ورأس السنة والمشاركة بمظاهر الفرح دون الاعتقاد بالضرورة بالأسس الدينية للأعياد، أهي حقا مجرد صدفة تتكرر كل عام وفي أكثر من ساحة يوجد فيها "صميدعيون"؟ لا أظنها صدفة هي بالأصح "رخصة". ببالغ الأسف هي رخصة منحتها السلطات القائمة لشيوخ الجهل والكراهية والتحريض على مزاولة المهنة سواء بترخيص رسمي أو غير رسمي. وتلك مأساة من مآسي تعامل النظم الأمنية والقضائية والسياسية مع هذه الفلتات والشطحات التي أشكر رعاة "الربيع العربي" المشؤوم على فضحها وإسقاط أقنعتها من خلال ما نضح فيه إناء إعلام "الإخوانج" والسلفيين في مصر وأنصارهم في سورية وليبيا وتونس واليمن وحتى في المهجر. قبل سنوات أصدر أحد شيوخ أمريكا وكندا على بعد أميال من البيت الأبيض فتوى بتحريم مجرد النطق بـ "ماري كريسماس" لا الاحتفال بعيد الميلاد المجيد أو رأس السنة الميلادية المباركة وهو – رحمه الله – من الذين كانوا يسوقون أنفسهم على أنهم "وسطيون معتدلون."
الخلل لن ينتهي بإقالة وعزل مفتي العراق كما يطالب ناشطون عراقيون من مختلف "الملل والنحل"، الخلل كله يكمن بما يسمونها "أمهات الكتب" و"مراجع الثقات". آن الآن لتجفيف المستنقع كما جاء في شعار الحملة الانتخابية التي أوصلت دونالد جيه ترامب إلى البيت الأبيض منتصرا على راعية "الربيع العربي" المرشحة السابقة هيلاري كلينتون التي لست أدري ردة فعلها والرئيس السابق باراك حسين أوباما على مفتي العراق وأمثاله في ساحات عربية عدة من بينها الساحة الفلسطينية التي كانت إلى حد قريب بعيدة عن لوثة الفتن الطائفية حتى خرج شيخ يدعى نضال صيام "أبو إبراهيم" ينادي تحت شعار "نداء الأقصى" بتحريم المشاركة فيما وصفها أعياد "الشرك والزنى والفجور".
هل اختلفت دعوات التضليل والتكفير والتحريض والترويع هذه عن إطلاق النار العشوائي على المتسوقين في بازار مفتوح لأعياد الميلاد ورأس السنة في ستراسبورغ بفرنسا قبل أسابيع؟ أو تفجير حافلة السياح الفيتناميين قرب أهرامات الجيزة قبل أيام؟ أو الداعشي الذي قطع بسيفه رأس تمثال "ستنا مريم" وحطمه بمطرقته في سورية في أوج أوار أتون الحرب على حضارات وأديان الشرق العظيم في سورية وسواها من "بلاد العرب أوطاني"؟
اللهم رب إبراهيم وأحفاده أبتهل إليك أن تفتح عيونهم وآذانهم.. ٢٠١٩ عام آمن زاهر على الجميع بما في ذلك "الكفار" والملحدين واللاأدريين. نعم أعنيها من كل قلبي. ومن كان منكم ديّانا فقد أشرك وفقا لما يدعيه! ولأخي في الإنسانية الشيخ العلامة مفتي العراق، أقول: سامحني يا "معوّد"، كلنا "جهّال وخطّار" (اللهجة العراقية معروفة لا تحتاج لتفسير) وخير الخطائين التوابون. نأسف لاستفزازكم، نعمل من أجلكم. نحبكم بما يرضي الله يا شيخ! "هابي نيو يير"!