هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
قبل أسبوع واحد فقط، كان علم جمهورية إيران الإسلامية بالإضافة إلى صورة المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي في جميع أنحاء إسلام آباد للاحتفال بالذكرى الأربعين للثورة الإيرانية.
وفي هذا الأسبوع، بعد فترة قصيرة جدا، استبدلت الصور والأعلام وحل مكانها صور وأعلام السعودية، المنافس الإقليمي الأول لإيران، تزامناً مع بداية زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى دول آسيوية بدءاً من باكستان يوم الأحد.
من الواضح أن باكستان أنفقت ملايين الدولارات استعداداً للترحيب والاحتفال بزيارة بولي العهد السعودي وتأمين حمايته مع آلاف من مرافقيه في هذه الرحلة.
باكستان تمر بأزمة اقتصادية حادة ولا تستطيع دفع الكثير من القروض ويعيش معظم أبنائها مشقة كبيرة لتأمين خبزهم اليومي. لذلك فإن رئيس وزرائها عمران خان لم يخف حماسه لدى الحديث عن نية السعودية استثمار مليارات الدولارات في باكستان وتقديم غيرها من المساعدات الاقتصادية الهامة.
من دون شك، كانت الروابط التاريخية بين البلدين قوية دائما وكانت السعودية لها تأثيرات هائلة في باكستان في كافة المراحل، وذلك بسبب استثماراتها الاقتصادية والمساعدات التي تقدمها لباكستان، بالإضافة إلى أهمية الروابط الدينية التي تعزز الكثير من التعاطف بين مواطني باكستان، التي تعتبر ثاني أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان في العالم.
لكن في السنوات الأخيرة، كانت إيران والسعودية تتبادلان الاتهامات حول القيام بأنشطة إقليمية مشبوهة، وتتهم كل منهما الأخرى بتقديم الدعم لجماعات المعارضة لها، ووجدت باكستان أيضاً نفسها عالقة في هذه الحرب بالوكالة بين المتنافسين.
وبما أن باكستان دولة مجاورة لإيران ولديها روابط قوية مع الجمهورية الإسلامية، وهي في نفس الوقت في حاجة إلى الأموال اللازمة لمساعدة اقتصادها المدمر ولديها علاقات عسكرية هامة مع الرياض، فقد وجدت نفسها في وضع صعب وكافحت لكي تبقى حيادية في الصراع بين البلدين.
يوم الأربعاء الذي سبق سفر ولي العهد السعودي إلى باكستان، أسفر انفجار شاحنة مفخخة في حافلة تقل أعضاء من الحرس الثوري الإيراني عن مقتل 27 من عناصر الحرس الثوري وإصابة 13 آخرين في جنوب شرق سيستان ومقاطعة بلوشيستان. واتهمت إيران جماعة جيش العدل بالمسؤولية عن الهجوم. هذه المنطقة التي تقع على الحدود مع أفغانستان وباكستان تشهد أحيانًا هجمات بلوشية انفصالية، لكن الجمهورية الإسلامية ألقت باللوم على السعودية وباكستان في دعم الهجوم، وتعهد الحرس الثوري الإيراني بالانتقام.
ورغم أن جماعة جيش العدل الإرهابية لديها قاعدة داخل باكستان، إلا أن من الصعب إثبات أن هناك دولة أجنبية كانت وراء الهجوم أو رعته، في الوقت الذي أدانت الأمم المتحدة الهجوم الإرهابي على قافلة الحرس الثوري الإيراني.
ولأن الحرس الثوري الإيراني لديه حساسية حيال سفر ولي العهد السعودي إلى باكستان، حاول إلقاء اللوم على الحكومة الباكستانية في الهجوم على الحافلة، رغم أن إيران ليست في وضع سياسي جيد حتى تتمكن من القيام بمناورة كبيرة هذه الأيام بسبب تزايد الضغط السياسي والاقتصادي للرئيس ترامب على القادة في إيران.
النظام في طهران لديه مخاوف من هدف ترامب الحقيقي من وراء العقوبات، ويرى أن جميع جهود الإدارة الأمريكية تشكل جزءاً من هدفها الحقيقي وهو تغيير النظام في طهران.
هذه المنطقة المضطربة في إيران هي من بين أفقر الأقاليم التي لا تقوم الحكومة أبداً ببناء البنية التحتية أو الاستثمار في التعليم فيها، حيث ترى طهران أن هذه المقاطعات السنية متعاونة مع دول سنية أخرى.
لكن هذه الاتهامات التي تفتقر إلى الدليل لا ينبغي استخدامها للإشارة إلى أن دولاً أجنبية ترعى أو تساعد الإرهابيين. في الواقع، عندما يمارس التمييز العنصري على نطاق واسع في هذه المنطقة، التي تنتشر فيها البطالة وتجارة المخدرات، فإن من السهل على أي طرف استغلال هذه النقطة لتحقيق مكاسب شخصية أو غير ذلك.