هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
كنت أقرأ تقريراً عن مخيم الهول للاجئين في شمال شرق سوريا، وهو المكان الذي تتواجد فيه المجموعات الأخيرة من النساء الأكثر ولاء لتنظيم داعش. وفقًا للتقرير، يوجد أكثر من 70 ألفا من النساء والأطفال في مخيم اللاجئين هذا، كثير منهم مريضون وغاضبون ومليؤون بالكراهية والأهم من ذلك؛ غير مرغوب فيهم!
معظم الموجودين في المخيم من الأجانب الذين جاءوا من دول مختلفة وانضموا إلى داعش في سوريا، ولا يزالون راديكاليين بانتظار مصيرهم. وتقوم السلطات المحلية بوضعهم رهن الاحتجاز حتى يتم تقرير مصيرهم ومستقبلهم حسب بلدانهم الأصلية أو البلدان التي تستضيفهم، وهذا يعني سوريا والعراق.
معظم النساء اللاتي في المخيم تم إحضارهن بشكل رئيسي من قرية الباغوز، المعقل الأخير لآخر مجموعة من تنظيم مقاتلي داعش الأكثر تطرفًا، وهن لا يزلن تحت تأثير دعاية داعش التي غسلت أدمغتهن، وهن لا يزلن مقتنعات بأيديولوجيتهم الراديكالية ويعتقدن أنهن سوف يجتمعن مع أزواجهن، والذين لا يزال بعضهم على قيد الحياة ومعتقلين لدى السلطات العراقية أو السورية.
في هذه الأيام ليس لدى الكثير منا تعاطف مع هؤلاء النساء، حيث لا يزال بإمكاننا أن نتذكر الأشخاص الذين عانوا تحت حكم داعش. عمليات الإعدام الوحشية ومذبحة الأيزيديين التي ارتكبها التنظيم في سوريا من بين الجرائم التي لا تنسى، خاصة مشاهد الإعدام الفوري للكثيرين من الرجال وكبار السن، ومن ثم اقتياد الفتيات كعبيد جنس.
من يستطيع أن ينسى صور النساء الأيزيديات وهن يتعرضن للتعذيب والاغتصاب ويتم بيعهن في سوق النخاسة كعبيد جنس، حيث لا يزال الآلاف منهن في عداد المفقودين. ليس فقط الأيزيديين، بل المسيحيين والشيعية والأكراد وغيرهم من الأقليات أيضا قُتلوا وعانوا عندما استولى تنظيم داعش على مناطق مختلفة من العراق إلى سوريا.
لقد تم تدمير سوريا ومن الصعب تحديد متى يمكن لهذه الأمة أن تقف على قدميها مرة أخرى وتشفى من آلام وتدمير الحرب الأهلية والهجمات الإرهابية. لكن ما أود تسليط الضوء عليه هو مصير أكثر من 100 ألف شخص تقريباً من الرجال والنساء غير المرغوب فيهم والذين يواجهون كارثة إنسانية.
من الممكن أن يتم إعدام الكثير من المقاتلين في العراق وسوريا بسبب الجرائم التي ارتكبوها ضد المدنيين العراقيين والسوريين، لكن مصير عائلاتهم والعديد من أطفال داعش الذين فقدوا آباءهم أو ولدوا بسبب اغتصاب النساء الأيزيديات أمر يثير القلق وينبغي اعتباره ظرفاً إنسانياً دولياً طارئاَ.
إن الرحمة مطلوبة تجاه الآلاف من الأطفال الأبرياء الذين ولدوا في المكان الخطأ وفي الوقت الخطأ، وهم لا يتحملون أي لوم على ذلك. ليس فقط الأطفال، وكذلك أمهاتهم والرجال المحتجزون في مخيمات اللاجئين، جميعهم بحاجة إلى أطباء نفسيين وعلاج طبي. إنهم مثل الأشخاص المدمنين الذين يعانون من المرض، وهو أمر لا يمكن أن نعتبره جريمة. الأطفال ليسوا مجرمين ويحتاجون إلى العناية والعلاج حتى يمكنهم متابعة الحياة الطبيعية ومنحهم فرصة للابتعاد عن مصير آبائهم، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كان العالم مخلصًا في مساعدتهم على الوصول إلى هذا التحول.
إذا ما قمنا بتجاهل مصير هؤلاء النساء والأطفال أو التخلي عنهم، فإننا سنواجه مشكلة أكبر في المستقبل. اليوم هؤلاء الأطفال أبرياء، لكن بمجرد أن يكبروا، يمكن أن يحولهم الإحباط والخوف والفقر والتمييز إلى أشخاص مختلفين. يمكن أن يكون للراديكالية أشكال وطرق مختلفة. ومن أجل حل المشكلة، يجب أن نساعدهم عاجلاً وليس آجلاً على مغادرة المخيمات إلى أماكن آمنة بمساعدة أخصائيين اجتماعيين وأطباء لجعل هذا الانتقال إلى الحياة الطبيعية سلسًا وناجحا.