هذا المقال بقلم آلدار خليل، القيادي الكردي السوري والرئيس المشترك للهيئة التنفيذية في حركة "المجتمع الديمقراطي"، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
في الوقت الذي سعت فيه الكثير من القوى والأطراف، ولا تزال، إلى الحفاظ على حالة الحرب والتوتر والصراع في سوريا، تمسكت مكونات شعبنا في شمال وشرق سوريا، من عرب وكرد وسريان-آشور وأرمن وتركمان وغيرهم، بمواقفهم الثابتة في منع هذه الأطراف التي تبحث عن مصالحها الشخصية على حساب الشعب السوري. وقدمت مكونات شعبنا، ولا تزال، كل ما هو ممكن من أجل الحفاظ على الاستقرار ووحدة المجتمع السوري بتعدده وتنوعه، من خلال مشروع أخوة الشعوب والتعايش المشترك. لذلك، يعتبر هذا الجانب غير المرضي لمن لا يريد الاستقرار أحد أهم جوانب استهداف شعبنا وتجربته الديمقراطية اليوم.
حارب شعبنا مساعي تدمير سوريا ومن كافة الجوانب، وكان أكثرها ما قدمه مكونات شعبنا في حربه ضد تنظيم "داعش"، حيث في الوقت الذي كانت فيه الكثير من القوى تهرب من المواجهة مع هذا التنظيم الخطير على العالم والإنسانية، قدم شعبنا على مدار ما يزيد عن 4 سنوات أكثر من 11 ألف شهيد و25 ألف جريح والمئات من الذين أصابتهم إعاقات مستدامة؛ هذه التضحيات إضافة لكوننا حريصون على تحقيق الاستقرار كانت جزءا كبيرا من واجبنا في حماية الإنسانية والعالم من خطر "داعش" وفكره المتطرف.
بالرغم من هذه الجهود والتضحيات وكل ما نسعى إليه من خلال إصرارنا على الحل الديمقراطي وتحقيق الاستقرار ومنع أن تكون سوريا مركزاً للصراع والتناحر، إلا أنه هناك من يعرقل كل هذه المساعي، وفي مقدمتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المحتل لعفرين وأكثر من 10% من مساحة سوريا علناً.
التهديدات التركية اليوم على مناطقنا ومشروعنا الديمقراطي ليست وليدة اليوم وإنما عمرها يعود إلى بداية ثورة شعبنا في شمال وشرق سوريا؛ الثورة التي تحققت فيها كل المعايير اللازمة لأنها ثورة الشعوب وثورة نحو الديمقراطية في سوريا والمنطقة؛ هذه التهديدات خطر ليس فقط على مناطقنا وإنما على استقرار المنطقة، وعلى مستقبل الحل الديمقراطي في سوريا، وعلى جهود قوات سوريا الديمقراطية وشركائها في التحالف الدولي، خاصة في هذه المرحلة المهمة التي تلت نهاية داعش عسكرياً، حيث تستوجب المرحلة محاربة دقيقة لخلايا تنظيم "داعش" النائمة، كذلك تشكل هذه التهديدات خطرا على مستقبل الحل الديمقراطي في سوريا.
يوجد في مناطق الإدارة الذاتية الآلاف من معتقلي تنظيم داعش الخطيرين ومن أكثر من 50 دولة في العالم، كذلك هناك الآلاف من عوائلهم ومعهم أطفال تشبعوا من ذهنية التنظيم المتطرف؛ هذا كله خطر على العالم أجمع والتهديدات التركية تزيد من هذا الخطر. في الوقت الذي نحاول فيه أن يكون هناك حل لهذا الموضوع الخطير الذي يهدد العالم بأسره، تركيا تهددنا وتريد الهجوم على منطقتنا تحت حجج وذرائع لا أساس لها من الصحة ولا تمت إلى الحقيقة بصلة.
في إطار أداء شعبنا لواجبه الأخلاقي والإنساني في الدفاع عن العالم أجمع وعن الإنسانية فهل من المعقول أن يقف العالم صامتاً حيال التهديدات التركية ضد شعبنا؟ لا نرى بأن ذلك عدلاً كذلك لا يخدم ذلك جهودنا مع التحالف وكل أصدقائنا لحماية العالم من خطر المتطرفين وبناء الحل الديمقراطي في سوريا، نحن ومن حرصنا على كل ما تم التطرق إليه كنا وما زلنا منفتحين على الحلول الممكنة والمعقولة والسيد جيمس جيفري لامس هذه الحقائق من خلال زيارته إلى مناطقنا؛ لكن بالرغم من ذلك إلا أن أردوغان لا يتراجع عن تهديداته التي نراها إتاحة الفرصة لعودة تنظيم داعش وتدمير كل ما تحقق على الأرض.
العالم أجمع اليوم مطالب بمواقف واضحة وصريحة حيال هذا الخطر التركي على شعبنا؛ الخطر هو جدي وحقيقي وتبعاته اليوم واضحة في مناطق تواجد المرتزقة تحت الحماية التركية، نحن نسعى لمشروع ديمقراطي حقيقي في المنطقة ولا يوجد أي بديل يمكن من خلاله تحقيق الاستقرار؛ البدائل المطروحة أو التي يحاول البعض وتركيا في مقدمتهم تطويرها في سوريا هي بدائل تسبب المشكلات وتعمق الأزمة كمثال مشروع الإخوان المسلمين ومعهم من يمثلون الواجهة السياسية الشكلية للمعارضة، كذلك هناك مشروع البعث ونظامه الذي كان أحد أهم مسببات الأزمة في سوريا، لذا من المهم حماية هذا المشروع الديمقراطي الفريد من نوعه (مشروع مكونات شمال وشرق سوريا) كما سعوا وقاموا أصحاب هذا المشروع بحماية العالم بتضحياتهم وإصرارهم على الاستقرار والسلام في المنطقة؛ حيث حتى هذه اللحظة يدفع شعبنا ثمن مواقفه هذه من خلال ما يقدم من ضحايا نتيجة عمليات التفجير في المناطق المدنية الآهلة بالسكان.
الوقوف في وجه التهديدات التركية واجب إنساني وأخلاقي بالدرجة الأولى وحرص على تطوير الديمقراطية كون تركيا لا تستهدف دولة لأن يكون هناك أولويات ومصالح لدى البعض وإنما تستهدف منطقة صغيرة فيها شعب متنوع ومتعدد الانتماءات يريد تحقيق مشروع ديمقراطي في المنطقة ويقوم في ذات الوقت بواجبه في منع أن يكون هناك خطر في أي مكان من العالم.