هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأميركية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
تابعت خطاب الرئيس اللبناني ميشال عون ومن قبله خطابي سعد الحريري وحسن نصر الله مع حفظ الألقاب وغيرهم من قادة ورموز الطبقة الحاكمة في لبنان بصرف النظر عن موقعها في الرئاسات الثلاث: رئاسة الجمهورية والبرلمان والحكومة. جميعهم يعني "كلن" باللهجة اللبنانية يحبون الوطن ولا يسرهم حاله واتفقوا جميعا إلى حد التطابق على تشخيص العلة وأقروا ضمنا بتحمل المسؤولية معتذرين للمتظاهرين على امتداد ساحات الوطن على تركة الماضي واعدين بتسريع الإصلاح والنهوض بالبلاد إلى مستقبل أفضل أقله مستقبل يحمي البلاد من الانهيار المالي والاقتصادي والدخول في أتون فوضى لا تبقي ولا تذر كالنيران التي أتت على مناطق مأهولة في لبنان لم تتمكن طائرات إطفاء أمريكية هي هبة للشعب اللبناني من القيام بواجبها لتقصير الحكومة في إجراء الصيانة اللازمة لتشغيلها. كلفة صيانة لا تتجاوز بضع آلاف الدولارات سنويا أمام مديونية تجاوزت الثمانين مليار دولار؟!
"كلن" أجمعوا على أن الحال لا يسر لكنهم اختلفوا على أن دوام الحال من المحال. أسموه "العهد" ودون اتخاذ أي موقف معه أو ضده أتساءل عما حققه العهد من نتائج بعد توليه أمانة المسؤولية؟ وكعادة السياسيين ندخل بدوامة إلقاء اللوم على الآخر (في المعارضة) أو على الشريك (في الحكومة أو البرلمان) أو على الذات (على غرار النقد الذاتي "البنّاء" سواء داخل الحزب أو الطائفة والمذهب) لا بل وصلت الأمور إلى إلقاء اللوم على الشعب نفسه! فالطبقة الحاكمة هي نتاج تصويته الانتخابي أو انحيازه الحزبي والطائفي!
وأقول إنهم "كلن" شركاء فيما وصلت الأمور إليه في لبنان. يعلم أحبائي وهم بفخر من جميع الطيف اللبناني أنني منحاز للدولة وللجيش علانية. ومن بين "كلن" شخصية أيدتها منذ عقود وما زلت، لكني بلا تردد أقف إلى جانب المتظاهرين اللبنانيين "الأوادم" غير الشتامين في الدعوة إلى تنحيهم جماعيا عن السلطة سواء في مؤسسات الدولة أو خارج أطرها الدستورية. بكل المحبة والاحترام جميعهم فشلوا ما دمنا نتحدث عن "روح الفريق". طبعا شتان بين النزيه وبين الفاسد، بين الوطني و"العميل" والعمالة والتبعية لا تكون لدولة دون سواها فكل من لا يكون انتماءه لوطنه أولا وآخرا خرج طواعية عن العهد الأكثر قداسة، عهد المواطنة.
قالها كثيرون ومنهم رئيس الدولة ورئيس الحزب الأكثر سطوة في لبنان أن الإصلاحات مجرد مقدمة وأن تغيير العهد سيعني سقوط النظام والفوضى. بذلك يكون قادة لبنان يقامرون على الخلط بين خريف الغضب "السلمي الحضاري" في لبنان و"الربيع العربي" الملوث بالإرهاب والارتزاق.
لكن "كلن" يعلمون في قرارة صدورهم أن حلا ثالثا جدير بالتجربة وهو تنحيهم الجماعي عن السلطة وتشكيل الرئيس عون قبل الاستقالة لحكومة خلاص وطني من التكنوقراط مواطنين مقيمين أو حتى مهاجرين لحين إجراء انتخابات انتقالية تكون فيه البلاد دائرة واحدة. خلاص لبنان لن يتحقق إلا بقيام دولة مدنية علمانية فيها جيش وطني واحد. خلاص لبنان لن يتحقق ما دام فيه مربعات وجزر أمنية. خلاص لبنان لن يتحقق ما دامت الدولة ريعية رعوية.
وكمحب للبنان أناشد الجيش اللبناني المؤسسة الأبعد إلى حد كبير عن الفساد إلى استخدام مقلاعه وحجر "داوودي" يصرع "جالوت" الفساد مهما علا وطغا جبروته فالشعب معه لا ريب مادام يحميه من "البلطجة" و"حكم الأزعر".