بيروت، لبنان (CNN)-- ساور غلوريا إحساساً عميقاً بالخوف، عندما خرجت من الشارع الصاخب إلى قنصلية بلادها، فقبل أسابيع، دفعت إلى القنصل الفخري 1500 دولار، ادخرتها على مدار 5 سنوات من عملها كخادمة منزلية في لبنان، لمساعدتها في العودة إلى كينيا.
قالت إنه كان يطلب المزيد من الأموال، لكنها استعدت لمواجهته.
بادرته بالقول: "صباح الخير يا سيدي... لقد جئت لاستعادة أموالي".
تلقت غلوريا "صفعة على الوجه"، حسبما أكدت لـCNN، تلاها شجار بينها وبين القنصل.
وقالت غلوريا لابنة عمها عقب تلك الحادثة مباشرة: "بدأوا بدفعي وضربي ودفعتهم أيضا"، مضيفة: "لقد نعتوني بالعاهرة. شتموا شقيقتي، وقالوا لي أن آكل القاذورات".
وتحدثت غلوريا لـ CNN، فقالت إن لوحًا زجاجيًا تحطم بعد ارتطام جسدها به، كما غرق وجهها بالماء بعد أن رماها القنصل بكأس ممتلئ.
وجمعت CNN تفاصيل الاعتداء الذي تحدثت عنه غلوريا، من المقابلات التي أجريت معها، وشهادة من مصدر على علم بالواقعة في القنصلية، ومذكرات صوتية أرسلتها بعد فترة وجيزة، بالإضافة إلى أحد أفراد العائلة كانت قد باحت له بما حصل معها من مواجهة في القنصلية بنوفمبر/تشرين الثاني 2019.
اتهامات بالاعتداء الجسدي
وغلوريا، عاملة مهاجرة لا تملك وثائق رسمية، هي واحدة من 7 سيدات قلن إنهن تعرضن للاستغلال أو الاعتداء الجسدي من قبل القنصل الفخري الكيني في لبنان، سيد شالوحي ومساعده قاسم جابر، وكلاهما لبنانيان.
ليندا عاملة منزل أخرى، ادعت في حديثها لـCNN، إن شالوحي، اقترح عليها العمل في الجنس، لادخار رسوم إعادتها إلى الوطن، وأنها عندما لجأت بدلاً من ذلك لتنظيف مكتبه مقابل المال، رفض دفع المال لها.
أما جورجينا ادعت أن القنصل حاول غير مرة إقناعها بممارسة الدعارة، وتم استغلالها مقابل المال.
وقالت ميليندا، التي زعمت أيضًا أنها تعرضت للإيذاء الجسدي في القنصلية، إنها أمضت 3 سنوات في ادخار أكثر من 1000 دولار، ولكن الأموال حُجبت عنها.
وعندما طلبت تريسي من القنصلية تسهيل عودتها إلى الوطن، رفعت (القنصلية) التكلفة بمقدار 550 دولارًا ورفضت بدء العملية حتى غطت المبلغ.
وقالت عاملتا المنزل، إليزابيث وليزا، إنهما واجهتا أيضاَ رسوماً أكثر من اللازم.
ويذكر أننا في هذا التقرير، استخدمنا أسماء مستعارة للنساء الكينيات للحفاظ على أمنهن الشخصي.
ورصدت CNN تفاصيل أخرى عن عاملات منازل أخريات، جُمعت كجزء من تحقيق أجرته حركة مناهضة العنصرية في بيروت، والتي تؤيد مزاعم الاستغلال في القنصلية. وقال اثنان من وكلاء توظيف محليين، يعملان مع عاملات المنازل في المدينة لـCNN إنهما على دراية بهذه الانتهاكات، وزعم أحدهما أن شالوحي "كان يدير القنصلية كشركة".
القنصلية.. رمز الخوف لهؤلاء النساء
وترسم هذه المزاعم صورة لقنصلية كينيا في لبنان، بأنها تتجاهل بشكل كبير مجموعة كبيرة من المغتربات الكينيات، وتبالغ بالرسوم القنصلية الأساسية المفروضة عليهن، وتتصرف بحصانة، وتعاقب النساء جسديًا ولفظيًا على محاولة مواجهة إساءة استخدام السلطة.
من جانبه، نفى قاسم جابر مساعد القنصل، جميع المزاعم بارتكاب مخالفات في القنصلية، وقال لـCNN، عبر الهاتف: "نحن لا نفرط بفرض الرسوم على أي فتاة"، مؤكدًا أن "القنصلية ساعدت مئات النساء الكينيات المستضعفات في لبنان"، على حد قوله.
وأضاف جابر، أن "كل شيء يراقبه القنصل بنفسه حتى لا يضر أحد أو يهين أي فتاة كينية، لأن لدينا سمعة جيدة جدا هنا في لبنان. لن يحاول أحد أن يفسد اسمنا"، موضحاً أن كاميرات المراقبة موجودة في القنصلية، رغم أنه أشار إلى أنه لم يكن لديه تسجيلات مصورة لحادثة نوفمبر 2019.
كما أرسل لـCNN عددًا من مقاطع الفيديو، من خلال تطبيق "واتسآب"، صُورت بواسطة هاتف محمول، لنساء كينيات مجهولات يشكرنه وشالوحي والقنصلية لمساعدتهن، بالإضافة إلى بعض المحادثات التي تم التقاطها لنساء يعبرن عن امتنانهن عبر رسالة نصية.
وقال جابر: "(النساء الكينيات) خائفات من القنصلية ولا أعرف لماذا"، مضيفاً: "عندما يصلن إلى القنصلية، يمكننا حمايتهن. نحن هنا لمساعدتهن. نحن لا نطلب أي شيء في المقابل. نحن مستعدون للقيام بكل ما يلزم لمساعدتهن".
أما شالوحي، الذي يُمثل كينيا رسميا في لبنان، رغم أنه ليس مواطنًا كينيًا ولا دبلوماسيًا محترفًا، بل هو محام لبناني، عينته نيروبي لقيادة البعثة الدبلوماسية في البلاد، فلم يستجب لطلبات CNN للتعليق.
وتتولى القنصلية مهمة حماية أكثر من 1000 من عاملي المنازل الكينيين، معظمهم من النساء، تتم رعايتهن للتواجد في البلاد في ظل نظام كفالة مثير للجدل، وهو شكل من أشكال ما يمكن تسميته بـ"العبودية" التي تربط هجرة وإقامة المرأة بالعمل، من خلال عقد.
ويُعتبر الاعتداء شائعاً في العمل المنزلي التعاقدي، حيث ينشر باستمرار على وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان، ووسائل الإعلام الدولية، تقارير عن اعتداء على عاملات يعمل بالمنازل ويتم تعذيبهن، وأحياناً يشتبه في أنه جريمة قتل.
وتقول مجموعة حقوقية، إن أرباب العمل المسيئين لا يعاقبون أبداً تقريباً، وتنضم النساء اللواتي يخترن الاستغناء عن عقود العمل إلى صفوف عشرات الآلاف من المهاجرين "غير الشرعيين"، ويعانين من المضايقات والعنف.
وتعتمد هؤلاء النساء بشكل كبير على البعثات الدبلوماسية لبلدانهن للحماية من السجن، وفتح طريق لهن للعودة إلى الوطن.
شرب الماء للتغلب على الجوع
وفي استوديو بضواحي بيروت، تجتمع 5 نساء كينيات حول طاولة بلاستيكية، ويتردّد صدى الطريق السريع المجاور لهن عبر الغرفة الصغيرة حيث يعشن.
وتزيد موجة الحر درجة الحرارة في المدينة، ما يجعل الجو حارا جداً داخل غرفة تبلغ مساحتها 9 × 9 قدماً.
وتحدثنا ليندا، وهي مواطنة كينية تعمل في خدمة المنازل: "هاتفي يرن طوال الوقت بمكالمات من نساء كينيات"، موضحة: "يبحثن عن الطعام. وعن إجابات".
ولا تستطيع ليندا تقديم الطعام لصديقاتها، إذ ليس لديها أي شيء لتقدمه. لذا، تملأ صديقاتها أكوابًا من الماء كل بضع دقائق. وتقول النساء إنهن اعتدن على آلام الجوع.
وتقول ليندا: "من الخارج، أبدو بصحة جيدة، ولكن من الداخل أحترق ببطء"، مضيفة: "كل ما أريده هو الشاي، لكنني لا أستطيع تحمل كلفة الحليب".
وأما بيث، وهي امرأة كينية أخرى، فتقول بصوت بارد: "أقول لكم إننا نعاني من الجحيم هنا"، وترتدي بيث قناعًا طبيًا ملطخًا بأحمر الشفاه. وتُوضح: "أنا أرتدي هذا منذ أيام لأنني لا أستطيع شراء قناعاً آخر".
ومنذ أكتوبر/تشرين أول من عام 2019، شهد لبنان أحد أسوأ الانهيارات الاقتصادية في تاريخه، وارتفعت أسعار المواد الغذائية، كما تزايدت معدلات البطالة، ووصلت نسبة الفقر إلى أكثر من 50%.
واستغنت عائلات لبنانية عدة، عن عاملات المنازل لديها، مما تركهن بلا مأوى ويغلب عليهن الشعور بالجوع.
وتكافح عاملات المنازل اللواتي ما زلن يعملن، من أجل إرسال الأموال إلى عائلاتهن في الوطن لأن قيمة عملة البلاد قد هبطت بشكل كبير، وخسرت معظم قيمتها، مع تفاقم أزمة فيروس كورونا.
استغلال القنصلية للأزمة الاقتصادية
ودفع انخفاض الدخل، العمال المهاجرين، الذين عانى الكثير منهم في السابق من سوء المعاملة، من أجل دعم عائلاتهم مالياً من خلال التحويلات، إلى طلب إعادتهم إلى الوطن بأعداد كبيرة. وتعمل البعثات الدبلوماسية كوسيط رئيسي في هذه العملية من خلال إزالة العقبات القانونية للنساء مع وكالة الأمن الرئيسية في البلاد.
وهذا موقف يوجه العديد ممن قابلنا "الُتهم" للقنصلية الكينية باستغلاله، حيث تُفاقم معاناة المجتمع الكيني من خلال تضخيم المدفوعات لإزالة العقبات القانونية في طريق عودتهم، على حد قولهن.
وقالت حركة مناهضة العنصرية في لبنان، إنه تم إخبارها عن استغلال مزعوم في القنصلية، من قبل 50 كينيًا على الأقل.
وأوضح أخصائي الحالات الذي يقود التحقيقات المتعلقة بالقنصلية في حركة مناهضة العنصرية، والذي لم يرغب في الكشف عن اسمه لأسباب أمنية: "لسنوات عديدة، تلقينا تقارير من نساء كينيات عن تجاربهن في مواجهة الاستغلال من القنصل والقنصلية"، مضيفًا "لم أر تقارير منتظمة عن الاستغلال، وإجبار الناس على ممارسة الجنس والإيذاء الجسدي إلى هذا المستوى".
وتدّعي غلوريا، التي واجهت القنصل الفخري، أنه خلال لقائها معه ووسط سيل من الإهانات، اقترح القنصل عليها أن "تخرج وتجد المال من الرجال "، وقالت غلوريا: "أخبرني، إذا كنت تقولين إنك لا تملكين المال، فأنت امرأة، يمكنك الخروج والعثور على المال".
وأضافت غلوريا: "قلت ماذا؟ أنت محامٍ ... لماذا تخبرني بهذا؟" وتتذكر قائلة: "قلت ربما كان يمزح. لا، لم يكن يمزح."
وتحدثت CNN مع 4 سيدات أخريات، زعمن أنهن شاهدن شالوحي يشير لممارسة الجنس أثناء حديثه مع نساء كينيات كمصدر للمال لتغطية نفقات عودتهن إلى الوطن.
ويبدو أن هذه النفقات، التي تغطي رسوم الرحلة وغرامة العقوبات التي يتكبدها العمال خلال الوقت الذي يقضونه بلا وثائق، مبالغ فيها بشكل ممنهج، وفقًا للأدلة والشهادات التي اطلعت عليها حركة مناهضة العنصرية وCNN.
وتعليقًا على قضية غلوريا، زعم جابر، أن عاملة المنزل الكينية كانت "تصرخ" في القنصلية بعد أن تم رفض طلبها باسترداد الأموال التي دفعتها بالفعل لخدمات الهجرة في البلاد، مما يسمح بعودتها إلى الوطن.
وقال جابر، الذي أنكر مزاعم فرض رسوم زائدة على النساء لإعادتهن إلى وطنهن، إن القنصلية تلتزم بالإجراءات الرسمية الخاصة بالعودة إلى الوطن في لبنان.
وأضاف أن البعثة الدبلوماسية تتلقى أموالاً من افراد الجالية الكينية، بما فيهم النساء الكينيات المخالفات للإقامة، وتتواصل مع دوائر الهجرة اللبنانية، لتسوية المبالغ المترتبة عليهم مباشرة..
ويتلقى مسؤولو الهجرة الأموال مقابل عقوبات العمال المهاجرين فقط بعد أن يزيلوا العقبات القانونية التي تعوق عودتهم إلى الوطن. ويحدث هذا عادة قبل أيام من مغادرة المهاجرين إلى بلدهم.
وشدد جابر على أن هذه العملية تعني أنه لا يمكن للقنصلية أن تُبالغ في طلب الرسوم من النساء.
وعودة إلى غلوريا، فهي تقول إنها دفعت المبلغ المطلوب منها، والبالغ 1500 دولار على دفعتين في سبتمبر 2019، وفقاً للإيصالات، قبل شهرين من المواجهة في القنصلية.
كما اطلعت CNN على إيصالات بأسماء نساء كينيات مقابل أموال زعمن دفعها للقنصلية.
وقال جابر إن النساء الكينيات أحياناً "يطلبن من القنصل الاحتفاظ بالمال في القنصلية". وأضاف: "يأتين مع رواتبهن ولا يردن إعادتها إلى الوطن، لذا يطلبن من القنصل الاحتفاظ بالمال في القنصلية"، مضيفاً: "عندما يرغبن بالسفر أو إرسالها إلى كينيا، يأتين ويأخذنها من القنصلية".
وأوضح جابر: "لكن بالنسبة للعودة إلى الوطن الآن، لم يدفع أحد قرشاً واحداً. لا أحد".
ولكن الشهادة التي سمعتها CNN ترسم صورة لما ذكره جابر.
مخاوف من المضايقة والاعتقال
أكثر من 10 نساء تحدثت إليهن CNN أكدن على أن القنصلية ترفض بانتظام بدء عملية إعادة المرأة إلى الوطن حتى تتلقى رسماً، وهو ما يشرحه مسؤولو القنصلية بالقول "إن الرسوم تغطي الغرامات القانونية ونفقات الطيران."
ونادراً ما تبلغ النساء الكينيات الشرطة عن الرسوم الزائدة، خوفاً من المضايقة أو الاعتقال بسبب وضعهن غير القانوني.
وقالت ميليندا، عاملة منزل كينية، إنها تعرضت لسوء المعاملة في القنصلية، مؤكدة في حديثها لـCNN، أن مساعد القنصل جابر دفعها جسديًا خارج جناح مكتب القنصلية إلى ممر المبنى، خلال زيارة في يناير/كانون الثاني الماضي، عندما اتهمته باحتجاز أكثر من 1000 دولار كانت قد دفعتها مقابل رسوم العودة، فيما ينكر جابر الاعتداء الجسدي على امرأة كينية في القنصلية.
وأوضحت ميليندا، التي كانت لا تزال في لبنان وقت كتابة هذا التقرير، أنها كانت تدخر المال منذ 3 سنوات، علما أنها كانت تجني أقل من 15 دولارًا في الأسبوع.
وأضافت ميليندا لـCNN: "دفعني (جابر) من رقبتي إلى الباب"، موضحة: "في كل مرة أذهب فيها إلى المكتب كان يتشاجر معي. الآن لا أذهب إلى المكتب لأنني خائفة منه".
وفي أبريل/نيسان الماضي، كتبت مجموعة من المهاجرين الكينيين رسالة إلى سفارة الدولة في الكويت تتهم فيها القنصل الفخري في لبنان بالإساءة والإهمال الجسيم والإكراه لأداء عمل جنسي والإفراط في تكاليف الخدمات القنصلية.
وجاء في الرسالة: "على مدى السنوات العشر الماضية، شجع القنصل الفخري الأستاذ سيد شالوحي ثقافة الاستغلال والابتزاز في القنصلية الكينية في لبنان.. ندعو ... إلى إقصاء القنصل الفخري الأستاذ سيد شالوحي من منصبه واستبداله بممثل دبلوماسي يمثل بصدق وفعالية واحترام احتياجات الكينيين في لبنان، ولا سيما عاملات المنازل المهاجرات".
جائحة كورونا تؤجل التدخل
وفي ردها على الرسالة المؤرخة بتاريخ 18 مايو/أيار والتي اطلعت عليها CNN، قالت سفارة كينيا في الكويت إن "الشكاوى قد لوحظت، وأنه وعند رفع حظر السفر بسبب فيروس كورونا واستئناف المطارات عملياتها، ستقوم السفيرة وفريقها بزيارة لبنان، وعقد اجتماع مع الجالية الكينية لحل بعض القضايا ".
وقالت سفيرة كينيا لدى الكويت، حليمة محمود، في تصريح لـCNN إن "السفارة على اتصال مستمر مع القنصلية في بيروت وكذلك الكينيين في لبنان. وتعمل المؤسستان بشكل ملتزم ودون كلل لتعزيز رفاهية الكينيين في لبنان".
وأضافت السفيرة قائلة: "في ظل جائحة كورونا وحالات إغلاق الاقتصادات، فقد العديد وظائفهم. أنا على دراية بأن بعض الكينيين في بيروت فقدوا مصادر رزقهم، لكن السفارة والقنصلية تبذلان قصارى جهدهما في حدود التفويض التشغيلي".
وأشارت إلى أن "القنصل الفخري يهتم بجدية بالعديد من المسائل القنصلية المتعلقة بالكينيين في بيروت".
ولا شك أن الظروف الحالية جعلت طريق العودة للوطن أمر صعب بالنسبة لمجتمعات المهاجرين في لبنان، علاوة على ادعاء العديد منهم للإهمال من قبل قنصليات بلدانهم.
وهذا الشهر، قامت عشرات النساء الإثيوبيات المهاجرات بالاعتصام خارج القنصلية الإثيوبية في بيروت بعد أن قلن إن أصحاب العمل استغنوا عن خدماتهن ورفضوا دفع رواتبهن أو دفع ثمن رحلة العودة إلى الوطن. ولعدة أسابيع، رفضت القنصلية الإثيوبية السماح لهن بدخول أبوابها، ولكن بعد أن تعرضت لضغوط من النشطاء ووسائل الإعلام، قامت بتسجيل المئات لإعادتهن إلى بلادهن.
ولم تستجب القنصلية الإثيوبية لطلب CNN للتعليق.
ضغوط حقوقية
وعودة إلى قصة غلوريا والمواجهة التي تمت في القنصلية مما أدى بالنهاية إلى اعتقالها.
وتدعي غلوريا بأن شالوحي اتصل بسلطات إنفاذ القانون (الأمن) لاعتقالها، وهو ما نفاه جابر.
وقال جابر لـCNN: "الشرطة جاءت إلى القنصلية، ولسوء الحظ لم نتمكن من فعل أي شيء"، مضيفاً: "الشرطة اكتشفت أنها تقيم بشكل غير قانوني، واتُهمت بالدعارة وتواجه قضيتين ضدها، إحداهما الهروب (من رب عملها) والأخرى السرقة".
بالمقابل، قال مصدر في الشرطة استعرض ملف قضية غلوريا لـ CNN مؤكدا أن هذه المرأة الكينية لا تواجه تهم الدعارة أو السرقة. وقال المصدر إنها نقلت إلى مركز احتجاز المهاجرين بسبب وضعها غير القانوني وتم ترحيلها فيما بعد.
وشدد المصدر الشرطي قائلا: "بالتأكيد لا يمكن للشرطة الدخول إلى قنصلية دون موافقة القنصل. ليس لدينا الحق في القيام بذلك".
ووفقًا لاتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963، لا يمكن لسلطات الدولة دخول قنصلية أو سفارة ما لم يمنحها رئيس البعثة الدبلوماسية الإذن للقيام بذلك.
ورُحلت غلوريا من لبنان بعد ثلاثة أسابيع قضتها رهن الاعتقال. ومنذ ذلك الحين، حصلت (غلوريا) على عمل في دولة خليجية، لكنها قالت إنها لا تزال تفكر فيما جرى لها في القنصلية بلبنان.
وتقول غلوريا: "فكرت كثيرا في الأمر عندما غادرت لبنان.. وبماذا حدث لي؟ وبهذا الرجل.. قنصلنا. يجب أن يساعدنا عندما نذهب إلى هناك".
هذا، وتضغط الجماعات الحقوقية على البعثات الدبلوماسية، للقيام بواجبها حيال مواطنيها.
أخصائي الحالات في حركة مناهضة العنصرية، قال: "يجب على دول المنشأ أن تضع رقابة على سفاراتها وقنصلياتها للتأكد من أن مواطنيها لا يعاملون كأبقار لتحويل الأموال، بل كبشر"، مضيفاً: "باستثناء عدد قليل من البلدان، ينظر إليهم على أنهم أبقار نقدية".