هذا المقال بقلم الصحفي والكاتب الأردني باسم سكجها، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس وجهة نظر شبكة CNN.
في الوقت الذي يدخل فيه الأردن فضاءات جديدة من العمل الإصلاحي الداخلي، والتوسّع في الدور الاقليمي، بعد مرور غيوم "صفقة القرن" التي لم تشكّل إعصاراً من أيّ نوع، وإذا كانت أمطرت معه قليلاً، فقد تمّ استثمارها في إدارة ناجحة للأزمة.
في هذا الوقت، بالذات، تظهر ضجّة إعلامية عالمية عنوانها ممتلكات العاهل الأردني في الخارج، في بريطانيا وأمريكا، وفي تدقيق الأمر فالمسألة لا تتعدى 100مليون دولار وقليل، وبعض البيوت الموزعة بين البلدين، وهذا مبلغ لا يشكّل أكثر من عقار كبير في العاصمة الأردنية عمّان، يمتلكه مواطن أردنيّ ثريّ!
ما سمّي بـ"صندوق باندورا" لم يحمل في مضمونه ولو جزءاً يسيراً من الضجة الاعلامية التي مهّدت له، ولأنّنا في الشرق الأوسط، فسنتحدث عن منطقتنا، والمعنيون فيها سبعة أشخاص: ثلاثة من الأردن وعلى رأسهم الملك، وأمير قطر، وحاكم دبي، وشخصيتان لبنانيتان، وسياسي إسرائىلي يهودي من أصل عربي.
دولة قطر الأكثر ثراء في العالم، ولا نظنّ أنّ أميرها بحاجة إلى أيّ نوع من التهرّب الضريبي، أمّا حاكم دبي فهو باني أهمّ مدينة صاعدة في العالم، يشهد العالم لها وله، وأثرياء العالم يشترون فيها عقارات ويقضون إجازاتهم فيها، وليس سرّاً أنّ رئيس الوزراء اللبناني الجديد هو من أثرياء العرب، وأتت أمواله من خارج بلاده، وكذلك رئيس الوزراء السابق!
الكويت لها نصيبها من الأمر، ولعلّ شيوخها وحكامها الذين يحكمون منذ ثلاثمائة سنة هم الأبعد عن مواربة في الاستثمار الخارجي، فلديهم ما يكفيهم، والطريف أنّ هناك الأميرة المغربية التي تحكم أسرتها البلاد منذ 14 قرناً، وفهمكم كفاية في حجم الميراث المالي والعقاري الذي وصلها.
نصل إلى الأردن، فنبدأ ممّا ذكرته "الوثائق" عن عبدالكريم الكباريتي، رئيس الوزراء الأسبق، الذي أسس شركتين لهما علاقة بالكويت، وهو أصلاً رئيس مجلس إدارة البنك الأردني الكويتي، والغريب أنّه ردّ على تساؤلات القائمين ونشروا ردّه ولكنّهم أصروا على ذكر اسمه ضمن القائمة، وكذلك رئيس الوزراء الأسبق المهندس نادر الذهبي الذي أكّد لكاتب هذه السطور أنّه ردّ على تساؤلاتهم، حيث الشركتان لم تعملا، وأغلقتا قبل 6 سنوات، ومع ذلك تم وضع إسمه!
يبقى الملك عبدالله الثاني، الذي أصدر ديوانه بياناً شفافاً حول الأمر، واحتفظ بحقوقه القانونية، وفي العودة إلى الكتب والوثائق العتيقة فهي تتحدث عن أنّ والده الراحل كان يسكن في بيته في لندن في زياراته الرسمية، وكذلك في أمريكا، ولكنّ الإفصاح عن المواقع ظلّ خاضعاً للظروف الأمنية، المعروفة.
من المعروف أنّ الهاشميين حكموا الأرض الحجازية قروناً، وكانت لهم ممتلكات كثيرة هناك، وتمّ تسييل الكثير منها مالياً بعد إخراجهم القسري من هناك بسنوات، بقرارات من الحكم الجديد، ولنا أن نتوقع أنّها بمبالغ كبيرة جداً، وهكذا فنحن نتحدث عن ثروة، والمعروف أيضاً أنّه تمّ صرف الغالبية الغالبة منها في الأردن.
في تقديرنا أنّ "صندوق باندورا" ليس بريئاً في تركيزه على الأردن، وقطر ودبي والكويت ولبنان والمغرب، وفي توقيت نشره، وقد تمّ تسييسه للأسف من وسائل إعلامية عالمية كنّا نحتفظ لها بسمعة المصداقية التي ضاعت بالتسرّع، واللا مهنية، وربّما أنّ ما خفي كان أعظم، وللحديث بقية!