أمريكا ودول الخليج.. من "فك الارتباط" إلى "العودة وقت الحاجة"

الشرق الأوسط
نشر
4 دقائق قراءة
طائرات F-22 الأمريكية في قاعدة الظفرة الإماراتية
Credit: US Air Forces Central

أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أدى فك الارتباط المتصور من قبل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط إلى تحول استراتيجي في الأولويات الإقليمية مؤخرًا.

ربما دق جرس الإنذار حول انحسار المظلة الأمنية الأمريكية بأعلى صوت في العواصم العربية بعد هجوم 2019 على قلب الاقتصاد السعودي، الذي أثار رد فعل من واشنطن يبدو متذمرا في أحسن الأحوال.

كان التفكير هو أنه إذا لم يستطع دونالد ترامب - الذي يمكن القول إنه أقرب رئيس أمريكي لدول الخليج حتى الآن- مساعدتهم، فلن تتمكن أي إدارة أمريكية من ذلك. وبات يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها تتخلى عن الشرق الأوسط.

تم إلقاء اللوم على إيران في الهجوم الوقح الذي وقع قبل الفجر على منشآت شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط التي تديرها الدولة، مما أدى إلى توقف نصف إنتاج الخام السعودي، ودفع أسعار النفط للصعود بنسبة 19.5٪، وهو أعلى معدل على الإطلاق.

تاريخيًا، نص اتفاق غير مكتوب بين أمريكا وحلفائها العرب المنتجين للنفط على أن الولايات المتحدة ستوفر الحماية مقابل إمدادات ثابتة من النفط الخام للاقتصاد العالمي من منطقة تضم أكثر من ثلثي احتياطيات النفط العالمية المؤكدة. غالبًا ما اعتمدت الولايات المتحدة على دول الخليج لتعديل الإنتاج إذا كان سعر البرميل لا يتناسب مع مصالحها الاقتصادية، وغالبًا كانت الدول العربية ملتزمة.

لكن القلق العربي من تفكك هذا الترتيب أدى إلى العناد فيما يتعلق بسياسة النفط العربية، وربما الأهم من ذلك، أنه دفع بعض الدول إلى معالجة مصادر التهديدات لأمنها.

اختارت الإمارات العربية المتحدة، التي كانت نشطة عسكريًا في العديد من النقاط الساخنة الإقليمية توجيه سياستها الخارجية نحو "حسن الجوار" والمصالح الاقتصادية. وبدأت محادثات مع خصوم إقليميين مثل إيران، وتصالح مع تركيا، ومدت يدها إلى سوريا المنبوذة في المنطقة، ووقعت اتفاق سلام مع إسرائيل.

كانت الرسالة أن السياسة الخارجية ستعمل على حماية اقتصادها وأمنها في المستقبل.

لكن جاءت صدمة في يناير، عندما أصبحت هدفا لهجمات من قبل جماعة الحوثي اليمنية المتمردة بعد عامين من بدء سحب قواتها العسكرية من ذلك البلد. وقال الحوثيون المدعومون من إيران إن الضربات جاءت ردا على التدخل الإماراتي المستمر في شؤون اليمن.

وجدت الولايات المتحدة، التي كانت تحاول التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع رعاة الحوثيين في طهران، نفسها عائدة إلى دائرة الضوء في المنطقة. وقال الرئيس جو بايدن، الذي أزال الحوثيين من قائمة الإرهاب الأمريكية بعد أقل من شهر من توليه منصبه في عام 2021، إنه سيعيد النظر في هذه الخطوة. ودعت الإمارات، وهي من أقرب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، إلى مزيد من الإجراءات، بما في ذلك الدعم العسكري.

وقد التزمت الولايات المتحدة حتى الآن. الشهر الجاري، أرسلت الجنرال كينيث فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، إلى الإمارات لتعزيز دفاعات البلاد من خلال مساعدتها على استهداف الطائرات بدون طيار قبل إطلاقها. كما نشرت مدمرة بقدرات دفاعية صاروخية في مياه الإمارات، ووصل سرب من مقاتلات F-22 إلى أبوظبي هذا الأسبوع.

مع تركيزها الفوري على حشد القوات الروسية على حدود أوكرانيا، بالإضافة إلى قوة الصين المتنامية، فإن المصالح العسكرية للولايات المتحدة تتحول بعيدًا عن الشرق الأوسط. ومن المرجح أن يؤدي إبرام الاتفاق مع إيران إلى إضعاف التهديد والسبب الأساسي لوجودها القوي في المنطقة، مما يؤدي إلى مزيد من فك الارتباط.

لكن خشية ترك فراغ أمني لخصومها لملئه، يبدو أن الرسالة التي ترسلها أمريكا لدول الخليج هي أنه في حين أنها قد تغادر، فإنها ستعود كلما دعت الحاجة.