دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- نشر غرايمي وود الكاتب الصحفي بمجلة "ذا أتلانتيك" The Atlantic، الأحد، مقالا عن الجدل المثار بسبب حواره مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والذي نشر مقتطفات منه ممزوجة مع انطباعاته، الخميس الماضي، بينما نشرت وسائل الإعلام السعودية النص الرسمي للحوار بصيغة سؤال وإجابة.
وقال وود، في مقال الأحد: "بالطبع يجب على الصحفيين محاورة الحكام المستبدين، وأي شخص يقول لك خلاف ذلك فهو لا يفهم الهدف من الصحافة".
وتحدث وود عن ردود الفعل على التقرير الذي نشره صباح الخميس عن مقابلة محمد بن سلمان بعنوان "السلطة المطلقة"، قائلا: "بعد نشر تقريري، بدأت ماكينة الدعاية السعودية في العمل. بالنسبة لبقية اليوم، شاهدتها تعمل على محاولة إخفاء الأجزاء المزعجة، وتضخيم الأجزاء التي أحبتها الحكومة، والكذب بشكل مباشر بشأن أجزاء أخرى، مضيفا أنه كتب في تقريره "ملاحظات عديدة من شأنها أن تسجن صحفيًا سعوديًا (إذا كتبها) أو ما هو أسوأ".
وتابع وود بالقول: "أخبرني مصدران سعوديان أن دخولي للمملكة انتهى بعد نشر القصة، وأن ولي العهد لن يراني أبدًا مرة أخرى".
وادعى وود أن النسخة الرسمية السعودية للمقابلة التي نشرتها وسائل إعلام سعودية، حملت اختلافات عن المقابلة التي أجراها سواء بالحذف أو الإضافة أو التغيير.
وقال وود: "سربت الحكومة إلى قناة العربية الإخبارية السعودية نسخة محررة ومنسقة من المقابلة مع محمد بن سلمان التي أجريتها جنبًا إلى جنب مع رئيس تحرير The Atlantic جيفري غولدبرغ. كانت التعديلات السعودية الرسمية مفيدة، لأن المقارنة بين نسخهم وما قيل في الواقع ستوجهك إلى ما يرغب الفريق الإعلامي لولي العهد في قمعه - وهو دليل برعاية الحكومة إلى الأجزاء المثيرة للمقابلة (أو على الأقل التي اعتقدوا أنها يمكن أن تفلت بحذفها من السجل)".
وعدد وود بعض الأمثلة على الاختلافات، قائلا: "لقد ضغطنا على محمد بن سلمان بشأن مقتل جمال خاشقجي، وقدم ولي العهد عددًا من المزاعم الغريبة والمزعجة، بما في ذلك فكرة أنه لم يأمر بقتل خاشقجي ولكن إذا كان ليرسل فرقة اغتيال، سيرسل مجموعة على أعلى مستوى، وليس الخرقاء في إسطنبول".
ونقل وود عن ولي العهد قوله "إذا كنت ستجري عملية أخرى من هذا القبيل، بالنسبة لشخص آخر، يجب أن تكون احترافية ويجب يكون واحدا من بين أول 1000 شخص". وأضاف أن السعوديين غيروا ذلك في النص الذي نشروه إلى "إذا افترضنا جدلا أننا سنذهب لعملية من هذا القبيل، لكانت احترافية وشخص ما على رأس القائمة"، وأضافوا في النسخة العربية "لا سمح الله".
وتابع وود بالقول: "خلال المقابلة، ادعى محمد بن سلمان أنه ’لم يقرأ مقالًا لخاشقجي أبدًا‘. كان خاشقجي معارضًا بارزًا للغاية، وقد التقيا شخصيًا. بينما يتراجع النص السعودي عن هذا الادعاء غير المعقول، وينقل أنه لم يقرأ أبدا مقالا ’كاملا‘ لخاشقجي".
كما ضرب وود مثالا آخر على الاختلافات في النص السعودي للحوار حول الأزمة القطرية، قائلا: "سألنا كيف يمكن لمحمد بن سلمان أن يبرر سجن أولئك الذين خالفوا حصاره شبه الكامل لقطر بعد أن عكس هو نفسه سياسته تجاه قطر، دون تفسير، قبل أشهر من حديثنا. قال إن قطر وبلاده الآن ’مقربتان جدًا جدًا‘. لكنه أخبرنا أن السعوديين الذين دعموا قطر أثناء المقاطعة كانوا مثل الأمريكيين الذين ربما دعموا النازيين خلال الحرب العالمية الثانية. سأل ولي العهد ’ماذا تعتقد [كان سيحدث] إذا كان شخص ما يمتدح ويروج لهتلر في الحرب العالمية الثانية؟‘". وأضاف وود أن النص السعودي "يمحو المقارنة" بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وأدولف هتلر.
وأشار وود إلى مثالين آخرين مرتبطين بالشريعة الإسلامية والقانون، قائلا: "لقد تحدث محمد بن سلمان في السؤال عن الشريعة الإسلامية، وأخبرنا أنه حتى الجرائم التي تكون عقوبتها مفروضة إلهيًا لن تتم ملاحقتها بشدة".
ونسب وود لولي العهد قوله: ""حتى لو كان هناك عقاب إلهي على الزنا، فإن الطريقة التي يجب أن نحاكم بها هي كما فعل النبي. يجب ألا نحاول البحث عن أشخاص وإثبات التهم الموجهة إليهم. عليك أن تفعل ذلك بالطريقة التي علمنا بها النبي كيف نفعل ذلك". ثم قال وود إن "النص الرسمي يمحو هذا التعليق، الذي من شأنه أن يثير حنق الإسلاميين، لأنه يشكك في نقطة تجريم الجرائم العتيقة مثل الزنا".
وأضاف وود: "سألت عما إذا كان سيتم بيع الكحول بشكل قانوني في المملكة العربية السعودية، ولم أتلق أي رد. في هذه الحالة، تم حذف كلماتي من النص، على الأرجح لأن رفضه الإجابة على هذا السؤال يوحي بأن مثل هذا التغيير ممكن".
واعتبر وود أن "السعوديين أعدوا وليمة دعائية من المقابلة"، وقال: "قاموا بتداول تعليقات ولي العهد الأقل إثارة للجدل وزينوها بوجهه المبتسم، على وسائل التواصل الاجتماعي مع هاشتاغ مقابلة_ولي_العهد، وفي غضون دقائق من نشر القصة، انصبغت حساباتي على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل مصادر سعودية تشارك الأخبار ’العاجلة‘ التي تحدث عنها ولي العهد وأنه يعتزم مواصلة التنمية الاقتصادية للمملكة".
#لقاء_ولي_العهد مع صحيفة "ذا أتلانتيك": عندما ذهب فريقنا للقاء الأمير #محمد_بن_سلمان في قصره بالرياض، كنا نسمع أمور سيئة عنه في الخارج، خصوصا من قبل ابن سعد الجبري الذي نقل لنا معلومات مغلوطة عنه. وعند مقابلته وجها لوجه انبهرنا، لم نرى سوى قائد متواضع، صريح، وقوي، وذكي جدا https://t.co/XM7ffAahy6
وأضاف: "ثم أصبح الأمر أكثر إثارة للاهتمام. غردت The Saudi Post رواية عن المقابلة زاعمة أنها على لساني". وتابع بالقول: "هذه التغريدة والعديد من التغريدات المشابهة لها وهمية، وعلى الرغم من أنني أشرت إلى أن محمد بن سلمان ذكي وودود على المستوى الشخصي، فإن مقالتي تشير إلى أنه لم يكن ذكائه الذي أذهلنا، بل جنون العظمة والشفقة على النفس".
وقال وود: "بحلول الوقت الذي تقيم فيه ما حدث في إحدى مناوشات الحرب الإعلامية، تكون قد بدأت أخرى. يمكن للسعوديين المتحدثين باللغة الإنجليزية قراءة المقال بأنفسهم، وسيعرفون فورًا، من فقراته الافتتاحية، ووصف الموضوعات المحظورة مثل قتل خاشقجي وتقطيع أوصاله، ومناخ الخوف والقمع، وتعذيب وسجن المعارضين، وتشنجات وجه ولي العهد، أنهم لا يستطيعون نشر مضمون المقال دون مخاطرة شخصية".
وأضاف: "غرد العديد من السعوديين البارزين بشكل إيجابي حول المقال، وبالتالي أظهروا أنهم لم يقرأوه. هذا هو النهج العام أمام الأخبار السيئة: تظاهر بأنها أخبار جيدة، اكذب، اغمر المنطقة بما يعجبك، وتجاهل ما لا يعجبك".
واختتم وود مقاله قائلا: "لا يمكن لكاتب أن يمنع المستبد من إدارة عمله من خلال ماكينة الدعاية. لكن هذا لا يعني أنه لا ينبغي أبدًا الكتابة عن المستبدين أو طرح الأسئلة عليهم. إن حقيقة محاولتهم استعادة الاقتباسات واختراع القصص غير الموجودة تظهر أنهم يخشون القصة الموجودة بالفعل"، على حد تعبيره.