بيروت، لبنان (CNN) – خسر حزب الله اللبناني المدعوم من إيران الأغلبية النيابية في الانتخابات التشريعية، التي شهدت الثلاثاء، تحقيق خصومه مكاسب كبيرة بالإضافة لفوز عدد من ممثلي الاحتجاجات التي شهدتها البلاد ابتداء من عام 2019 بمقاعد نيابية.
وفازت مجموعات الإصلاح السياسي التي انبثقت عن احتجاجات عام 2019 بنسبة 10% من مقاعد البرلمان، ما يؤشر إلى حالة متصاعدة من الغضب الشعبي على الطبقة السياسية الحاكمة والتي اتُهمت بأنها المسبب الرئيسي في الانهيار الاقتصادي الذي تشهدته البلاد، علما أن الأحزاب التغييرية كسبت مقعدا واحدا في انتخابات عام 2018.
وحمل منتقدو حزب الله، الذي كان يمتلك أغلبية في البرلمان على مدار السنواب الأربع الماضية، الحزب مسؤولية الانهيار الاقتصادي في البلاد، في حين تملص الفريق السياسي المدعوم إيرانيا من المسؤولية مرارا، مدعيا أن الفساد المتفشي بين خصومه السياسيين هو السبب الرئيسي للانهيار.
وكانت قد تدهورت علاقات لبنان والسعودية بشكل كبير خلال فترة استحواذ حزب الله على الكتلة الأكبر في البرلمان اللبناني.
بالمقابل، كسب حزب القوات، وهو الحزب المسيحي المتحالف مع السعودية، مقاعد جديدة، في حين خسر حلفاء بارزون للرئيس السوري بشار الأسد مقاعدهم في البرلمان، على غرار طلال أرسلان ووئام وهاب.
ونجح مرشح تغييري في إزاحة حليف مسيحي لحزب الله، في الدائرة الثالثة في الجنوب، والتي استحوذ على أصواتها حزب الله وحلفاؤه منذ أن ترشحوا للمرة الأولى للانتخابات النيابية عام 1992.
واعتاد مرشحو حزب الله وحلفاؤه على كسب دعم منقطع النظير في الجنوب على مدار سنوات طويلة، حيث قاد الحزب مقاومة مسلحة أدت إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية عام 2000 بالإضافة إلى أن الجزب طور البنية التحتية في بعض هذه المناطق.
وقال الخبير في الانتخابات والحوكمة مارون صفير لـCNN: "لقد عمل المصوتون اللبنانيون على تكتيك اختراق معاقل القواعد الشعبية لحزب الله، وعلى إضعاف حليفه المسيحي الرئيسي وعلى إقصاء بعض حلفاء سوريا سيئي السمعة"، وأضاف: "وقد قاد التصويت إلى ولادة كتلة سياسية مستقلة بإمكانها التأثير على ديناميكية مجلس نواب منقسم بشدة"، حسب تعبيره.
ورغم الخسارة، نجح الحزب الشيعي الموالي لطهران في تعويض بعض خسائره عبر تحقيق مكاسب في الأوساط السنية التي كانت تصوت سابقا لمرشحي رئيس الورزاء السابق والزعيم السني، سعد الحريري، الذي اعتزل السياسة في وقت سابق هذا العام.
الخروج الدرامي لسعد الحريري من المشهد السياسي ترك أصوات السنة في المتناول، ورغم حصول معظم النواب التغيريين على أصوات عدة في مناطق سنية، إلا أن عددا كبيرا من الناخبين السنة خارج بيروت امتنعوا عن المشاركة في الانتخابات معربين عن غضبهم وامتعاضهم من الطبقة السياسية الحاكمة بسبب اتهامات الفساد وسوء الإدارة المرتبطة بها.
وتلقي الأمم المتحدة والبنك الدولي باللوم على الطبقة السياسية الحاكمة في قضية الانهيار الاقتصادي، والذي يعتبر أحد أسوأ الأزمات الاقتصادية التي شهدها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وشهدت الانتخابات مزاعم بوجود تزوير بالنتائج، وقال مراقبو الانتخابات الرئيسيون في لبنان، الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات، إنهم سجلوا 3600 خرق خلال الانتخابات الحالية.
وفي الوقت الذي يستعد فيه أعضاء البرلمان للقسم، ينتظر اللبنانيون الإجابة على سؤال ما إذا كان هؤلاء الساسة الجدد قادرين عن رفع المعاناة الاقتصادية والسياسية عن البلاد.
وفي وقت لاحق هذا العام، ستنتهي ولاية الرئيس ميشال عون، الحليف لحزب الله، ما قد يدفع بالبلاد إلى مزيد من المجهول، كما أن تشكيل حكومة جديدة قد يمثل مشكلة أخرى في ظل الاضطراب السياسي من شانها تعميق الأزمة الاقتصادية.
وتؤشر هذه التغييرات إلى "بداية مرحلة سياسية جديدة" وفقا لصفير، الذي أضاف قائلا: "من شأن هذه المرحلة إما أن تضع لبنان على الطريق الصحيح نحو الإصلاح أو أن تساهم بتزايد الانهيار نظرا للجمود السياسي والعنف المحتمل"، حسب قوله.