تقرير من إعداد نادين إبراهيم، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)
أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- حشدت الحكومة الإيرانية عشرات الآلاف من أنصارها، يوم الجمعة الماضي، في استعراض داخلي للقوة، بعد أسابيع من احتجاجات الأسعار، التي تحولت إلى أعمال عنف، مما أدى إلى اعتقالات وإصابات على مستوى البلاد.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن آلاف المؤيدين للحكومة احتشدوا خارج طهران، بينهم 50 ألفًا من الحرس الثوري وميليشيا الباسيج.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الاحتجاجات المناهضة للحكومة، التي تم الإبلاغ عنها في 40 مدينة وبلدة على الأقل في جميع أنحاء إيران، بدأت بسبب مسائل اقتصادية لكنها تحولت إلى سياسية، حيث ردد المتظاهرون شعارات مناهضة للحكومة وطالبوا بإسقاط النظام.
إليك ما تحتاج لمعرفته حول احتجاجات إيران الأخيرة:
متى بدأت الاحتجاجات وما الذي أثارها؟
في أوائل مايو، اندلعت الاحتجاجات في بعض المدن الإيرانية الأكثر فقرًا بعد أن خفضت الحكومة الدعم الحكومي للمواد الغذائية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 300٪ للعديد من المواد الغذائية التي تعتمد على الدقيق. كما ارتفعت أسعار السلع الأساسية الأخرى، مثل زيت الطهي ومنتجات الألبان. وقالت الحكومة إن هذه الخطوة تهدف إلى إعادة توزيع الدعم على ذوي الدخل المنخفض.
أدخل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تغييرات الدعم، التي تهدف إلى السيطرة على أسعار السلع الأساسية، في وقت سابق من الشهر الجاري في محاولة للتخفيف من تأثير ارتفاع أسعار القمح العالمية والعقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني.
نزلت حشود كبيرة إلى شوارع محافظة خوزستان الجنوبية الغربية للاحتجاج على ارتفاع الأسعار، وانتشرت الاحتجاجات في وقت لاحق إلى مقاطعات أخرى.
قال ذيب كالب، الزميل الزائر في مركز أبحاث Bourse & Bazaar Foundation، لشبكة CNN، إن معظم المتظاهرين كانوا من العاملين في القطاع العام. لكن من بين المتظاهرين أيضًا مدرسون وسائقون.
كان للتجمعات الاحتجاجية أصداء عام 2019، عندما خرج الكثيرون إلى الشوارع احتجاجًا على ارتفاع أسعار الوقود في الاحتجاجات، التي أصبحت الأكثر دموية منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.
هل الحرب الروسية على أوكرانيا لها علاقة بهذه الاحتجاجات؟
كان الاقتصاد الإيراني، الذي شلته العقوبات الغربية وجائحة كورونا، يكافح بالفعل من أجل التأقلم.
اعتبر كالب أن حرب أوكرانيا كانت "ضربة مزدوجة" لها. وقال: "بالإضافة إلى أسعار الخبز المرتفعة، فإن السعر المخفض لصادرات النفط والغاز الروسية إلى الصين جعل من الصعب على إيران بيع الهيدروكربونات لشريكها التجاري الأساسي".
تعد إيران واحدة من أكبر مستوردي القمح العالميين، حيث تعتمد على روسيا وأوكرانيا في ما يقرب من 40٪ من إمدادات القمح، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
منذ أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على نفطها في 2018، اعتمدت إيران على مشترين صينيين. لكن صادراتها من الخام إلى الصين تراجعت بشكل حاد منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، حسبما ذكرت وكالة رويترز، مضيفة أن بكين تميل بشكل متزايد نحو النفط الروسي المخفض حيث تواجه تلك الدولة عقوبات غربية بسبب حربها في أوكرانيا.
كيف كان رد فعل الحكومة على الاحتجاجات؟
اعترفت الحكومة بالاحتجاجات لكنها قالت إنها كانت تجمعات صغيرة. كما وصفت وسائل الإعلام الحكومية المتظاهرين بأنهم "مثيري شغب ومحرضون" وقالت إن العشرات اعتقلوا.
وقالت السلطات الإيرانية إن الاضطرابات الداخلية بشأن أسعار المواد الغذائية أثارها "أعداء أجانب" و"الشائعات والأكاذيب التي ينشرونها".
قال بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي داخل إيران إن خدمات الإنترنت تعطلت لكن المسؤولين الإيرانيين نفوا هذا الادعاء.
هل من المرجح أن يكون للاحتجاجات تأثير أوسع؟
كتب جيسون رزيان، مدير مكتب طهران السابق لصحيفة "واشنطن بوست"، في مقال رأي، أن الاحتجاجات لن تُسقط بالضرورة النظام الإيراني، لكن افتقار الحكومة للرد الكافي قد يسمح بتفاقم حالة الاستياء.
وقال: "في الوقت نفسه، ليس لدى النظام علاج لمجموعة الشكاوى الحالية"، مضيفا: "مما يعني أنها ستستمر، وستزداد تكرارا مع تزايد اليأس العام".
وتأتي الاحتجاجات أيضًا في الوقت الذي تحاول فيه إيران إحياء اتفاق 2015 مع القوى العالمية الذي حد من قدرات إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات. قد يؤدي تدهور الوضع الاقتصادي إلى زيادة حاجة إيران للتوصل إلى اتفاق، لكن طهران ظلت ثابتة حتى الآن على مطالبها.
وقال كالب: "خططت الحكومة الإيرانية لميزانيتها السنوية مع توقع ارتفاع عائدات النفط وربما تخفيف العقوبات". وأضاف: "نظرًا لأن أيًا من هذين الخيارين الآن يبدو غير مرجح، فلن أتفاجأ برؤية تدابير تقشف غير معلنة وقرارات لتقليص النفقات الاجتماعية في المستقبل القريب".