القاهرة، مصر (CNN) -- واصلت تداعيات الاقتصاد العالمي وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، تأثيرها على زيادة أسعار السلع في السوق المصرية، مما دفع الحكومة إلى تنظيم معارض للسلع بأسعار مخفضة، والإفراج عن كميات كبيرة من الأعلاف والمواد الخام للمصانع، فيما يتوقع خبراء أن يتجه البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة في أول اجتماع للجنة السياسة النقدية في عام 2023 للسيطرة على معدل التضخم.
ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية ليسجل مستوى 21.3% خلال شهر ديسمبر الماضي، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر عام 2017، ويتوقع استمرار ارتفاعه في ظل ارتفاع الدولار أمام الجنيه، والذي سجل أعلى مستوياته على الإطلاق وبلغ 29.96 جنيه للشراء، و30.06 جنيه للبيع بالبنك المركزي المصري بختام يوم الإثنين.
قالت رانيا يعقوب، خبيرة أسواق المال وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية، إن ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا أثر على زيادة الأسعار في مصر بشكل كبير خلال المدة الحالية، خاصة وأن مصر تستورد معظم احتياجاتها من السلع الاستراتيجية من الخارج، كما يشهد السوق المحلي ارتباكا في الأسعار، ودعت إلى ضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية على الأسواق، مشيرة إلى أن مصر ليست وحدها تعاني من زيادة الأسعار، وإنما يواجه الاقتصاد العالمي موجة تضخم مرتفعة.
ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت قيمة الواردات المصرية خلال أول 10 شهور من عام 2022 حوالي 80.7 مليار دولار مقابل 72.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021، رغم محاولات الحكومة ترشيد الاستيراد في بداية العام من خلال قرار تطبيق الاعتمادات المستندية.
توقعت يعقوب في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية أن تتجه لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة في اجتماعها نهاية الأسبوع؛ وذلك لارتفاع معدل التضخم بما يفوق مستهدفات البنك، مما يتطلب ضرورة زيادة الفائدة بنسبة تتراوح بين 1.5-2% للسيطرة على التضخم، مشيرة إلى أن بعض السلع واجهت ركودًا بعد ارتفاع الأسعار، مثل الأجهزة الكهربائية، والسلع الترفيهية، في حين مازالت السلع الغذائية تتميز بمرونة الطلب لم يؤثر على المبيعات.
وتعقد لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، أولى اجتماعاته في عام 2023 يوم 2 فبراير المقبل.
وقالت آية زهير، نائب رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، إن الحكومة المصرية تحاول السيطرة على ارتفاع أسعار السلع من خلال تنظيم معارض "أهلًا رمضان" على مستوى الجمهورية لعرض سلع بخصومات سعرية، كما تعمل على تشديد الرقابة على أسعار السلع الرئيسية وزيادة المعروض منها، مثل الإفراج عن كميات ضخمة من الأعلاف لخفض سعر الدواجن، رغم ذلك توقعت أن يستمر زيادة ارتفاع معدل التضخم ليصل إلى نسبة 25% خلال الربع الأول من العام الجاري بفعل استمرار ارتفاع الدولار أمام الجنيه، وتحريك أسعار المنتجات البترولية.
ويترقب أول اجتماع للجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية في عام 2023، للإعلان عن أسعار المنتجات البترولية، وتحدد اللجنة السعر وفقًا لثلاث عوامل وهي سعر خام برنت في البورصات العالمية، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتكاليف التداول.
واتفقت "زهير" في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، مع ما ذكرته رانيا يعقوب أن السيطرة على زيادة الأسعار ستتطلب زيادة أسعار الفائدة، مرجحة أن يكون الارتفاع بنسبة تتراوح بين 1-2% خلال أول اجتماع للبنك المركزي في 2023، على أن يستمر في الزيادة خلال النصف الأول من العام بإجمالي يصل إلى 3%، بهدف خفض التضخم، وتحويل سعر الفائدة الحقيقي ليصبح إيجابيا.
وقال الخبير المصرفي محمد بدرة، إن البنك المركزي سيتجه لرفع سعر الفائدة للسيطرة على التضخم، والذي زاد عقب التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه أمام الدولار مما أدى إلى تقارب في سعره مع السوق الموازية إلى حد كبير، متوقعًا أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة بنسبة 1% لكبح جماح التضخم، ووقف زيادة الأسعار في الأجل القصير.
واتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي على برنامج إصلاح اقتصادي جديد للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، وتضمن البرنامج التحول الدائم إلى نظام سعر صرف مرن، وخفض معدلات التضخم.
وأضاف بدرة في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن الحكومة تعمل على زيادة المعروض من السلع من خلال معارض أهلًا رمضان، إضافة إلى تشديد الرقابة على الأسواق للسيطرة على انفلات الأسعار، ومواجهة محاولات تخزين بعض التجار سلع غذائية قبل شهر رمضان المقبل.
وافتتحت الحكومة حوالي 200 معرض تحت مسمى "أهلًا رمضان" بكل المدن والقرى حول الجمهورية لعرض سلع بأسعار مخفضة، بحسب بيان لوزارة التموين والتجارة الداخلية.
وفي سياق آخر قال هاني ميلاد رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن الشعبة حذرت من تداول سبائك (بلدي) غير مدموغة في السوق بما يفتح المجال للغش التجاري والتلاعب بالمستهلكين، ولكنها غير مزيفة، موضحًا أن بيع السبائك غير المدموغة ليس قانونيًا، إذ يتطلب ضرورة دمغ السبائك من مصلحة الدمغة والموازين يوضح عيار ووزن السبيكة.
وأضاف ميلاد في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن ارتفاع سعر الذهب أثر سلبًا بشكل كبير على مبيعات المشغولات الذهبية، ودفع التجار إلى إنتاج مشغولات خفيفة الوزن تتماشى مع القدرة الشرائية للمواطنين، وهذا هو السبيل الوحيد لمواجهة زيادة الأسعار.
ويسجل الذهب عيار 21-الأكثر مبيعًا محليًا- أكثر من 1700 جنيهًا (56.5 دولار) للجرام الواحد، ويقترب سعر جنيه الذهب من 14 ألف جنيه (465.31 دولار).