القاهرة، مصر (CNN) -- نفى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وجود خلافات مع المملكة العربية السعودية، داعيًا وسائل الإعلام ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي إلى عدم الانسياق وراء محاولات إثارة الفتن، فيما أكد برلمانيون ورؤساء أحزاب، أن تصريحات الرئيس السيسي تؤكد رسميًا عدم وجود خلاف مع المملكة، وتجسد العلاقة القوية بين البلدين.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد شهدت مؤخرًا تدوينات ومقالات صحفية متبادلة بين كتاب من مصر والسعودية أوحت بوجود خلاف بين البلدين.
وقال السيسي، خلال افتتاح أحد المشروعات الصناعية، إن "سياسة مصر دائما تتسم بالاعتدال والتوازن والانضباط الشديد تجاه الجميع في الداخل والخارج".
وأضاف: "أتابع مواقع التواصل الاجتماعي، وأرى أحيانا حماسًا زائدا، لا أريد أن أقول تجاوزات"، موضحًا أنه لا يشير في حديثه إلى موضوعات داخلية، بل إلى "موضوعات خاصة بعلاقتنا مع أشقائنا"، مؤكدا أنه "أمر يجب الانتباه إليه جيدا لأنه يعكس مدى فهمنا وتقديرنا للعلاقات مع الأشقاء".
وحذر السيسي من الانسياق وراء ما وصفها بـ"المواقع المغرضة التي تريد "إثارة فتنة بيننا وبين الأشقاء"، ومن تداول "موضوعات دون أساس أو خلفية"، ومن الكلام عن "أمور قد لا يكون لها أساس من الصحة".
ودعا إلى قول "كلام طيب أو الصمت"، وقال إن "هذا الكلام ينطبق أيضًا على وسائل إعلامنا التي لا نتدخل فيها"، مضيفا أنه "لا يجب أن نكتب إلا لصالح تحسين ودعم العلاقات وليس العكس".
وكانت جريدة "الجمهورية" قد نشرت مقالًا لرئيس تحريرها عبدالرازق توفيق، اعتبره كثيرون هجوما وإساءة للسعوديين، لكنه لم يذكر أي دولة في ذلك المقال،قبل أن تقوم الجريدة بحذفه، وتنشر مقالا آخر لرئيس التحرير بعنوان: "القاهرة والرياض.. القلب النابض للوطن العربى"، مؤكدا على "التقدير والاحترام والاعتزاز والفخر بعلاقة مصر وشقيقتها المملكة العربية السعودية".
وأكد الرئيس المصري أن "علاقاتنا طيبة بالجميع، وهذا منهج نتبعه ليس من اليوم ولكن منذ تولي المسؤولية، ومسار ننتهجه حتى في أزمات وخلافات كبيرة، ورأيتم أننا كدولة لا نصدر تصريحات سلبية أبدا بل منضبطة جدا، وبالتالي لا تصح الإساءة لأشقائنا ولا ننسى وقفة أشقائنا معانا".
وأضاف: "سأقول فرضية غير موجودة، إذا كان هناك أزمة هل أطيل لساني وأقول كلاما غير منضبط، لا يليق أبدا عندما نقوم بذلك كمواقع التواصل أو حتى بعض المقالات التي أراها مع أشقائنا في المملكة العربية السعودية أو أي دولة". وتابع بالقول: "نحن حريصون وهذا توجه دولة، وأرجو أننا جميعا كمواطنين ننتبه ولا ننساق وراء مواقع تقصد الفتنة".
وكرر السيسي تأكيده على أن "علاقتنا طيبة بالجميع"، وقال: "حتى في أصعب الظروف - أنا لا أريد أن أقول أسماء دول الآن- ولكن كما ترون تجاوزناها، وكنت أعلم أنه حتى إذا كان هناك خلاف مع دولة شقيقة خلال السنين الماضية فسنتجاوزه"، في إشارة على ما يبدو إلى أزمة قطع العلاقات مع قطر التي انتهت بالتصالح بعد سنوات الخلاف.
واختتم السيسي كلمته قائلا: "إذا كان يوجد خط أو تصريح سنقوله كدولة بشكل رسمي، لكن إذا لم نصرح بذلك فهذا يعني أن الأمور كلها طيبة"، ودعا إلى الحذر وعدم الإساءة والعمل على تحسين العلاقات.
من جانبه، رأى الإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب المصري، أنه ليست هناك أزمة رسمية في العلاقات بين مصر والسعودية، و"ما حدث مجرد حرب إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي سعت إلى الإساءة للعلاقة بين البلدين"، وقال في تصريحات لـCNN بالعربية، إنه "لا توجد أي خلافات لمصر مع أي دولة عربية أخرى، خاصة وأن التحديات التي تواجه الأمة العربية في الوقت الحالي أكبر من أي خلافات أو محاولات للإساءة".
وأضاف بكري أن تصريحات السيسي "تنفي رسميًا وجود خلافات مع السعودية، وتعكس حقيقة المشاعر تجاه أشقائنا السعوديين"، وتابع بالقول إن "العلاقة المصرية السعودية تضرب بجذورها عمق التاريخ، وأي تجاوز في هذه العلاقة ينعكس بالسلب على البلدين".
وكانت آخر زيارة رسمية معلنة للرئيس عبد الفتاح السيسي، للرياض خلال شهر ديسمبر/كانون أول الماضي، والتقى خلالها بولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين على الصعيدين الاقتصادي والاستثماري، وتدشين المزيد من المشروعات المشتركة، وفقًا لبيان رسمي.
وأكد بكري أن "مصر لا تنسى دور السعودية في أحلك الظروف الصعبة التي عاشتها، خاصة بعد ثورة 30 يونيو". وقال بكري إن العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كان "أول من أيد هذه الثورة جنبًا إلى جنب مع دولة الإمارات، كما أن وزير الخارجية السعودي الراحل سعود الفيصل ذهب إلى الاتحاد الأوروبي ليمنع صدور قرار ضد مصر، وهدد بسحب الاستثمارات السعودية من الدول الأوروبية حال اتخاذ موقف ضد مصر".
وسبق أن أشاد السيسي، بدور المملكة العربية السعودية في مساندة "ثورة 30 يونيو"، مذكرًا بدور الأمير سعود الفيصل الذي سافر إلى باريس لدعم مصر خارجيًا وفقًا لتصريحات السيسي خلال مشاركته بمؤتمر "حكاية وطن" في عام 2018.
واستبعد بكري تأثير التراشق الإعلامي على مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقة بين مصر والسعودية، وقال: "نحن لا ننكر جهود السعودية ودورها في مساندة مصر، ونستنكر أي إساءة للعلاقة بين البلدين، فالشعبين المصري والسعودي شعوب عربية آمالها ومشاكلها واحدة، وتصريحات الرئيس السيسي رسالة للجميع بأن نترفع عن الإساءة، وأن نتوقف عن أي محاولة لإثارة الفتن؛ لأن العلاقة بين البلدين راسخة، خاصة وأنهما دولتان محوريتان في المنطقة".
من جانبه، قال سيد عبدالعال رئيس حزب التجمع، إن السيسي "يدرك أن العلاقات مع الدول العربية تبنى على أساس التاريخ المشترك في مواجهة المخاطر، وأن أفضل حل للخلافات مع الدول العربية يكون من خلال المناقشات وإيجاد صياغة توافقية، وبالتالي ليس دور الإعلام لتقديم نصائح أو انتقادات تعرقل هذه الطريقة الأخوية في حل الخلافات".
وأضاف عبد العال في تصريحات لـCNN بالعربية، أن مصر "ليست في خصومة مع أطراف دولية، إلا وفقًا لمصالحها، كما لا تراها خصومة، وإنما خلاف في تقديرات كل طرف لمصالحه سواء إذا كان هذا الطرف في علاقة استراتيجية مع مصر أو في إطار تكتل دولي مثل منظمة التجارة العالمية، والمنظمات المماثلة".
وبدوره، قال حسام الخولي نائب رئيس حزب "مستقبل وطن"، ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب بمجلس الشيوخ، إن "العلاقات بين الدول باقية بحكم المصالح، ولا يمكن أن تؤثر عليها مقالات صحفية أو تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي"، مضيفًا أن مصر "تمتلك علاقات رسمية وطيدة مع أشقائها من الدول العربية، وحتى على المستوى الشعبي يملك المصريون تقديرًا وحبًا للأشقاء العرب".