عمّان، الأردن (CNN)-- قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية فيصل الشبول، إن هناك "إشارات" تصل الأردن للذهاب نحو "التهدئة" في الأراضي الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي سيكون من "المهم إن تم الالتزام" بها خاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان، مجددا التأكيد على الموقف الرسمي الذي حذّر مرارا من التصعيد أو محاولة "العبث بالوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس".
وتحدّث الشبول، الذي يشغل أيضا موقع وزير الاتصال الحكومي في لقاء مع CNN بالعربية، عن عدة قضايا إقليمية بما فيها العلاقات مع دول الجوار، ومسارات التعاون مع العراق ومصر والإمارات والسعودية، فيما شدد على تمسّك الأردن بحقيقة ضرورة عودة سوريا إلى دورها "الأساسي في المنطقة وأن الأردن لن يجبر اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم" وأن العودة لابد أن تكون "طوعية".
وفي الشأن الفلسطيني، أكد الشبول على أن القمة الثلاثية التي جمعت قادة الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية مؤخرا، وما سبقها من تصريحات ملكية بما في ذلك رسالة الملك عبدالله الثاني لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في زيارته لعمّان، تضمنت "تحذيرات واضحة بأن العقيدة الأردنية في القضية الفلسطينية تتمسك بأن هذه القضية إن لم تحل حلا عادلا، لن يكون هناك استقرار في المنطقة"، موضحا أن " هذه في مفردات السياسة الأردنية يقين وقاعدة أساسية لدينا".
وأضاف الشبول بالقول إن العاهل الأردني "يستشعر الخطر دائما، وحذر حكومة اليمين الاسرائيلية من أي عبث في هذا الموضوع وفي ملف المقدسات الإسلامية والمسيحية والوصاية الهاشمية، لأن أثر ذلك لن يكون على المنطقة فقط بل أبعد".
وفي الوقت الذي وصف فيه الشبول القضية الفلسطينية بأنها أصبحت "من أعقد القضايا في التاريخ"، قال إن "العالم اليوم ليس منصفا في التعامل معها"، وإن كل "مشاريع الحلول التي طرحت لليوم لم تمنح الفلسطينيين أملا في حل عادل ودائم يحفظ دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني على حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ويحفظ أجيالهم القادمة".
وعن مخاوف الأردن حيال استمرار التصعيد الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والقدس مع اقتراب حلول شهر رمضان، قال الشبول إن هناك "إشارات تصل الأردن حول إمكانية التهدئة داخل الأراضي الفلسطينية وإن هناك توافقات عليها"، مضيفا: "وهذا مهم إن تم الالتزام بها". كما شدد مجددا على أن "مسألة الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية وعلى الحرم القدسي الشريف تحظى بإجماع دولي وأن هناك اتفاقا مكتوبا مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية".
وتابع الوزير الأردني بالقول: "الآن احترام هذه الوصاية ليس محل بحث ولا محل مساومة ولا محل تفاوض"، مؤكدا أن الملك عبدالله "أبلغ نتنياهو بوضوح أن التهدئة أساسية وضرورية للبحث عن حلول". وأشار الشبول إلى انشغال العالم اليوم بأوكرانيا والظروف الاقتصادية الصعبة التي تلت جائحة كورونا، قائلا إنه "يجب ألا تشغلنا عن القضية الفلسطينية. نحن مع الأشقاء الفلسطينيين في كل الظروف، وهذا ما أكده أيضا جلالة الملك في زيارته الأخيرة إلى واشنطن".
وعن مدى التوقعات بالالتزام بالتهدئة المحتملة في الأراضي الفلسطينية وتحديدا مع "حلول شهر رمضان في المسجد الأقصى والحرم القدسي"، قال الشبول: "نتأمل أن تكون الرسالة قد وصلت"، مؤكدا إيجابية الموقف الأمريكي الداعم، مضيفا: "لكننا تعوّدنا أن يعود الإسرائيليون بين فترة وأخرى، لتأجيج الوضع الأمني كما أن خطر الاستيطان يهدد كل فرص السلام، فلا يوجد سلام بدون سيادة فلسطينية على الأرض الفلسطينية".
الملف السوري
فتحت زيارة وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي إلى دمشق منتصف فبراير/شباط الجاري، لبحث الأوضاع الانسانية في سوريا في أعقاب الزلزال، تساؤلات حول تبعات هذه الزيارة التي تعتبر الأولى من نوعها لمسؤول أردني رفيع المستوى منذ 2011.
وقال الشبول إن الأردن الأقرب جغرافيا لسوريا التي تمر "بظروف معقّدة ومتداخلة وبتعدد الأطراف المؤثرة فيها منذ 2011"، وأضاف: "بالنسبة لنا تعتبر وحدة الأراضي السورية أساس لدى الدولة الأردنية، والسوريون هم من يقررون مآلات الأزمة الحالية. لا يزال موضوع الحدود وعمليات التهريب للمخدرات والأسلحة مقلق لنا ويرتّب علينا أعباء كبرى".
وفي ملف اللاجئين السوريين، أعرب الشبول عن أمله بأن تساعدهم الظروف على العودة الطوعية لبلادهم، وقال: "لن نجبر أحدا على العودة. العودة الطوعية هي الأساس لكننا نأمل أن تعي كل الأطراف المعنية في الموضوع السوري حقيقة أساسية مفادها، أن تعود سوريا دولة موحدة عربية ولدورها الأساسي في المنطقة".
وبيّن الشبول أن موقف الملك عبدالله الثاني في مكالمته الهاتفية مع الرئيس السوري بشار الأسد وزيارة وزير الخارجية الأردني لسوريا وتركيا، جاءت في إطار "ظرف إنساني خطير وكارثي"، وأضاف: "قمنا بالواجب ومازلنا نقوم بدعم الاشقاء".
إطارات التعاون الإقليمية
يكثّف الأردن تحركاته الإقليمية لبناء أطر تعاون استراتيجية، وحظي كلا من الإطار الثلاثي مع العراق ومصر والإطار الرباعي مع الإمارات والبحرين ومصر باهتمام رسمي أردني وتفاؤل حيال هذا التعاون، وفقا للشبول.
ويقول الشبول، إن الأردن يعوّل على الإطارين الثلاثي والرباعي عدا عن تعزيز العلاقات الثنائية مع دول هذه الأطر وغيرها، وأضاف: "لدينا آلية تعاون رباعية مع مصر والإمارات والبحرين، وبدأ الوزراء المعنيّون بعقد اجتماعات متصلة لتحديد أولويات المشاريع"، وتابع بالقول إنه في الإطار الرباعي هناك تركيز على مسألتين تشكلان أولوية للأردن؛ هما الأمن الغذائي، التي تبناها الملك عبدالله، وكذلك الأمن الدوائي وما يتصل بها من مشاريع الهيدروجين الأخضر والتعدين وغيرها.
وعن مستقبل التعاون مع العراق، أكد الشبول أن هناك جدولا زمنيا متفق عليه مع العراق، لتنفيذ مجموعة من المشاريع في مقدمتها مشروع الربط الكهربائي الذي أطلقت أعماله رسميا في أكتوبر/تشرين الأول 2022، والعمل جار به كما هو مقرّ بدءا من محطة التحويل الجديدة في منطقة الريشة الأردنية وصولا إلى الحدود العراقية.
وأشار الشبول إلى أن المسافة داخل الأراضي الأردنية وحتى الحدود العراقية تبلغ نحو 7 كيلومترات فقط حيث تم إنشاء المحطة، فيما تمتد المسافة للربط داخل الأراضي العراقية إلى 370 كيلومترا، مبينا أن الحكومة العراقية تعمل من جانبها ضمن أراضيها.
ولفت الشبول إلى أن مشاريع الربط الكهربائي الأخرى متواصلة، لكنه قال إن مشروع الربط الكهربائي مع لبنان "يمر بإشكاليات قانونية وظروف اقتصادية من جانبهم".
وأكد الشبول تفاؤل بلاده حيال تعزيز التعاون مع العراق في المرحلة المقبلة، إذ كانت المملكة الأردنية المحطة الأولى لزيارة رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني بعد تسلّمه مهامه، وقال: "الحكومة العراقية الجديدة تعمل على ترتيب أولوياتها بالتأكيد لكننا متفائلون وسنستمر في توثيق أوجه التعاون معهم"، مشيرا إلى المساعي المتواصلة في إنشاء مشروع المنطقة الاقتصادية المشتركة التي تعمل الفرق الفنية حاليا عليها وفقا للوزير وكذلك مشروع أنبوب النفط بين البصرة والعقبة الأردنية.
وفيما يتعلق بالعلاقات السعودية الأردنية، أكد الشبول "تاريخية" هذه العلاقات واستمرار المشاورات بين الملك عبدالله الثاني والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وقال الشبول إن هناك "اهتماما سعوديا" بالعديد من المشروعات الاقتصادية في الأردن، كما في مشروع المستشفى التعليمي الذي وقّعت اتفاقيته السنة الماضية عبر شركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار، مشيرا إلى أن وفدا وزاريا أيضا قد زار مشروع "نيوم" وأن التنسيق مستمر.
ولفت الشبول إلى أن الأردن يعمل على المضي قدما في مشاريع وطنية كبرى، مثل مشروع الناقل الوطني ومشروع شبكة سكة الحديد الوطنية بين العقبة ومنطقة الماضونة (جنوبي العاصمة عمّان).
إيقاف "تيك توك"
وعن إيقاف منصة "تيك توك" في البلاد منذ نحو شهرين، قال الشبول إن الحوار القائم مع إدارة المنصة حاليا هو حوار "قانوني تقني" من خلال قنوات الاتصال الرسمية المتخصصة، مضيفا: "سياستنا تعتمد الانفتاح الكامل على منصات التواصل الاجتماعي، لكن هذه المنصة بالذات ارتكبت من خلالها جرائم كبرى وتزييف للواقع في ظرف صعب مررنا به، وسياسة النشر تختلف عن المنصات الأخرى التي تستجيب في حال البلاغات كما أنهم أعلنوا عن شطب أكثر من 300 ألف مقطع فيديو متعلق بالأردن".
وشدد الشبول على أن "ما يهم الأردن، هو تطبيق معايير نشر واعتماد سياسات شبيهة بسياسات النشر لدى المنصات الأخرى"، مضيفا: "لقد وجدنا أن هناك حسابات تم إنشاؤها على عجل" في تلك الفترة.
وكانت السلطات الأردنية قد أعلنت في 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن إيقاف منصة "تيك توك" عن العمل في البلاد مؤقتا في بيان رسمي، قالت فيه إن منصّة “تيك توك لم تتعامل مع إساءة استخدام المنصّة من قبل مستخدميها سواء بتمجيد ونشر أعمال العنف أو دعوات الفوضى، بل وفي ترويج فيديوهات من خارج المملكة وتزويرها للتأثير على مشاعر المواطنين".
وتزامن الإيقاف للمنصة مع تنفيذ احتجاجات واسعة في البلاد حينها، رفضا لرفع أسعار المحروقات تخلل بعضها أعمال عنف.