رأي.. حبيب الملا يكتب لـCNN عن صناعة المحاماة وتنافسيتها في منطقة الخليج

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة
رأي.. حبيب الملا يكتب عن صناعة المحاماة وتنافسيتها في منطقة الخليج
Credit: Chris Jackson/Getty Images

هذا المقال بقلم الدكتور حبيب الملا، ‏الشريك المدير، مكتب حبيب الملا ومشاركوه. الآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

نشأنا وترعرعنا على مفهوم أن المحاماة عبارة عن مهنة. وزاد البعض على ذلك بأنها مهنة سامية وإنسانية. وذهب البعض إلى أكثر من ذلك فوصف المحاماة بأنها تسعى إلى رد الحقوق وانصاف المظلومين وإقامة العدل ونشر السلام على الأرض. وإذا صح ذلك فما بقى من دور للقضاء!

وفى الحقيقة فإن هذه الصفات قد تنطبق على كثير من المهن ولا تنفرد أو تتخصص بها المحاماة. بل أن هذه الصفات في رأيي الشخصي تنطبق على الشخص الممارس للمهنة أكثر من انطباقها على المهنة ذاتها. فقد يحدث أن يؤمن محام بقضية معينة أو بموضوع معين فيسخر وقته وعمله وجهده نحو هذه القضية وقد يقوم بكل ذلك بدون مقابل. ولكن هذا التسخير هو في النهاية عائد لطبيعة الشخص وليس مكتسبًا من المهنة بحد ذاتها وإلا لأسبغت المهنة على كل ممارس لها ذات الصفات.

واليوم، يمكن اعتبار مكاتب المحاماة جزءًا من صناعة الخدمات القانونية وتعتبر هي في حد ذاتها صناعة. وتضم صناعة الخدمات القانونية كيانات مختلفة مثل مكاتب المحاماة والإدارات القانونية للشركات والوكالات الحكومية والمنظمات غير الهادفة للربح التي تقدم خدمات قانونية للعملاء.

وتقدم مكاتب المحاماة مجموعة من الخدمات القانونية، بما في ذلك الاستشارات وتمثيل الموكلين وحل النزاعات للعملاء مقابل أتعاب. فى الحقيقة، تعمل شركات المحاماة كشركات تجارية، وتدر إيرادات من خلال الأتعاب التى تتقاضاها على خدماتها، وتوظف عددًا كبيرًا من المهنيين، بما في ذلك المحامين والمساعدين القانونيين وموظفي الدعم.

مكاتب المحاماة صناعة تقدم خدمات قانونية للأفراد والشركات والهيئات الحكومية. وتشمل الصناعة مجموعة واسعة من شركات المحاماة، بما في ذلك الممارسين الفرديين والشركات الصغيرة والشركات متوسطة الحجم والشركات الكبيرة متعددة الجنسيات.

وعادة ما تتضمن عناصر الصناعة ما يلي:

1. المدخلات: وتشمل المواد الخام والعمالة ورأس المال والطاقة اللازمة لإنتاج السلع والخدمات.

2. عملية الإنتاج: تشير إلى الأساليب والتقنيات المستخدمة لتحويل المدخلات إلى منتجات تامة الصنع.

3. المخرجات: وتشمل السلع والخدمات التي تنتجها الصناعة والتي تُباع للمستهلكين.

4. هيكل السوق: يشير إلى طبيعة المنافسة في الصناعة، بما في ذلك عدد الشركات وحجمها، ومستوى تركيز السوق، ودرجة التمايز بين المنتجات.

5. طلب ​​السوق: يشير إلى رغبة المستهلكين وقدرتهم على شراء السلع والخدمات التي تنتجها الصناعة.

6. المشاركون في الصناعة: ويشمل ذلك الشركات والموردين والمشترين والعاملين والوكالات الحكومية المشاركة في الصناعة.

7. قنوات التوزيع: يشير هذا إلى القنوات التي يتم من خلالها تسويق السلع والخدمات وبيعها للمستهلكين، بما في ذلك تجار الجملة وتجار التجزئة ومنصات التجارة الإلكترونية.

8. اللوائح: وتشمل القوانين والسياسات واللوائح التي تحكم الصناعة والمشاركين فيها، مثل قوانين العمل واللوائح البيئية والسياسات التجارية.

9. التطورات التكنولوجية: يشير هذا إلى تطوير تقنيات جديدة ومحسنة يمكن أن تؤثر على عملية الإنتاج وطلب السوق على سلع وخدمات الصناعة.

تشترك شركات المحاماة والصناعات في بعض أوجه التشابه في طريقة عملها وخدمة عملائها. تشمل بعض أوجه التشابه ما يلي:

1. تقدم كل من شركات المحاماة والصناعات خدمات أو منتجات للعملاء. فبينما تقدم مكاتب المحاماة خدمات قانونية، تقدم الصناعات مجموعة واسعة من السلع والخدمات.

2. تتمتع كل من شركات المحاماة والصناعات بهيكل هرمي بمستويات مختلفة من الموظفين، من الموظفين المبتدئين إلى الإدارة العليا.

3. تلتزم شركات المحاماة والصناعات باللوائح والقوانين التي تحكم مجالات تخصصها. بالنسبة لشركات المحاماة، يشمل ذلك قواعد السلوك المهني والأخلاقيات، بينما بالنسبة للصناعات، يمكن أن يشمل لوائح البيئة والعمل والسلامة.

4. تعتمد كل من شركات المحاماة والصناعات على التكنولوجيا لتبسيط العمليات وتحسين الكفاءة. بالنسبة لشركات المحاماة قد يشمل ذلك أنظمة إدارة المستندات، بينما بالنسبة للصناعات، يمكن أن يشمل الأتمتة والروبوتات.

6. يجب على شركات المحاماة والصناعات أن تتكيف باستمرار مع التغيرات في أسواقها، بما في ذلك التغييرات في احتياجات العملاء، والمنافسين الجدد، واللوائح المتغيرة.

ومع نمو الاقتصاد العالمي وزيادة الطلب على الخدمات القانونية، أصبحت الصناعة القانونية مساهمًا مهمًا في اقتصادات العالم وتوظف عددًا كبيرًا من المهنيين، بما في ذلك المحامين والمساعدين القانونيين وموظفي الدعم.

أتوقع أن تشهد الفترة المقبلة ضغطًا على مكاتب المحاماة خاصة في منطقة الخليج. والسبب في ذلك شدة المنافسة من المكاتب الدولية خاصة مع انفتاح أسواقنا أمام الاستثمار الأجنبي والخدمات المرافقة لها ومنها مكاتب المحاماة. بالإضافة إلى التغيرات التكنولوجية المتسارعة وأدوات الذكاء الاصطناعي التي قد تغري البعض بالاستغناء عن بعض خدمات مكاتب المحاماة.

فى السابق كان التواجد في الساحة لمكاتب المحاماة الفردية وبعض الشراكات الثنائية. وحاليًا توجد بعض الشراكات الجمعية. وأتوقع مع ازدياد المنافسة وارتفاع التكاليف أن تكون الشراكات الجمعية هي النموذج الأمثل لاستمرارية مكاتب المحاماة خاصة لو استطاعت هذه المكاتب أن تحقق لها وجودًا إقليميًا.

ويظل هناك بالتأكيد مستقبل للممارسين الفرديين والمحامين الأفراد. إذ بينما شهدت الصناعة القانونية اتجاهًا نحو شركات المحاماة الأكبر، لا يزال هناك طلب على المحامين الأفراد الذين يمكنهم تقديم خدمات متخصصة ومركزة للعملاء. وغالبًا ما يكون للممارسين الفرديين والمحامين الأفراد معرفة وخبرة متخصصة في مجال معين من القانون، والذي يمكن أن يكون جاذبًا بشكل خاص للعملاء الذين يحتاجون إلى خدمات متخصصة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للممارسين الفرديين والمحامين الأفراد تقديم أسلوب عمل شخصي ومرونة أكثر للعملاء، يمكن أن يكون جذابًا لبعض العملاء الذين يرغبون في علاقة فردية أكثر مع محاميهم.

علاوة على ذلك، سهلت التطورات التكنولوجية على المحامين الأفراد إدارة أعمالهم وتقديم خدماتهم للعملاء. ولقد جعلت أدوات البحث القانوني عبر الإنترنت ومنصات الاتصال الافتراضية وأنظمة إدارة المستندات من الممكن للمحامين الأفراد العمل بكفاءة وفعالية أكبر، حتى عند العمل بمفردهم.